2019/05/22

يا حضرات... إن الرفق بالبشر يأتي قبل الصيام والصلوات

 الإسلام هو دين الرحمة والتعاطف ونشر رسالة الحب بين البشر قبل أن يكون مجرّد ركوع وسجود ومظاهر وسعي حثيث نحو الجنّة. الجنة يعمل لها ولا تكتسب بالسعي الحثيث إليها. إن الله سوف يعاملك من خلال أعمالك وليس من خلال سجودك وركوعك، فهو ليس في حاجة إلى هبادتك لكن أخوك الإنسان المعدم هو في اجة إلى عطفك ورحمتك وعنايتك. فأرفقوا بالبشر وأتركوا الرب ليقرّر بشأن يوم الحشر.
في شهر رمضان المبارك نرى الناس وهي تتدافع من أجل نيل القدر الأكبر من الأجر من خلال التشدّد في العبادات، ومن خلال الصلوات الإضافيّة(الغير مفروضة أصلاً)، حتى تتحوّل العبادات إلى مناسك جامدة لا حياة فيها ولا تفكير فيها ولا غاية ترجى منها غير السباق نحو الجنّة والبحث عن "الثواب" الذي يظل أمنيّة يتضرّع العبد من أجل تحقيقها صاغراً إلى خالقه علّه يسعفه بها، ويبقى الخالق هناك لوحده فهو من يقرّر القبول وهو من يقرّر منح الثواب.
أنا لا مانع لديّ في أن يتعبّد الإنسان وأن يصدق في عبادته وأن تكون عبادته مخلصة لوجه الله وأن يبتعد بها عن الرياء والتظاهر. أنا شخصيّاً لا أتدخّل في العلاقة التي بين الإنسان وربّه طالما أنّه يصدق ويخلص ويتجرّد في هذه العبادة. الذي يحزنني ويزعجني أحياناً هو أن الإنسان حينما يعبد الله فإنّه لا يرى أمامه غير الجنّة ولا يفكّر إلّا في الآخرة، وفي سبيل تحقيق ذلك نجده ينسى الدنيا ويعتبرها فانية لا قيمة لها. هناك من البشر من ينتظر الموت"المنيّة" حتى ينتقل بسرعة إلى الحياة الأخرى حيث هناك يحلم بدخول الجنّة، وهناك يحلم بالعذارى والحوريات والغلمان وأنهار الخمر. أنا أرى بأن مثل ذلك الإنسان هو في واقعه يعيش عالم يصنعه من خياله... عالم بكل تأكيد هو عالم إفتراضي.
أنا أتمنّى بأن تتحوّل العبادات والمناسك والطقوس إلى أشياء عمليّة في حياتنا تكون هي أسس التعامل فيما بيننا. فالصدق في العبادة لابد وأن يعني الصدق في التعامل، والإخلاص في العبادة لابد وأن يصبح إخلاصاً في كل ما نقوم به في حياتنا اليوميّة. حبّنا للدين وحبّنا للرسول لابدّ وأن يتحوّل إلى حبّ بيننا كبشر، وكرمنا في وجودنا مع الله لابد وأن يتحوّل إلى كرم وجود بيننا. لابدّ أن تصبح الرحمة التي نطلبها من الله رحمة نقوم نحن بإصباغها على غيرنا من أهلنا وجيراننا وأصدقائنا ومعارفنا. لابدّ وأن يتحوّل العفو الذي نطلبه من الله إلى خصلة عفو تتولّد في داخلنا وتغمر أنفسنا وتتبلور في تصرّفاتنا. إنّك حينما تقول وتكرّر ((اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))، فإنّك حينها تخاطب الرب وتنسى نفسك. إنّك عفوّ... لا جدال فيها وهي واضحة. تحب العفو... علينا التوقّف عندها. إن كان الله الذي تتضرّعون إليه وتسألونه العفو، هو بجلاله وعلاه يحب العفو... فهل إمتثلنا نحن له؟. هل عفونا عمّن أساء إلينا؟.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك