2020/02/15

ثورة الكرامة إستحوذ عليها أتباع النعامة

الشرفاء دائماً يفعلون ويذهبون، أمّا الحقراء فإنّهم ينتظرون ثم يترقّبون، ثم حينما تحين فرصهم يغنمون.
في مثل هذا اليوم من عام 2011 خرجت صيحة مدوّية من داخل ليبيا لتسمع الطاغية ولأوّل مرّة لأكثر من 40 سنة... لتسمعه ما كان يرتعب من سماعه... "الشعب يريد تغيير النظام". كانت تلك العبارة لها وقع الصاعقة على نظام الطاغية معمّر القذّافي، وكان قد سمعها لأوّل مرة من بنغازي... نعم من بنغازي.

بنغازي في عام 1975 خرج شبابها - وكنت أنا منهم - لأوّل مرّة ضد نظام الطاغية القذّافي، وكانت أحلامهم حينها متواضعة ولم تتجاوز المطالبة بإطلاق سراح وتأمين بعض الطلبة الذين أمسكت بهم أجهزة أمن القذّافي لأنّهم "كانوا يتآمرون على الثورة" !!.

بنغازي أُسكتت في عام 1975، لكن بنغازي لا تعرف الخضوع ولا ترضى بالطغيان مهما طغى صاحبه وتجبّر. سكتت بنغازي إلى حين، وحينما حانت اللحظة الحقيقيّة للمطالبة بالحريّة، خرجت بنغازي الأبيّة فكانت بصدق منارة للحريّة.

وعودة إلى يوم الثلاثاء 15 فبراير 2011 حينما بدأ العد التنازلي لنظام حكم طاغية فرض على الشعب الليبي لأكثر من أربعة عقود من الزمان... عودة إلى تلك الأيّام الذهبية في تاريخ الشعب الليبي حينما كانت الإنتفاضة شبابيّة وكانت الثورة حقيقيّة وكانت بالفعل من أجل الإنعتاق والحريّة.

كان حينها كل الخائفين والمرتجفين والحالمين بالسلطة، كانوا مازالوا يرتجفون في مخابئهم وهم لا يمتلكون من صفات الرجولة ما يدفعهم للخروج مع الشباب دعك من تقدّم الصفوف لقيادة ثورة التحرر. حينما عرف الحالمون بالسلطة بأن الرجال كانوا بالفعل قد قاموا بالثورة وبأن الطغيان كان قد إنهزم... حينها، وحينها فقط خرجوا هم من جحورهم وتبنّوا ثورة الشباب ليتركها الشباب لهم كي يتنعّموا بالمجد الذي كانوا يحلمون به وإذا به في ذلك اليوم قد وضع بين أيديهم ، بينما قرّر شباب ليبيا الأنقياء العودة كل إلى عمله لأنّه كان قد نجح في أداء مهمّته بكل إقتدار. من بعدها خرج الجبناء من جحورهم لينتهزوا حالة الهلع التي أصيب بها الطاغية وهزّت أركان حكمه، فإذا بهم يجدوا أنفسهم يستولون على سلطة كانوا يحلمون بها منذ زمن طويل وطويل جداً لكنّهم أبداً لم يكونوا يمتلكون الشجاعة ولم يكونوا يمتلكون الرجولة ولم يكونوا يحلمون بشئ إسمه التحرّر؛ فالحريّة هي الكلمة التي لم يجدوها في كتبهم الصفراء، والحريّة هي الكلمة التي كانوا دوماً يرتعبون من سماعها.

كانت تلك هي الومضات الأولى لثورة الشباب في مثل هذا اليوم من عام 2011، وكانت بعدها ببضعة أيّام حينما سقط الطاغية وتسارع الطغاة الذين كانوا مختبئين ليركبوا موجة التحرّر ويتحوّلوا هم إلى "ثوّار" وأصحاب قرار بعد أن عرفوا بأن نظام الطاغية الذي كان يخيفهم ويرعبهم ويكبت الكلمات في حناجرهم كان قد زال وإنتهى وإنهار.

حينها لم يخجلوا من أنفسهم ولم يعترفوا بمصالحاتهم مع النظام وبمراجعاتهم التي تنازلوا بها عن أفكارهم ومعتقداتهم حتى ينالوا رضاء الطاغية ويحظوا بعطفه وحنانه بل وببعض من دنانيره التي قذف بها إليهم حينما أخرجهم من بيوت ضيافته بعد أن نجح في تدجينهم وتحويلهم إلى خراف طائعة وحملان ضائعة لكنّهم كانوا فرحين بذلك اليسير الذي تحصّلوا عليه مقابل حملهم لأسمال "ملك الملوك" بين أيديهم حتى لا تلامس الأرض وهو يمشي متباهياً بين خدمه الجدد الذين تبنّوا أفكاره وأعلنوا ترحيبهم بمشروع "ليبيا الغد" بل وإستعدادهم لعمل أيّ شئ بإسم الإسلام من أجل إنجاح مشروع "ليبيا الغد" للإبنه ووريثه سيف الإسلام.

المهم أن أولئك وغيرهم من كان يتعايش على المعونات الإجتماعية في بلاد أوروبا "الكافرة" ومعهم أولئك "المغاوير" الذين عادوا لتوّهم من مغارات وحفر وبلاليع تورا بورا هم من "فجأة"عادت إليهم الشجاعة وتحوّلوا إلى فرسان مغاوير بعد أن عرفوا وأيقنوا وتأكّدوا بأن نظام الطاغية الذي كانوا يناصرونه ويحمونه قد إنتهى وزال. حينها بالفعل قلنا ومازلنا نقول بأن ثورة الشباب الشرفاء كان قد إستحوذ عليها بكل غدر وإستخفاف أولئك الحقراء والذين مازالوا وللأسف يحتكرونها حتى ذكراها التاسعة الغرّاء.... كل عام وأنتم بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك