2020/01/31

تركيا تتبرّج وجيشنا يتفرّج

 في هذه الحياة قد تكون ذكيّاً وقد تكون منتبهاً وقد تكون أفضل من غيرك، لكنّك دوماً عليك بأن تكون منتبهاً. فكما هي الحياة بين يديك، فهي أيضاً بين أيدي الآخرين... فعليك بأن تكون منتبهاً وأن تبقى حذراً.
أنا سبق لي وأن قلت بأن قرار وقف إطلاق النار كان خدعة غربيّة تهدف إلى إيقاف زحف الجيش نحو العاصمة لتحريرها ومن ثمّ تحرير كل ليبيا. بعد أن تتحرر كل ليبيا يعرف العالم - كل العالم - بأن ذلك يعني إلغاء إتفاق الصخيرات وإنهاء حكومة الصخيرات، الأمر الذي لا ترغب فيه أوروبا ولا أمريكا؛ ذلك لأن إنتصار الجيش وإنهاء حكومة الإنتداب السرّاجيّة يعني بكل وضوح وبكل صراحة إنهاء لعبة الأمم المتحدة في ليبيا وتحوّل ليبيا إلى الحكم الوطني الذي لا ترغبه تلك الدول التي دمّرت الجيش الليبي في عام 2011 وأخضعت ليبيا لقرارات مجحفة من "المجتمع الدولي" أدّت إلى إفتكاك القرار الوطني من أيدي الليبيين وتسليمه لقوى خارجيّة كي تفعل في ليبيا وبليبيا ما تشاء، ومثالنا الواضح هو العراق منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا.
كان الجيش الوطني الليبي على مشارف ميدان الشهداء بالعاصمة وكان بوسعه دخول العاصمة منتصراً بدون أية عراقيل قبل قرار وقف إطلاق النار المشئوم، وكان من الممكن جداً قطع الطريق... كل الطريق على المساعي التركيّة لنشر الفوضى في ليبيا أسوة بما حدث في سوريا.
أنا طالبت في مقال سابق وقبل موافقة قيادة الجيش الوطني المفاجئة والغير متوقّعة على "أمر" وقف إطلاق النار من قبل تركيا وروسيا.... طالبت وبكل صراحة بأن لا تقبل قيادة الجيش "مؤامرة" وقف إطلاق النار، لكنّها وللأسف وافقت على ذلك القرار المدسوس والتآمري على الجيش الليبي من قبل أردوغان الحقير والذي كان قد نسج مخطّطاً رهيباً للضحك على الجيش الليبي والتمدّد في ليبيا تحت مظلّة وقف إطلاق النار تلك.
تبيّن الآن وبكل وضوح بأن خدعة قرار وقف إطلاق النار المستعجل تلك والتي صدرت بصفة "الأمر" كانت في جوهرها مؤامرة مبرمجة وكان قد سبق الإعداد لها بكل خبث وبكل ذكاء من قبل خبراء السياسة والإستراتيجية في تركيا، وما وجود روسيا كمشارك لتركيا إلّا للتغطية وإصباغ لوناً مختلفاً على ذلك الإتفاق المؤامرة حتى تنخدع به قيادة الجيش... وبالفعل إستطاع أردوغان الضحك المكشوف على قيادة الجيش.
اليوم نحن نرى وبالمكشوف بأن تركيا تكدّس كل أسلحة الدمار في طرابلس وفي مصراته وربّما في الغرب في زوارة وفي زلطن وفي العسّة، ونرى مع كل ذلك الناطق الرسمي بإسم القيادة العامة وكذلك مسئول الجهاز الإعلامي بالقوّات المسلّحة وهما يتباكان في كل يوم ويباشران في سرد عدد المرتزقة الجدد الذين دخلوا البلاد، وكذلك كميات وأنواع الأسلحة التي تأتي بها تركيا إلى ليبيا ونراهما يخاطبان "المجتمع الدولي" وكأنّي بهما لا يعرفان كيف يفكّر ذلك المجتمع الدولي.
يا سادة - بدءاً - من قيادة الجيش وإنتهاء بأولئك الذين يتحدّثون بإسم الجيش الوطني ويعقدون المؤتمرات الصحفية أمام وسائل الإعلام مع الترجمة للغة الإنجليزيّة... أقول لكم جميعاً إن ذلك المجتمع الدولي الذي تحاولون التواصل معه وإبلاغه بما يحدث، هو يعرف يقيناً كل ما يحدث في ليبيا، لكنّه غير مهتم وغير مستعجل على فعل أي شئ وكأنّي بذلك المجتمع الدولي كان قد أسرّ لأردوغان بأن يفعل ما يريد وأن لا يخاف من أحد.
أيّها السادة في قيادة الجيش وفي جهازها الإعلامي... إن تركيا لا تلعب ولا تمزح ولا "تبصّر" عليكم. إن تركيا تعني كل ما قاله أردوغان، وهي مصمّمة على هزيمة الجيش الوطني وفرض طغمة الإخوان على الشعب الليبي لتحكمه بالحديد والنار. إن تركيا يأيها السادة في قيادة الجيش الليبي تعرف وتعني ما تريد، وهي مقدمة على تنفيذ خطّة أردوغان بحذافيرها، وتركيا يا أيّها السادة إن كنتم لا تعلمون هي دولة كبرى وربما حتى عظمى قياساً بما نملك نحن لردعها أو حتى تعكير الإجواء عليها. تركيا تمتلك ترسانة كبيرة وقوية وحديثة من الأسلحة الفتّاكة، وتركيا تصنع الكثير من سلاحها، وتركيا لا يوجد في ذلك "المجتمع الدولي" من سوف يردعها أو يوقفها أو حتى يغيّر من برامجها بخصوص ليبيا. إن "المجتمع الدولي" هو مجتمع منافق وكذّاب، ولا همّ له في ليبيا غير فرض التبعية على الشعب الليبي وفرض ديمومة الفوضى على بلادنا كما سبق له وأن فعل في العراق.
إن كان للجيش الوطني أية قدرات تستطيع فعل أيّ شئ على الأرض، فعلي قيادة الجيش أن تسرع وتسرع وتسرع قبل أن تسيل الوديان التركية من تحتها. إردوغان يا سادة يعني "بيزنس" بالفعل، وهو يقدر، فلا تعطوا له أية فرصة ليفعل ذلك. لو أن قوّات أردوغان سيطرت على ليبيا وهزمت الجيش الليبي فلنقل حينها على ليبيا السلام، ولنعترف من بعدها بأننا إنتهينا كدولة وتشرّدنا كشعب كما حدث في سوريا وفي الصومال من قبلها وربما في اليمن أيضاً.
على قيادة الجيش - إن كانت تقدر - أن تعبر إلى ميدان الشهداء الآن وليس غداً، ومن بعدها إلى مصراته ثم الخمس. لابد لقيادة الجيش أن تفعل أيّ شئ الآن؛ وإلّا قسماً بالله فإنّها سوف تخسر كلّ شئ.... ويشهد الله بأنّني بلّغت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك