2018/04/28

وماذا بعد عودة المشير؟

الناس يذهبون ويعودون، البعض يتعلّم والبعض الآخر يبقون كما يذهبون. الحياة ليس لها إلّا وأن تمضي قدماً، وما علينا إلّا أن ننظر إلى الأمام ونتجهّز للمستقبل، وعلينا بألّا نربط مصائرنا بالأفراد مهما رفعنا من شأنهم ومهما البعض منّا عمل على تقديسهم.
بسلام الله وحفظه عاد المشير خليفة حفتر إلى أهله وأصدقائه ومحبّيه... عاد إلى بلده. 
عودة المشير خلقت الكثير من المشادّات والمناكفات والنقاشات الحادّة، وكذلك الكثير من علامات الإستفهام بما يعكس مكانته في ماكينة السياسة الليبيّة، وبما يدل على أن للرجل قيمة وقوّة لا يمكن الإستهانة بهما مهما حاول البعض التقليل من قيمته ومكانته والتهميش لقدراته العسكريّة كفرد وكقائد لجيش مازال البعض في ليبيا يطلقون عليه "مليشيات حفتر".
الإهتمام الوطني والدولي بالمشير خليفة حفتر يجعله بدون منازع أكبر وأهم شخصيّة ليبيّة في هذا الوقت ومنذ ربّما عام 2014، ومن يحاول التنكّر لهذه الأهميّة الوطنيّة والإقليمية والدولية للمشير خليفة حفتر إنّما هو ناكر أو حاقد أو متجاهل أو في واقعه جاهلاً بما يدور حوله.

أعتقد بأن الوقت قد حان لكل اللاعبين بمصير ليبيا وحتى أولئك العابثين به بأن يحسبوا لهذا الرجل ألف حساب، وعليهم أن يعرفوا ويعوا ويتأكّدوا بأنّ قوة ومكانة المشير خليفة حفتر هي ليست في شخصه كفرد وإنّما في واقعه كقائد لجيش لا يمكننا تسميته بغير "الجيش الليبي". إن الجيش الذي صنعه المشير خليفة حفتر من العدم وفي ظروف صعبة إن لم تكن مستحيلة هو جيش وطني بإمتياز وهو جيش ليبي بالمنطق والواقع والإدراك. إن الجيش الوحيد الذي يستحق بأن يسمّى الجيش الوطني الليبي هو ذلك الجيش الذي صنعه وأشرف عليه وقاده وإستمر به المشير خليفة حفتر، ومن يظن بغير ذلك فهو بكل يقين لا يعي ولا يدري أو أنّه يعيش مغيّباً عن الواقع أو متجاهلاً له.
ومن هنا فإنّني أعود لطرح نفس السؤال الذي إخترته ليكون عنواناً لهذا الإدراج: وماذا بعد عودة المشير؟.
بغض النظر عن أن كان المشير خليفة حفتر مريضاً وتعافى، مريضاً ومازال مريضاً، أو أنّه لعب لعبته الذكيّة على من تطاول عليه وأجحف في حقّه أو أنّه عن حقد ومكابرة تشفّى فيه... بغض النظر عن أي من تلك التفاعلات، فإنّ المشير خليفة حفتر كان بالفعل قد عاد إلى أرض الوطن غانماً وسالماً ومعافى، وبأنّه مازال يحتفظ بقواه العضليّة والذهنيّة... ومن ثمّ فإنّه سوف يبقى قائداً للجيش بدون منازع وبدون منافس على الأقل في الوقت الحاضر والمنظور.
أنا أعتقد بأنّنا كليبيين وليبيّات محبّين لليبيا ومتجاهلين لكل أولئك أصحاب الأجندات ومنتهزي الفرص والباحثين لهم عن مكان أو موقع يسيطرون من خلاله على الشعب الليبي ويستأثرون بخيراته ويتدخّلون في خياراته وإختياراته.. أعتقد بأنّنا يجب أن نستفيد من هذه الحادثة وأن نتعلّم منها دروساً كان يتوجّب علينا تعلّمها منذ أكثر من خمسة سنوات خلاصتها تقول بأنّنا بدون جيش سوف لن تقوم لنا قائمة، وبأنّنا بدون جيش سوف لن نبني بلداً مهما إجتمعنا ومهما تحاورنا ومهما إختلفنا وتخاصمنا ومهما تناحرنا ومهما رفعنا سلاحنا في وجوه بعضنا وتقاتلنا. لا يمكن لليبيا بأن تكون دولة بدون وجود جيش قوي يكون مهنيّاً وإحترافيّاً ومقتدراً. لا يمكن لنا كليبيين وليبيّات بأن نؤسّس دولة كما نحلم بها(عصريّة، ديموقراطيّة، مدنيّة، ومتحضّرة) بدون وجود جيشاً يحميها ويحافظ على مكتسباتنا على ترابها من خلال إختياراتنا ومساهماتنا وبرامجنا المستقبليّة. دولة بلا جيش هي فوضى وخراب وفوضى وطيش.
من خلال هذه المعطيات والتفاهمات التي أتمنّى بأن تكون في عقل وتفكير كل ليبي وكل ليبيّة، فإنّني سأطرح هنا بعض المقترحات التي أراها ضروريّة للمضي قدماً... للعبور إلى الأمام بدون نكوص وبدون دوران حول نفس المكان:
  1. أن يبقى المشير متواضعاً وبألّا ينتقم من أي ليبي ولو كان من أعدائه.
  2. أن يمد المشير يده لكل عسكري في ليبيا يرغب في خدمة ليبيا من خلال مؤسّسة الجيش.
  3. أن لا يكافئ أية منطقة على خلفيّة الخبثاء فيها.
  4. أن يواصل وبكل مثابرة بناء الجيش الليبي على أحدث المعايير والمقاييس الدوليّة.
  5. أن يتخلّى عن فكرة توريث أي من أبنائه من بعده، لأنّه بذلك سوف يسئ إلى نفسه وسوف يمحو كل ما أنجز في سنواته الأربعة الماضية.
  6. أن لا يقحم نفسه في السياسة وأن يكتفي بما أنجز من خلال مهنته وكفاءاته كعسكري محترف.
  7. أن يدفع إلى ترسيخ الديموقراطيّة الحقيقيّة في ليبيا وأن يكون حامياً لها.
  8. أن يحافظ وبكل قوّة على وحدة التراب الليبي وأن يقف في وجه أية محاولة لتقسيم ليبيا.
  9. أن يبعد الجيش الليبي عن العرقيّة والقبلية والجهوية والطائفيّة وأجندات شيوخ الدين.
  10. أن يشجّع جيل الشباب على الإنخراط في صفوف الجيش ليكونوا قادة وحدات في الغد المنظور. 
  11. أن يسعى وبسرعة كبيرة إلى تعيين نائبٍ له يكون تالياً له في الخبرة والمقدرة لينوب عنه في حالة غيابه، وليكون قائد الجيش البديل في حالة حدوث أي طارئ، بشرط أن يكون ذلك معلناً وموثّقاً وبائناً للجميع.
  12. أن لا يخجل من تحالفه مع مصر وأن يواصل التعاون الفعلي مع الإخوة في مصر، فمصر هي أمّنا الكبرى وخبرات مصر لا يمكن الإستهانة بها أو الإستعاضة عنها.
ذلك ما خطر ببالي من أفكار لهذا اليوم، وأرحّب بأية أفكار أخرى مهما كانت مصادرها طالما أنّها تكون كلّها من أجل بناء ليبيا الدولة ومن أجل أمن وإحترام وكرامة ورفاهيّة الإنسان في ليبيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك