2012/11/05

ميليشيات يجب أن تذهب

 الثورة والدولة لا تلتقيان.... فهما طرفي نقيض لا يتواءمان أبداً. على الثورة أن تنتهي أو أن يتم إنهائها من أجل إفساح الطريق أمام الدولة كي تتكوّن... لا يوجد في مثل هذه الأمور أي حل وسط. 

ثقافة الثورة والثوّار يجب محوها من قاموس حياتنا اليومي إن كنّا أردنا بالفعل الإنطلاق إلى الأمام. لقد جرّبنا الثورة لأكثر من 42 سنة لكنّها لم تجلب علينا إلاّ الدمار والخراب. 

لا أدري لماذا يصر البعض (الثوّار) على تكرار مسلسل الطاغية القذّافي؟. الثورة يجب أن تنتهي اليوم ليبدأ بناء الدولة. 
لا يمكن للثورة والدولة أن تتعايشا مع بعض، فالأوّل مخرّب والثاني باني والفرق بينهما كبير.
متى يبلغ البنيان يوم أشدّه . . . . . إن كنت تبنيه وغيرك يهدم؟.

الحجاج بن يوسف الثقفي (41 - 95 هـ) سياسي أموي وقائد عسكري، ولد في الطائف بالحجاز سنة 41 للهجرة، وتزوّج ابنة المهلب ابن أبي صفرة.
لعب الحجاج دوراً كبيراً في تثبيت أركان الدولة الأموية، فسيّر الفتوح، وخطّط المدن، وبنى مدينة واسط، ويعد من الشخصيات المثيرة للجدل في التاريخ الإسلامي والعربي، عُرف بـ (المبير) أي المبيد.

في خطبته الشهيرة في الكوفة أوّل ولايته على العراق قال:
يا أهل العراق يا أهل الشقاق و النفاق و مساوئ الأخلاق ، و الله إن كان أمركم ليهمّني قبل أن آتي إليكم ، و لقد كنت أدعوا الله أن يبتليكم بى، و لقد سقط منّي البارحة سوطي الذي كنت سأؤدّبكم به، فإتّخذت هذا مكانه – وأشار إلى سيفه – ثم قال : و الله لآخذنّ صغيركم بكبيركم، و حرّكم بعبدكم، ثم لأرصعنّكم رصع الحدّاد للحديدة، ولأخبزنّكم خبز الخباز للعجينة.
أما و الله إنّي لأحمل الشرّ محمله، وأحذوه بنعله، وأجزيه بمثله، وإنّي لأرى رؤوساً قد أينعت و حان قطافها وإنّي لها، وإنّي لأنظر إلى الدماء بين العمائم و اللحى . وإني و الله يا أهل العراق ما أغمز كغمّاز التين، ولا تقعقع لي بالشنّان و لقد فرزت عن ذكاء، و جريت إلى الغاية القصوى .
إن أمير المؤمنين عبد الملك نشر كنانته ثم عجم عيدانها فوجدني أمرّها عوداً و أصلبها مكسراً، فوجّهني إليكم فإنّكم طالما أوضعتم في الفتن و سننتم سنن الغي. أما و الله لألوحونّكم لحو العود، ولأعصبنّكم عصب السلمة، ولأضربنّكم ضرب غرائب الإبل .
إني و الله لا أعد إلا وفيت، و لا أخلق إلا فريت، فأيّاي وهذه الجماعات و قيلاً و قال، و ما يقول و فيم أنت ذاك . و الله لتستقيمنّ على سبيل الحق أو لأدعونّ لكل رجل منكم شغلاً في جسده أو لأهبرنّكم بالسيف هبراً يدع النساء أيامى، والولدان يتامى، وحتى تمشوا السُمهى و تقلعوا عن هواها.
هل يستطيع الدكتور علي زيدان قراءة مواقف هذا الرجل وتعلّم كيف تكون القيادة في مجتمع منفلت لا يريد أن يفهم ولا يريد أن يستقيم؟. إنّنا والله قد نحتاج إلى مثيل للحجّاج بن يوسف الثقفي... ربّما أرحم قليلاً، فإنّنا لا نستطيع أن نصبر على ما صبر عليه أهل العراق في ذلك الوقت وربما الآن أيضاً.
هل سوف يتمكّن الدكتور علي زيدان وطاقمه الوزاري من أجتثاث هذه الخلايا السرطانيّة (الميليشيات المسلّحة) التي بدأت تنتشر وتنزرع في أوصال ليبيا الحبيبة وتنتهك كل حشاياها وتعتدي على حرماتها وخواصها؟.
"ثوّار" يعتدون على السيادة الليبيّة 

شهد المؤتمر الوطني يوم الثلاثاء الماضي إكتساحاً كاسحاً من قبل "الثوّار" بقيادة عضو المؤتمر "صلاح بادي" وهو ضابط سابق في سلاح الطيران وقائد لقوّات الثوّار في مصراته ساهم في تحرير مصراته وكان على رأس قوّة مسلّحة من مصراته دخلت مدينة بني وليد ضمن قوّة درع ليبيا بهدف "تنظيف" بني وليد من أزلام الطاغية القذّافي وفقاً للقرار رقم "7" الشهير.

الحاج صلاح بادي يقود الثوّار لتحرير بني وليد من "الأزلام" 

يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو:

الملازم طيّار صلاح بادي أصبح عضواً في المؤتمر الوطني عن مصراته لكنّه إعترض على بعض الوزراء في حكومة الدكتور علي زيدان فقرّر إقتحام قاعة المؤتمر الوطني - بينما أعضاء المؤتمر مازالوا منهمكين في إجتماع هام للإستماع للدكتور على زيدان وهو يعلن أسماء حكومته المقترحة - على رأس قوّة مسلّحة من مصراته بلغ قوامها كما قيل حوالي 200 مقاتل مدجّجين بأسلحة عديدة بما فيها أسلحة مضادّة للطائرات وصواريخ.
بمجرّد إقتراب هذه القوّة المدجّجة بالسلاح إلى فندق ريكسوس حيث مقر المؤتمر الوطني إرتعب أفراد القوة الخاصّة التي أوكل إليها حماية المؤتمر فإنسحبوا بدون مقاومة تاركين الطريق مفتوحة أمام "ميليشيات" مصراته المسلّحة لتدخل إلى قاعة المؤتمر بدون رادع مما أحدث الرعب بين أعضاء المؤتمر الذين إضطرّوا للهروب من الباب الخلفي لقاعة المؤتمر. على إثر ذلك أضطر رئيس   
المؤتمر إلى إيقاف الجلسة وكان ذلك ربّما أوّل تحدّي للديموقراطيّة في ليبيا وعلى هذا القدر من إستعراض القوّة المسلّحة من قبل "الثوّار".

السؤال البسيط الذي يفرض نفسه: هل يحق للثوّار مهما أبلوا في الحرب ضد الطاغية القذّافي أن يقفوا ضد الديموقراطيّة نفسها التي قالوا بأنّهم ثاروا من أجل تحقيقها لمجرد أن بعض الوزراء لم يعجبوهم مع أن من كان يتواجد داخل المؤتمر هم ممثلي الشعب الذين إختارهم الشعب الليبي في إنتخابات ديموقراطيّة كانت نزيهة ونقيّة بشهادة مختلف المراقبين الدوليّين؟.

هل تدفع مثل هذه الحادثة المخلصين من أبناء ليبيا إلى المطالبة بإلغاء كل الميليشيات المسلّحة مهما كان دورها في حرب التحرير والإعتماد على جيش وطني موحّد يستلم أوامره من قيادة وطنيّة تمثّل كل ليبيا؟. هل يجوز السكوت على الإعتداء على السيادة الوطنيّة وبهذا الشكل الفج مهما كانت المبرّرات؟ .وماذا عن الإلتزام الأخلاقي والمهني للثوّار الشرفاء الذين لم يثوروا من أجل ملء الجيوب وفرض أنفسهم على الآخرين بقوّة السلاح؟. هل يوجد في ليبيا ثوّار حقيقيّون لا يهمّهم من الدنيا غير صلاح البلد وسلامتها مع ترك الجوانب الفنيّة والسياسيّة لمن يفهمها؟ هل نعود من جديد للتشكيك في أعضاء المؤتمر بعد أن إخترناهم في إنتخابات حرّة ونزيهة؟. هل يعتبر رأي الفرد أقوى من رأي الشعب من خلال ممثّليه المنتخبين لمجرّد أن الفرد يوجد تحت تصرّفه وإمرته قوّات تحمل السلاح الفتّاك؟. هل يجوز الإحتكام إلى قوة السلاح في بلد ديموقراطي يسعى متثاقلاً لبناء نفسه من أجل فرض الأمر الواقع؟. أسئلة حائرة لكنّنا كليبيّين وليبيّات نعرف الإجابة "السهلة" عليها، غير أنّنا وللأسف مازلنا عاجزون عن الإهتداء للحل الجذري لهذه القضيّة الملحّة.رد عليّ أحد القراء قائلاً: أخي محمد أرجو ان نكون موضوعيين ودقيقين في نقل الاخبار اولا ثم تحليلها . لا ادري كيف نقلت هذه المعلومات وتفاصيلها وبعضها مبني عل كلمه (يقال) . فروايتك للحدث تعارضها روايات اخري لا تصوره بهذه الكيفيه . لا ادري من اين اتي هذا الاسم والصاق مصراته بهم (كثر اللغط والكلام على ميليشيات مصراته) .
فان كان هناك افراد مسلحون من اي مدينه فهم يمثلون انفسهم ولهم اسمهم وربما اسم كتيبه او اي مسمي اخر . وحتي ان كانو كما قيل 200 مدججين بالسلاح . وايضا من كان في الاعتصام او الاحتجاج او السطو المسلح . كانو من جميع المدن اذا اردنا ان ننسبهم لمدنهم . ما فعله هؤلاء خطأ و لا يقبل ولا يجوز استخدم القوه والسلاح لبسط رأي او التعبير عن احتجاج ولا يشفع لهم ان كانو من الثوار او غيره . ولكن ان نأخذ مدينه بجريره افرادها فهذا نقص في الميزان . ونعم للجيش وطني نظامي ليبي ليس له ولاء الا للوطن ولكن كما كان في مشكله بني وليد ليس لدينا هذا الجيش الآن فلقد دمره الطاغيه و هذه التشكيلات من الثوار نسميها ما نسميها هي من يقوم مقام الجيش في هذه المرحله ويجب ان يكون هناك برنامج جاد وعملي من الحكومه لتنظيم وفك هذه التشكيلات من الثوار تحت جناح جيش وطني ليبي.
فرددت على الأخ القارئ بالقول.... إلى أخي صاحب التعليق المنشور أعلاه: الأخبار المنشورة أعلاه كانت قد أذيعت في قاعة المؤتمر الوطني على لسان أحد الأعضاء، وكان ذلك علنيّاً ولم تكن الأخبار المنشورة أعلاه مجرّد إشاعات فعلينا ألاّ نستمر في طمر رؤوسنا في الرمال.
الذي "قيل عنه" كان هو "العدد" وليس الحدث، ولا أعتقد بأن أحداً قام بعدّ المسلّحين حينها فالوضع كان متأزّماً جدّاً ولم يكن هناك وقتاً للقيام بعملية العد !. علينا أن نتعامل مع ليبيا كبلد وليس من خلال مناطقنا حتى يكون نقاشنا من أجل الإصلاح. إن الدفاع الأعمى عن الخطأ لا يصلحه أبداً وعلينا أن نراعي الله فيما نقول.
وختاماً أقول.... إن القضيّة هي أبعد بكثير من مجرّد هجوم مسلّح من عضو مؤتمر على قاعة المؤتمر... إنّه هجوم على الشرعيّة... على السيادة... هجوم علينا جميعاً كليبيّين وليبيّات والحل في مثل هذه الأمور يجب أن يكون حلاًّ رادعاً وحاسماً ووقتيّاً.
الحل من وجهة نظري يكمن في إخراج هذا العضو من المؤتمر وإبطال عضويّته لأنّه إعتدى على سيادة البلد، وعلى الدائرة التي إنتخبته أن تنتخب عضواً آخراً بدله. هذا هو الحل والذي يجب أن يكون منصوصاً في لائحة المؤتمر الوطني الداخليّة، بل وفي تشريع البلد (الدستور). 
وسؤال بسيط قبل أن أختتم: هل يستطيع المؤتمر الوطني عزل هذا العضو لأنّه إستخدم السلاح ضد الشرعيّة (السيادة) الوطنيّة؟.
أنا أعرف الإجابة مسبقاً: لا يستطيع المؤتمر الوطني عزل هذا العضو لأنّ من يحميه ويقف وراءه هو "السلاح" و"الميليشيات المسلّحة". أليس في هذا دعوة للإنتقال من الثورة إلى الدولة، وهل مثل هذه الدعوة تضر بأحد من الحريصين على مصلحة ليبيا ورفاهيّة أهلها؟.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك