2017/06/11

الديموقراطيّة ليست إنتخابات وإنّما هي قبول بالمخرجات

أضغط هنا لمراجعة نسخة  الدستور المقترح لليبيا
 هناك من بيننا من يقول ويكرّر وربما يصر أيضاً على أنّنا شعباً غير جدير بالديموقراطيّة ممارسة وإحساس، فنحن - كما يضيفون - غير متعلّمين ولسنا مجهّزين ثقافيّاً ونفسانيّاً لممارسة الديموقراطيّة كما تمارسها غيرنا من دول العالم من حولنا. 
 أنا أختلف مع ذلك الرأي أو الإنطباع، فنحن مثل غيرنا من شعوب العالم نتعلّم ونقدر على الإنتقال إلى الأمام. وفي هذا الإطار دعوني أذكّر المشكّكين بمقدرة الشعب الليبي على ممارسة الديموقراطيّة بما حدث في 07\07\20122 حيث خرجت جموع الشعب الليبي برجاله ونسائه تلقائيّاً لممارسة حقّها الديموقراطي بكل حريّة، وكانت بالفعل تلك الإنتخابات مفخرة لكل ليبي وليبيّة، وكانت أيضاً موضع إعجاب العالم من حولنا. برهن الشعب الليبي حينها على أنّه جدير بالحكم الديموقراطي وقادر على ممارسته.
 الذي حدث بعد تلك الإنتخابات لم يكن بسبب إختيار الشعب الليبي وإنّّما من عيوب الناس الذين إختارهم الشعب، حيث زاغت النفوس وتلوّنت الحرباوات وتغلّب الطمع والجشع على الكثير من أعضاء المجلس الوطني العام حينها.
حينما طلب من الشعب الليبي للخروج مرة أخرى لإنتخاب أعضاء اللجنة التأسيسيّة للدستور يوم 200 فبراير 2014 خرج الشعب الليبي بدون تردّد، وكانت نسبة المشاركة رائعة جدّاً حتى بالمقاييس الدوليّة. وخرجت كذلك جموع الشعب الليبي للمرّة الثالثة لإنتخاب أعضاء البرلمان يوم 25 يونيو 2014، وكانت الإنتخابات نظيفة ونزيهة ومنظّمة. نعم... كانت أعداد الناخبين تتناقص في كل مرّة عن سابقتها والسبب هو شعور الشعب بالإحباط نتيجة لتخلّي الأعضاء الذين إنتخبهم عن وعودهم وعن وطنيّتهم، وفضّلوا بدل ذلك الجري وراء المكاسب والمغانم والإثراء السريع. تلك كانت عيوب المنتخبين ولم تكن إطلاقاً عيوب الناخبين، وعلينا أن ننصف هذا الشعب الذي قام بدوره كما يتوجّب.
 هناك نقطة أخيرة أود الإشارة إليها هنا بخصوص مقدرة هذا الشعب على التغيير، ورغبته في إحداث التغيير؛ حيث خرجت جماهير الشعب تلقائيّاً لتغيير نظام حكم الطاغية معمّر القذّافي، ولم تكن هناك لهذا الشعب أية قيادات حزبيّة أو سياسية أو حتى وطنيّة. خرج الشعب الليبي تلقائيّاً لفرض التغيير، وحينما إنحرفت ثورة الشعب عن مسارها، وحينما خرج علينا الطغاة الجدد وهم يستثمرون ثورة الشعب التي لم يشاركوا فيها أصلاً... تلك كانت عيوب الطغاة الجدد ولم تكن عيوب الشعب الليبي. نعم... الشعب الليبي هو من أنجبهم، ولكن في كل دول العالم يتواجد الخونةن والطمّاعون، والمرتزقة، والمشاغبون. فيجب أن نلوم الحقراء ولا نلوم الشعب الليبي في كل ما جرى في ليبيا منذ 17 فبراير 2011 وحتى يومنا هذا.
 وختاماً... تبيّن لي أخيراً بأنّ مجلس النوّاب إعتبر بأن لجنة إعداد الدستور المنتخبة لم تكن في أي شئ أفضل من ممثّلي الشعب في الإنتخابين السابقين لها، ومن ثم يزمع هذا المجلس حلّ لجنة إعداد الدستور المنتخبة لتحل محلّها لجنة جديدة "معيّنة" تشرع في تأسيس دستور جديد لليبيا، وفي هذا الخضم خرج علينا من رغب في إستثمار الفوضى في ليبيا ليحاول إرجاع دستور عام 1951 مع العلم بأن ذلك الدستور كان قد الغي في عام 1963 من قبل مجلس النوّاب حينها ليحل محلّه الدستور المعدّل الذي أصبح من حينها هو الدستور الرسمي للمملكة الليبية وحتى عام 1969. من هنا أرى بأنّه لا يمكن إطلاقاً العودة إلى دستور 1951 لأنّ ذلك الدستور قد تم إبطاله من قبل نوّاب الشعب وبتوقيع رأس الدولة حينها الملك إدريس السنوسي.
وختاماً . . . أود هنا أن أطرح الدستور المعدّل لعام 20144 من قبلنا وفيه توجد حلول ليبيا من الناحية الدستوريّة، فلماذا تضيّعون الوقت وتعيّنون لجنة دستور جديدة. بالإمكان مناقشة هذا الدستور من قبل لجنة قانونيّة مصغّرة من خيرة أبناء الشعب الليبي، وبمجرّد إعتمادهم للنسخة بعد إجراء التغييرات اللازمة عليها من ناحية الصياغة والجوانب القانونيّة... بمجرّد إعتمادهم للنسخة تكون جاهزة لتصويت الشعب عليها وتصبح من حينها وثيقة قانونية بمثابة دستور ليبيا الجديد. 
 فلماذا نضّيع الوقت والمال والجهد مع معرفتنا اليقينيّة بأن الأعضاء المعيّنين الجدد سوف لن يكونوا أفضل من سابقيهم على الإطلاق. أنا من هذا المنبر أدعو وبكل صدق وإخلاص إلى إعتماد نسخة الدستور التي أعددناها في عام 2014 وتحويلها إلى وثيقة دستوريّة تعرض على الشعب في وجود قوّة عسكريّة تحمي الدولة وتحمي الشعب وتحمي القانون. إن أية لجنة دستورية أو مشروع دستور بدون وجود جيش يحمي البلد سوف لن يكتب لها النجاح، ومن هنا فعلينا توحيد الجيش وتمكينه من السيطرة الكلّية على كل التراب الليبي قبل الشروع في أية إنتخابات على الدستور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك