2019/04/20

الأمريكان أفسدوا مخطط الإخوان

 حيث أن ساعة الزمن لا يمكن إرجاع عقاربها إلى الوراء، وحيث أنه لايمكننا الإبحار بقارب الحياة إلى الوراء، فلننظر بدل ذلك إلى واقعنا المعاش ولنفكّر في اليوم الذي يليه حتى نستطيع العبور إلى الأمام.
إلى الذين تجرفهم التيّارات ويتبعون ما تقع عليه عيونهم ويصدّقون ما تسمعه أذانهم أقول لهم جميعاً - وأقول لنفسي أوّلاُ - بأنّه يتوجّب علينا جميعاً بأن ننظر قليلاً إلى الأمام، وأن نحاول بقدر الإمكان توسيع أفق تفكيرنا وتصوّراتنا حتى نتمكّن من رؤية معالم الطريق التي قد تقودنا إلى تحقيق دولتنا المنشودة والتي نريدها بأن تكون متمدّنة وعصريّة ومتحضّرة... وبكل تأكيد ديموقراطيّة وواعده ومتطوّرة.
من خلال متابعتي اللصيقة والمتواصلة لما حدث خلال الأيّام القليلة الماضية لاحظت بأننا كليبيين وليبيّات لم نتمكّن بعد من رسم خريطة طريق.. من تحديد ما نريده بالضبط. 

أنا هنا لا أريد أن ألوم أحداً، فواقعنا الثقافي والمعرفي لا يخفى علي، وخبرتنا في السياسة وممارسة الحكم تكاد تكون منعدمة لأنّنا بكل صراحة ووضوح لم نمارس السياسة... فلم نتعلّم فن السياسة وأصولها وحيثياتها في مدارسنا ولم نتعلّمها في داخل بيوتنا، ولم نتعلّمها في شوارعنا وأزقّتنا. الذي وددت قوله هنا والحالة هذه هو أن نحتكم إلى عقولنا وأن نستخدم أحداسنا وأن نحسب حساباتنا قبل أن نتخذ مواقفنا، وذلك هو ما نقدر على فعله.
أعتقد بأن كل ليبي وكل ليبيّة يعرفون يقيناً بأن الأجسام التي تحكمنا الآن هي فاقدة للشرعية من حيث أنّها فُرضت علينا أو أن ذلك الذي سبق لنا وأن إخترناه من خلال صناديق الإقتراع أصبح الآن خارج الصلاحيّة بتراكم معطيات الزمن. وبرغم كل ذلك فأنا شخصيّاً أرى بأن الذي إخترناه بأنفسنا حتى وإن إنتهت صلاحيّته القانونية، أنّه مازال يمثّلنا في عدم وجود البديل وهو بكل تأكيد من يحق له أن يحكمنا حتى نتمكّن معاً من إختيار البديل وبنفس الوسيلة التي نحن من طالب بها ونحن من بكل حريّة مارسها. في هذا السياق أقول بأن المجلس الرئاسي والحكومة المنبثقة عنه هما جسمان غريبان كان قد تم فرضهما علينا بدون أن يكون لنا رأياً فيهما، والذي فرضهما علينا هو من خارج بلادنا ولا يعرف ثقافتنا ولا تهمّه غير مصالحه والدليل أن مخرجات الصخيرات هي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم.
لو أنّنا كلّنا كليبيين وليبيّات قررنا بأن مجلس النوّاب والحكومة التابعة له هما الجسمان الوحيدان الذان نريدهما بأن يسيّرا أمورنا في الوقت الحاضر وحتى يتسنّى إختيار من يخلفهما لكانت أمورنا سارت بأفضل كثيراً مما هي عليه اليوم ولما وجدنا أنفسنا نحارب بعضنا البعض وندمّر مقدّراتنا بأيدينا. لو أننا كلنا كليبيين وليبيات رفضنا مخرجات الصخيرات ورفضنا تدخّل الغير في أمورنا لكانت أحوالنا أحسن بكثير من هذه التي نراها ونلمسها ونعاني منها الآن.
وحيث أن ساعة الزمن لا يمكن إرجاع عقاربها إلى الوراء، وحيث أنه لايمكننا الإبحار بقارب الحياة إلى الوراء، فلننظر بدل ذلك إلى واقعنا المعاش ولنفكّر في اليوم الذي يليه حتى نستطيع العبور إلى الأمام؛ وليكن هذا العبور متعثّراً بعض الشئ. إن كل خطوة نخطوها إلى الأمام سوف تنقلنا من الألف إلى الباء، فلنبدأ الآن ولكن في هذه المرّة لنبدأ على أسس منطقية وعلى حسابات عقلانيّة.
إن الوضع الذي تعيشه عاصمتنا الآن هو وضع غير سليم وغير قانوني ذلك لأنّه ليس من إختيارنا وليس بمباركتنا وإنّما كان قد فرض علينا بقوة السلاح. علينا دائماً أن نتذكّر ما حدث في يوليو عام 2014 بسبب ما سمّي حينها ب"فجر ليبيا"، ومن هناك يكون تفكيرنا وعلى هناك ترتكز حساباتنا وعلى تلك الأسس ترتسم خياراتنا. ذلك الوضع الذي فرض علينا يجب أن يتغيّر إن كنّا بالفعل نرغب في الخروج من الدوّامة التي وجدنا أنفسنا بداخلها منذ ذلك اليوم الأسود في تاريخ بلادنا، وما لم نقدر على تنظيف تلك الأدران ونبعدها من طريقنا فإننا سوف لن نكون بقادرين على المضي قدماً مهما حاولنا ومهما بحثنا عن حلول تلفيقية.
من هنا فإنني أقول بأن كل محاولات الإخوان المسلمون الخسّيسة للسيطرة على مقدّرات الأمور في بلادنا كانت قد باءت بالفشل لأنّها بكل بساطة تتعارض مع أحلامنا وتطلعاتنا، ومن ثمّ فإن وسيلتنا الوحيدة للخروج من هذا الواقع المتردّي تكمن في العودة إلى أبجديات السياسة.... أسس ودعائم بناء الدولة.
الجيش والشرطة وأجهزة القضاء وحرية التعبير من خلال صحافة حرّة ... تلك هي الدعائم والأسس التي تبنى عليها أية دولة عصريّة تنشد الغد الواعد والسعيد لأهلها. دولة بلا جيش هي حظيرة بلا بوّاب يدخلها من يشاء ويعبث بها من يشاء، فهل نتعاون معاً على إعادة أسوار حظيرتنا وأن نختار لها من يحرسها قبل أن نفكّر في إعادة محتوياتها إليها؟. قبل أن تضع مقتنياتك الثمينة بداخل بيتك عليك أن تتأكّد بأن بيتك آمن.... نوافذه محكمة وله باب به قفل تعرف بأنّه آمن، وإن شئت فلا مانع من وجود أجهزة إنذار ببيتك تخبرك عن أية محاولة للعبث بمحتوياته خاصّة حنيما تكون بعيداً عنه أو حينما تكون نائماً بداخله.
إن فشل أربعة محاولات في مجلس الأمن مدعومة بكل خبث وبكل مكر وبكل إفتراء من قطر وتركيا وإيطاليا وبريطانيا لفرض سلطة الإخوان على الشعب الليبي لتبرهن على أن الطغيان والجبروت لا يمكن فرضه على الشعوب وعلى أن العالم من حولنا يوجد فيه الجيّد كما يوجد فيه الخبيث. كل دول العالم الأخرى تقف مع الشعب الليبي وكل دول العالم عدا تلك الأربعة الحقيرة تتمنّى للشعب الليبي بأن يخرج من معاناته وتدعم إختياراته وتطلعاته فهل نستفيد نحن من هذه الأوضاع. إن وقوف فرنسا وروسيا معنا كان بكل تأكيد لتحقيق مصالحهما ولكن لكل دولة الحق في سبر كل الطرق لتحقيق مصالحها ولنا نحن كشعب إرادة ولنا إختيار ولنا قرار لا يمنعنا أحد في أي مكان في العالم بأن نختاره لأنفسنا مستفيدين من دعم غيرنا لنا في وجود وعينا ومعرفتنا بأننا أيضاً لسنا لقمة سائغة لمن يريد أن يلتهمنا.
إن مهاتفة السيّد دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني - أنظروا مهاتفة ترامب للمشير وليس العكس - لتؤكّد بأنّ جيشنا هو من سوف ينتصر وبأن من يقوده يحظى بالدعم الدولي وعلى أعلى المستويات وذلك لوحده يجب... يجب... يجب أن يدفعنا جميعاً للوقوف بكل قوة خلف جيشنا والترحيب به، وما إن يبسط جيشنا سيطرته على كل بلادنا وينظّفها من العابثين فيها حتى يأتي دورنا نحن الشعب لفرض إختيارنا على تراب بلادنا، وتأكّدوا بأن جيشكم هو فقط من سوف يكون الداعم لكم وبكل حيادية لرسم معالم مستقبلكم... ولكم الأمثلة في الجزائر والسودان من حولكم، حيث إنحاز الجيش وبكل قوّة إلى جانب الشعب، وحيث قرّر الجيش إحترام إرادة الشعب.
جيشكم في ليبيا سوف يكون معكم وفي نفس القارب الذي تركبونه، وسوف يكون الداعم لكم ولا يمكن لقيادة جيشكم بأن تفرض إرادتها عليكم حتى وإن كانت هناك طموحات فردية؛ فالعالم من حولنا سوف لن يسمح بها... وقائد الجيش الليبي يعرف ذلك جيداً ويقيناً؛ فهو ليس بالإنسان الغبي. كما أننا كشعب لسنا مثل النعاج يقودنا من يسوسنا، فنحن شعب والشعب لا يمكن قهره إن نحن فقط عرفنا أين تكمن مصادر قوّتنا وأين هي بواعث إلهامنا..... وفقكم الله جميعاً يا أبناء وبنات ليبيا، وسوف لا محالة تتأسّس دولتنا وفق إختيارنا ووفق إرادتنا نحن الشعب الليبي طالما أننا بحثنا عن مكامن الإرادة بداخلنا وإستحثّيناها لتحقيق ما نصبوا إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك