2019/07/17

غباءاتكم تقودكم إلى تعاسة مآلاتكم

قد تكذب على نفسك، وقد تكذب على الناس؛ لكنّك أبداً سوف لن تقدر بأن تكذب على الله. الله يعلم ما تسرّه في نفسك، وبما تفكّر به في سرّك، وبما توسوس لك به أوهامك....فكن صادقاً مع نفسك ومع غيرك تسعد في حياتك.
تم بعد ظهر هذا اليوم تسليم المتهم الثاني في تفجيرات الملهى في مانشيستر عام 2017 والتي كانت قد أودت بحياة 22 بريئاً لم يكن لهم من ذنب سوى أنّهم خرجوا للترفيه على أنفسهم في مدينتهم التي كانوا يحبّونها، وإبتهاجاً بمغنّيهم الشهيرة التي كانوا يعشقونها.
الشاب سلمان العبيدي وأخوه هاشم العبيدي كانا قد تم الضحك عليهما وهما شابّان يافعان بريئان من قبل تجّار الدين في مانشستر، وتم بعد ذلك إغرائهما بالجنّة إن هما قاما بعمل "يرضي الله" وفي "سبيل دينهما" وذلك بالإنتقام من "المشركين".
تم تدريبهما وتسميم عقولهما ثم تركا لينالا مصيرهما المحتوم، بينما تنعّم من كان السبب في غسل مخاخهما بالحياة الدنيا ورغد العيش.
المعروف أن والدهما رمضان بلقاسم العبيدي هو من مواليد القبة في شرق البلاد في ديسمبر 1965 قبل أن ينتقل إلى طرابلس بداية الثمانينيات لاستكمال دراسته العسكرية؛ وفي عام 1987 تخرّج من الكلية العسكرية حاملاً رتبة رئيس عرفاء، وأثناء دراسته بطرابلس تعرّف إلى صديقه "محمد العماري زايد" أحد الناشطين بالجماعة الإسلامية المقاتلة (العماري نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق حاليا) وعن طريقه إنخرط في نشاطات الجماعة.
وبعد تضييق نظام القذافي على الجماعة هاجر العبيدي صحبة العماري وإثنين آخرين من أعضاء الجماعة سراً إلى السودان ومنها إلى بريطانيا في عام 1991م حيث تحصل على اللجوء السياسي بحجة كونه ضابطاً في قوات الجيش الليبي، وكان قد أضطر للهرب من ليبيا بسبب معارضته لحكم القذافي.
لم يعرف عن رمضان العبيدي مشاركته في نشاطات الجماعة القتالية في أفغانستان وغيرها، لكنّه برز كرجل إتصالات ناجح في أوساط الجماعة، وعن طريق مهمته هذه تعرّف إلى الكثير من قيادات الجماعة الذين إرتبط بعلاقة وثيقة معهم كأمير الجماعة عبدالحكيم بلحاج وسامي الساعدي وخالد الشريف وغيرهم.
إثر إعلان قيادات الجماعة الإسلامية المقاتلة في سجون القذافي عن مراجعاتها الفكرية وتخلّيها عن السلاح، كان العبيدي من ضمن المجموعات المنتمية للجماعة التي رجعت إلى ليبيا في عام 2008م، ومنذ ذلك التاريخ إستقر العبيدي في شقته بحي بن غشير وسط العاصمة ومارس أعمال التجارة.
برز رمضان العبيدي مجدداً إثر إندلاع ثورة فبراير ضد نظام القذافي من خلال تواجده في غرف نشاط الجماعة المتجدد في تونس، ومنها إلى الجبل الغربي لينتهي به المقام مجدداً في طرابلس إثر سقوط النظام.
لم يعرف عن العبيدي أي نشاط سياسي أو قتالي طيلة المدة الماضية، لكن الخلافات التي حدثت في صفوف الجماعة المقاتلة إثر إعلان أميرها عبد الحكيم بلحاج عن تأسيس حزب الوطن إنضم العبيدي لجناح قيادي بارز في الجماعة ثمّ إنشقّ عنها ليؤسس حزبا سياسيا عرف بإسم حزب الأمة، ولم يتحصّل على نتائج في إنتخابات عام 2012م البرلمانية تخوّله للحصول على مقاعد في المؤتمر الوطني العام.
لكن العبيدي كان من الشخصيات النشطة في جناح سامي الساعدي، الذي تمكّن من إحتواء المفتي حينها الصادق الغرياني وشخصيات قاعدية أخرى من أمثال عبد الوهاب القايد شقيق أبويحيى الليبي نائب أسامة بن لادن في تنظيم القاعدة. وفي عام 2014م كان العبيدي من ضمن الشخصيات التي قادت عملية "فجر ليبيا"، والتي دمّرت المطار ثم إستولت على العاصمة.
المهم في الأمر، أن رمضان العبيدي كان من الجماعات الدينية المتشدّدة والتي تمتهن العنف لتحقيق غاياتها في السيطرة والتسلّط على رقاب البشر بهدف نشر أفكارها المضلّلة وترهاتها التي تؤمن بها. هذا الرجل العنفواني المتشدّد كان من الرجال البارزين في سلطة حكومة الوفاق، وكان مسئولاً أمنيّاً فيها، وهذا ربّما يفسّر مساعي الجيش الوطني للقضاء على تلك الجماعات وتخليص العاصمة من أفعالهم الحقيرة.
السيّد رمضان العبيدي كان له ولدان جميلان وكان إبنه الأكبر سليمان قد بدأ دراسته الجامعيّة حينما دعاه الفكر المتشدّد الذي تعلّمه من أبوه ومن تلك الجماعات المتخلّفة التي كانت أسرته تختلط بها سواء كان ذلك في مانشستر أو في ليبيا، حين دعاه ذلك الفكر المتشدد إلى ممارسة العنف وقتل الناس الأبرياء بحجّة أنّهم من الكفّار. وكان أن إنحرف الشابان عن الحياة القويمة فوجدا من يدفعهما إلى القيام بأعمال دنيئة وحقيرة "بإسم الله"، وكانت عملية التفجير في مانشستر التي راح ضحيّتها 22 نفساً بريئة من هالي مانشستر، بالإضافة إلى الشاب إبن ال22 ربيعاً سليمان العبيدي فذهب إلى نار جهنّم بكل يقين حيث قال الله تعال: {{مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}}... وكان سليمان العبيدي قد قتل أنفس بغير أنفس أو فساد في الأرض، فهو يقيناً كمن قتل الناس جميعاً وعذابه سوف يكون قاسياً يوم القيامة.
أمّا أخوه الأصغر منه هشام العبيدي والذي كان قد شاركه في التخطيط المبيّت لتفجير الملهى قبل أن يعود إلى ليبيا ربما لأخذ بعض المستلزمات أو لتلقي التعليمات، فكان أن فجّر أخاه الملهى بينما هو مازال في ليبيا يتنعّم في بيت والده الذي سمح له بذلك النمط التشددي في الحياة، وكان أن قامت قوّة الردع بالقبض عليه وإيداعه السجن رغم أن والده كان من جماعة فايز السرّاج، لكننا بالطبع نعرف علاقة السرّاج بتلك المليشيات في العاصمة. المهم في الأمر أن قوّة الردع كانت قد إعتقلت هشام العبيدي ووالده حينها، لكنّها أخلت سراح الوالد حينما برأته الشرطة الإنجليزية، وإحتفظت بالإبن إلى أن تتم الشرطة البريطانية تحقيقاتها والتي أفضت فيما بعد إلى إتهام هاشم العبيدي مباشرة بالتخطيط للهجوم المشئوم، وكان أن طالبت الحكومة البريطانية حكومة السرّاج بتسليم هشام العبيدي لها. حكومة السرّاج كما نعرف لم تكن تملك أية سلطة أو سيطرة على قوة الردع ومن ثم فلم يتمكّن السرّاج من تلبية طلب مناصرية ومؤيدي مجلسه الرئاسي في بريطانيا إلى أن حان الوقت بحيث إلتقت مصالح السرّاج في البقاء في السلطة والسيطرة مع مصالح المليشيات التي تحتل العاصمة بعد قرب إقتحام الجيش الوطني لها في معاقلها في وسط العاصمة، وطمعاً في عون بريطانيا لهم من أجل "إلحاق الهزيمة" بالجيش الوطني، قام السرّاج صباح هذا اليوم بتسليم هشام العبيدي للإنجليز لكنني أظن بأن الحسابات كانت خاطئة والوقت كان متأخّراً جداً؛ فالجيش الوطني أصبح الآن ينتظر الإشارة للدخول إلى ميدان الشهداء... وسوف تصدر الإشارة قريباً جداً، وحينها فسوف لن تنفع بريطانيا السرّاج بعد أن إستلمت منه ما تريد وبدون أي وعد بدفع أي مقابل.
من هنا نرى بأن رمضان العبيدي كان قد خسر نفسه وخسر ولديه، وبأن السراج كان قد تنازل عن أحد مواطنيه بدون مقابل، وبأن المجرمين أبناء العبيدي سوف ينالا عقابهما من الله على ما إقترفاه من جريمة كبرى في حق الإنسانيّة..... وسوف ينتصر الجيش الوطني بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك