2020/06/13

لا يمكن إزاحة حكومة الفرقاطة بدون تحييد مصراته

 التفكير الرجعي دائماً يكون مختلفاً عن التفكير المستقبلي، فنحن هنا نتعامل مع اليقين، أما التفكير المستقبلي فهو يبنى على قاعدة التكهّن والإحتمالات. (كتب هذا المقال على الفيسبوك بتاريخ 27 مايو 2020).
حينما يتم تحييد مصراته فسوف يتم تحرير العاصمة بدون أية صعوبات، وقد يجنّب ذلك العاصمة الكثيرمن الخسائر البشرية والخسائر العمرانيّة. تلك الحقيقة يجب بأن تكون قيادة الجيش على دراية تامّة بها ويتوجّب على قيادة الجيش تركيز كل الخطط المستقبليّة على هذا الأساس.
بكل تأكيد يمكن القول بأن قيادة الجيش ربّما تعرف بأن هزيمة مصراته ليست من الأمور المتيسّرة، وعلى أنّ الجيش في وضعه الحالي لا يستطيع تحييد مصراته. في مثل وجود ذلك السيناريو، على قيادة الجيش أن تقلع عن مشروع دخول العاصمة وأن تفكّر في أشياء أخرى يمكنها عملها مثل تأمين الجنوب والبدء في المساهمة في تعمير بنغازي بمساعدة تلك الدول التي تساند الجيش مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية وفرنسا وربما إيطاليا أيضاً.
لا يمكن دخول العاصمة بدون إبعاد مصراته نهائيّا عن ميادين المعارك، وأعتقد بأن الجيش يعرف يقيناً ماذا يعني ذلك، وأظنّه لو ركّز على مصراته فقد يتمكّن من إبعاد تلك المدينة المارقة من طريقه ومن بعدها فسوف يصبح تحرير العاصمة ليس أكثر من مسألة وقت.
حينما يتم تحييد مصراته وإبعاد كل العابثين في العاصمة منها فقد يحتضن قادة المليشيات "الطرابلسيّة" الجيش الوطني وقد يرحّبون به بينهم بدون حاجة الجيش لقتال أيّ طرف منهم. ذلك بكل تأكيد سوف يحمي العاصمة من الدمار ويحافظ على حياة وأمن سكّان المدينة، التي هي عاصمة كل الليبيين والليبيّات.
بكل تأكيد على قيادة الجيش أن تبحث عن طرق وآساليب لإستمالة قادة المليشيات الطرابلسيّة النقيّة، وأنا قد أقترح هنا بعضها:
1- أن تتم تسوية الوضعية المستقبلية لقادة تلك المليشيات كأن يعطوا رتباً عسكريّة ولا مانع بأن تكون مجزية، وأن يصدر أمراً واضحاً لا لبس فيه يقضي بإعفائهم من كل ما فعلوا، وأن يعفوا من المحاسبة من أجل تحقيق الأمن والسلام في بلادنا.
2- أن يعطوا الإختيار في أن يتم تعيينهم في السفارات الليبية في الخارج كملحقين عسكريين.
3- أن يعطى لهم الإختيار بترك السلاح في مقابل مساعدتهم على إنشاء مشاريع ربحيّة كتأسيس شركات إستثماريّة أو تشجيعهم على دخول ميدان المقاولة للمساهمة في مشاريع إعادة التعمير.

حينما يثق قادة المليشيات في قيادة الجيش فإنّهم سوف يرحّبون بدخول الجيش لميدان الشهداء ومن بعدها تنتهي المعارك ويتجنّب سكّان العاصمة خسائرها المتوقّعة.
أريد أن أعود وأكرر هنا وفي نفس السياق بأّنك كقائد عسكري لايمكنك أبداً أن تتقدّم إلى الأمام وتترك ظهرك مكشوفاً. لا يمكنك أن تنجح في تقدّماتك مهما كانت باهرة طالما أن عدوّك يبقى حراً طليقاً وبكامل عتاده من خلفك. هذا الكلام ينطبق على زوارة، والزاوية ، وغريان، وأكثر من نصف الزنتان. تلك المدن يجب ويجب ويجب تحييدها بأية طريقة وبأيّ شكل قبل الشروع في إقتحام العاصمة، وذلك من شأنه أن يطمئن الجيش على سلامة ظهره ويكون أيضاً مطمئناً بالكامل على سلامة أفراده ويظمن حفاظه على ما يحققه من إنتصارت في ميادين القتال. ذلك أيضاً سوف يرفع من كفاءة قدرات الجيش ويحسّن من أداء المنتمين إليه، لأن التركيز حينها سوف يكون مصبوباً على الجبهة الأمامية ولا غير.
نعم... كانت هناك الكثير من الأخطاء في محاولات الجيش الدخول للعصامة من بينها بكل تأكيد تلك الموافقة على الهدنة ممّا أعطى للسراج ومن ورائه الفرصة لجلب الأسلحة والمرتزقة لليبيا. هناك بكل تأكيد القفز فوق مصراته، وترك تلك المدينة لتي يعرف كل ليبي وليبية بأنّها هي سبب كل مشاكل ليبيا منذ عام 2011، وكان ذلك واضحاً للعيان في أحداث غرغور ومن بعدها بكل تأكيد عملية"فجر ليبيا" و"القسورة" وموانئ النفط، ومنافسة الجيش في تحرير سرت من الإرهابيين. هناك أيضاً في الغرب الليبي مدينة الزاوية ومدينة زوارة... تلك المدينتين كانتا تثيران الكثير من المشاكل ولكن بعيداً عن الأنظار، وكان على الجيش تحييدهما أوّلاً وقبل مجرّد المحاولة لدخول العاصمة. تلك الأخطاء كانت كبيرة وكانت بكل تأكيد إستراتيجية، ومن حقّنا كمحبين لليبيا أن نتحدّث عنها بكل حرية؛ وعلى قيادة الجيش النظر فيها بكل أريحية وبكل مسئولية حتى لا تتكرر الأخطاء من جديد. مازالت مصراتة تقع قبل طرابلس من الشرق، ومن ثم فلابد... لابد من تحييد مصراته بالكامل ومهما تطلّب الأمر قبل التفكير في العودة إلى محاصرة العاصمة أو التفكير في دخولها.
أتمنّى بأن تكون هذه النقاط المنشورة أعلاه ذات فائدة لقيادة الجيش إن كان هناك من بوسعه أن يرفعها إلى هناك، وأتمنّى بأن نتعلّم من أخطائنا خلال السنة الماضية على الأقل. علينا بأن نحلم "كلّنا" بدولة عصرية ومدنيّة ومتحضّرة تحكم بالمنهج الديموقراطي السليم، وتكون فيها رغباتنا وطموحاتنا كلها من أجلها وليس من أجل أنفسنا....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك