2014/06/13

قطر... والدور الخبيث

قطر تسبح بإنشكاح في الماء العكر.... ومليارات دعم الإخوان انتهت بسقوطهم، والدوحة مهددة بالحرمان من استضافة كأس العالم (عن صحيفة البوّابة نيوز... ببعض التصرّف)



يحتفل القطريون خلال أيام قليلة، بالذكرى الأولى لتنصيب الأمير الشاب تميم بن حمد، ومحصّلة هذا العام هي أن المال القطري لم يفد الحاكم السابق ولا وريثه كثيرًا، فمليارات دعم الإخوان انتهت بسقوطهم المدوي، ومليارات شراء المونديال تحولت إلى كابوس.
وخلاصة "سنة أولى حكم" أن المال قد لا يشتري شيئًا، فالأمير الشاب البالغ من العمر 34 عامًا يواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع الملفات الشائكة التي تحيط به وهناك ثلاث ملفات تبرز السقوط المزهل لقطر وإن المال القطري لا يشتري شيئًا ولا يعيد كرامة دول.
 صِفر  لأمير قطر


القنبلة الأولى: سقوط حكم الإخوان
سقط حكم الإخوان "الحليف المفترض" بعد مضي أسبوع على توليه الحكم، وكانت قطر قد بادرت بدعم "مرسي" بـ 8 مليارات دولار، ولكن تمت الإطاحة به في الأيام الأولى لحكم تميم، ولم ينجح المال القطري في شراء نفوذ سياسي من خلال الدولة الأكبر في المنطقة العربية.
زلزال سياسي على وشك أن يضرب الدوحة، تلك الإمارة المتناهية الصغر الشديدة الثراء التي ظلت طوال العقدين الماضيين تعمل بدأب على أن تتولى زمام القيادة في منطقة الشرق الأوسط، وهى اليوم تواجه النقطة الأكثر تعقيدًا في تاريخها القصير، لقد فشلت في الالتزام بتعهداتها الأخيرة إلى جيرانها الأقرب.
ويبدو جليا أنها قد فشلت أيضا في الالتزام بتعهداتها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، فقد فشل بالفعل مشروعها لتمكين التطرف الإسلامي، بل هي ربما بعد أن تتكاتف الجهود العربية، ملزمة بأن تعلن، على الأقل ولو أدبيًا، أن في عنقها مئات الآلاف من المسلمين والعرب من النساء والأطفال، الذين ذبحوا غدرا على خلفية تدخلها الثقيل والعميق في شئون الآخرين، إنها أول متهم أمام الملايين من أطفال العرب عن سنوات طويلة قادمة سيكون عليهم أن يدفعوا ثمن أحلام يقظتها وغرورها الذي أوشك أن يطيح بالجميع.
وتظل طبيعة السياسة الخارجية لدولة قطر هي محل جدل كبير بين أروقة المحللين السياسيين، في وقت يرى فريق من المحللين أنها تجرى سياسة خارجية لا تخضع لأى نفوذ خارجى أو أيديولوجية واضحة وأن شاغلها فقط يتعلق بمكاسبها الجيوسياسية، في حين يرى فريق آخر أنها تفتقر إلى أي رؤية إقليمية وأنها تتحرك بشكل متخبط وفق توجيهات الولايات المتحدة، وأيضا يفترض البعض أنها تسترشد بموالاتها للأيديولوجية الإسلامية المتشددة وتسعى بنشاط لتمكين أتباعها في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وتقول الزابيث ديكنسون في مقال لها بمجلة فورن افيرز، فإن ما يحدث الآن في مجلس التعاون الخليجى بسحب الدول الخليجية الأكبر والأقوى، السعودية والإمارات والبحرين لسفرائهم من الدوحة هو عاصفة، على الأرجح سوف تخرج قطر أخيرا من دائرة الضوء الدولية، وسيكون أمامها اختبار حقيقى وحاسم لسياستها الخارجية.
اليوم أصبحت تلك الإمارة الناشئة أو كما يسميها أحد المحللين الأمريكيين" الإبهام الصغير في قبضة الكف الكبيرة للسعودية"، مصدر إزعاج غير مقبول لدول مجلس التعاون الخليجي، من خلال محاولات إعادة تمكين الإخوان من جديد بعد إن تمت الإطاحة بهم في مصر، بل وأيضا تمثل تهديدا واضح للأمن الإقليمى للمنطقة كما يرصد مايكل حنا الخبير في شئون الشرق الأوسط وزميل بمعهد القرن الأمريكى بواشنطن.
وأكد خبراء إستراتيجيون محاولات قطر المستميتة للاستمرار في لعب دور المخطط في دول الخليج أثناء رحلة وزير الخارجية القطرى إلى إيران في أواخر فبراير الماضي، ليحدد مع طهران الخطوط العريضة للمرحلة القادمة في سوريا، وهو ما رفضته الرياض بشدة، خاصة بعد تعهدات الأمير الجديد للبلاد، تميم بن حمد منذ توليه السلطة في الصيف الماضي، بالتركيز على شئون بلاده الداخلية، إلا أن قطر على ما يبدو لم تتمكن من الانسحاب من المشهد، فقد أصرت على تقديم الدعم للإخوان في مصر وللجماعات التكفيرية المتشددة في سوريا، كما أنها استمرت في إطلاق خطب شيخها القرضاوي الذي يحمل جنسيتها، ليندد بدعم دول الخليج لمصر، بل ليصل به الأمر ليكفر علنا دولا إسلامية مثل الإمارات التي اتهمها الشيخ القطرى في يناير الماضى بأنها تحارب كل ما هو إسلامي.
وقد رفضت الدوحة تسليم القرضاوى لمصر باعتباره مطلوبا للعدالة، واستمرت في استخدامه «الذراع الدينية» إن صح التعبير لسياستها الخارجية في المنطقة.
في حين يرى اندرو هاموند، زميل السياسات والخبير في منطقة الخليج العرب بالمجلس الأوربي للعلاقات الخارجية، وهو الصحفى الاسكتلندى الذي عمل من قبل مدير لمكتب رويترز في الرياض، أن قطر قد رسمت لها مسارا مختلفا على نحو متزايد مع جيرانها الخليجيين، وذلك جزئيا بسبب رغبتها في وضع بصمتها الخاصة على خريطة المنطقة، ولكن الأهم لأنها استثمرت الكثير في دعم العصابات الإرهابية التي راهنت على أنها الفائزة في مرحلة ما بعد الثورات العربية، وربما كان هذا أحد الأسباب وراء استمرار دعمها الغريب والمنفرد للجماعات الإسلامية المتشددة ومنحهم منبر من خلال قناة الجزيرة.
ويكتب هاموند، أن التحالف العلنى من قبل قطر مع الحركات الإسلامية المتشددة المرتبطة بالإخوان، كانت من أبرز ابتكارات السياسة الخارجية القطرية منذ الانقلاب الناعم الذي قاده الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى للإطاحة بوالده عن السلطة عام 1995، وأنها سرعان ما تركتهم يتوغلون داخل مؤسسات الفكر الغربية والمنظمات غير الحكومية عبر فروعها في الدوحة، لصياغة جديدة للرأى العام العالمي.
 صِفر  لأمير قطر


القنبلة الثانية: العزلة الخليجية وطرد سفراء قطر
تصاعدت حدة الخلافات مع الدول الخليجية حول الملفات الإقليمية، وخاصة المصري والسوري، إلى حد قيام المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بسحب السفراء من الدوحة في مارس الماضي، هو إجراء يؤشر إلى وصول علاقة الرياض وأبو ظبي والمنامة مع الدوحة إلى طريق "مسدود"، وعلى الرغم من محاولات "لم الشمل" مقابل مراجعة الدوحة لسياساتها، إلا أن ذلك لم يحدث.
وصفت أوساط خليجية الخطوة المشتركة ضد قطر بأنها تعبير عن نفاد صبر السعودية والإمارات والبحرين من الدوحة، فطوال الأيام الماضية والتسريبات الإعلامية تتحدث عن نار سياسية مشتعلة في الخليج.
وملخص القصة في ما تقوله الرياض وأبوظبي والمنامة عن سلوك الدوحة المعادي لها يعود بسبب تدخل قطر المستمر في الشئون الداخلية لدول المجلس، حيث أصبحت أراضيها ملجأ للأشخاص الذين يهاجمون نظام الحكم في السعودية والإمارات، آخرهم الدكتور يوسف القرضاوي، الأب الروحي لإخوان العالم، والذي تعدى على سيادة الإمارات، فردت قطر على استنكار الإمارات عليه، ببث خطبه على قنواتها الرسمية.
وتتهم كل من الدول الثلاث، قطر بالعمل على تهديد الاستقرار السياسي والأمني لدول الخليج، عبر تقديم الدعم المالي واللوجستي لجماعة الحوثيين في اليمن، التي تتمركز على مشارف الحدود السعودية وتهدد أمن اليمن بسلاحها غير الشرعي، إضافة إلى استقطاب ودعم الرموز الإخوانية في السعودية، والتي صنفتها المملكة بحسب الأمر الملكي الأخير جماعة إرهابية استجابة لحظرها في مصر، ومع ذلك، دأبت قطر على تقديم العون لهؤلاء الأشخاص الذين هددوا وحدة السعودية والإمارات، وعملوا على تغيير نظام الحكم فيها بحكم محكمة إماراتية.
ووفق اتهام السعودية والإمارات والبحرين، فالمال القطري، هدد أمن المنطقة ككل، من خلال التقارير التي تحدثت عن دعمها لجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، ونشاطات الإخوان ضد الدولة المصرية، ما يمثل مصدر تهديد لدول الخليج، كما اتسمت قطر بعلاقات صداقة وشراكة مع إسرائيل.
وبلغت الاتهامات دعم الإعلام المعادي للسعودية والإمارات، بتحويل مؤسسات قطرية إلى منابر تهاجمها، خاصة في ما يخص الوضع في مصر، وأغدقت الأموال على الرموز التي تعارض نظام الحكم في هذه البلدان، كما أنها وظفت المال السياسي وشركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة والغرب للنيل من مصالح السعودية والإمارات، والعمل على دعم كل ما يضر بمصالح جيرانها، كما تقول السعودية والإمارات.
 صِفر  لأمير قطر


القنبلة الثالثة: كشف الفساد القطري لتنظيم كأس العالم
القنبلة الأكبر التي تواجه الأمير الشاب تتمثل في ضغط الإعلام العالمي، وبعض الشخصيات النافذة في الفيفا لإعادة التصويت 
 ملف مونديال 2022، ما يهدد بحرمان الدوحة من استضافة كأس العالم، والذي تعاملت معه قطر باعتباره ليس مجرد بطولة لكرة القدم، بل قاطرة تنمية وإنطلاق نحو المستقبل، ما دفعها إلى تخصيص 200 مليار دولار لإنجاز مشروعات البنية التحتية اللازمة للمونديال، والتي من شأنها تحقيق قفزة حضارية غير مسبوقة في تاريخ قطر، وجاءت الاتهامات بوجود رشى وفساد في التصويت لمصلحة قطر، لتهدد بقوة حلم قطر "الرياضي والاقتصادي"
ما زالت تهم الفساد تلاحق قطر بشأن منحها تنظيم كأس العالم 2022. وقالت صحيفة "صنداي تايمز" اليوم إنها حصلت على وثائق تؤكد تلقى بعض المسئولين في الفيفا مبالغ مالية مقابل دعمهم ملف قطر لاحتضان نهائيات كأس العالم.
ونشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية اليوم الأحد تقريرًا تؤكد فيه حصولها على الملايين من الوثائق السرية، من بينها رسائل من البريد الإلكتروني والتحويلات المصرفية، التي تدعي أنها الدليل على أن رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم السابق محمد بن همام كان قد دفع ما مجموعه 5 ملايين دولار لمسئولين في كرة القدم في مقابل الحصول على دعمهم لمحاولة قطر لإستضافة مونديال 2022، وكانت اللجنة التنظيمية لقطر 2022 نفت بشدة بأن نائب رئيس الفيفا السابق قد ضغط نيابة عنهم في الفترة التي سبقت عملية التصويت في ديسمبر 2010.
ولكن وفقًا لرسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها "صنداي تايمز" وأطلعت عليها هيئة الإذاعة البريطانية، فقد أصبح واضحًا الآن أن بن همام (65 عامًا) كان يضغط باسم بلاده قبل عام على الأقل من اتخاذ قرار الفيفا على منح قطر استضافة المونديال في عام 2022.
وعلى رغم أن الوثائق بيّنت أيضًا الطريقة المباشرة التي كان بن همام يدفع بها المبالغ لمسئولي كرة القدم في أفريقيا لشراء أصواتهم لدعم لقطر في التصويت، إلا أن اللجنة القطرية نفت بشدة ارتكاب أي مخالفات، وأصرت على أن بن همام لم يكن له أي دور رسمي لدعم العرض وتصرف بشكل مستقل دائمًا عن حملة قطر 2022، وعندما اتصلت الصحيفة طالبة الرد على ادعاءاتها، رفض حمد العبدالله، نجل بن همام، التعليق نيابة عن والده.
وفي حين أنه لم يكن لدى الغالبية العظمى من المسؤولين الأعضاء في الفيفا حق التصويت، إلا أن الصحيفة زعمت أن إستراتيجية بن همام للفوز بتأييد محاولة قطر ودعمها كانت من شأنها أن تؤثر على الأفارقة الأربع في اللجنة التنفيذية للفيفا الذين كانوا قادرين على المشاركة في التصويت.

 صِفر  لأمير قطر


وثائق جديدة تثبت تورط بن همام
وزعمت الصحيفة أيضًا أن لديها وثائق تثبت أن رئيس الاتحاد الآسيوي السابق دفع 305 ألف يورو لتغطية النفقات القانونية لرينالد تيماري، عضو آخر سابق في اللجنة التنفيذية عن أوقيانوسيا، حيث لم يتمكن رينالد من التصويت، لأن الفيفا كان قد منعه بعد "لدغة" الصحيفة المذكورة عندما أثبتت أنه كان يطلب من المسئولين الأميركيين مبالغ في مقابل دعمهم لعرضهم.
ولكن الصحيفة تزعم الآن أن بن همام قد وفّر له المساعدات المالية ليتسنى له طعن قرار الفيفا حول إيقافه وتأخير إبعاده عن اللجنة التنفيذية ومنع نائبه ديفيد تشونغ من التصويت في اختيارات 2022.
وادعت "الصنداي " أنه لو كان قد سمح لتشونغ بالتصويت لكان قد أيد استراليا التي كانت تنافس قطر، ولكن بدلًا من ذلك لم يسمح لأي ممثل من أوقيانوسيا بالتصويت، وهو قرار أثر بالتالي على النتيجة لصالح قطر، مشيرة أيضًا إلى مزاعم جديدة بشأن العلاقة بين بن همام وحليفه في الفيفا جاك وارنر من ترينيداد.
وعلى رغم أن وارنر قد أُجبر على الاستقالة من منصب نائب رئيس الفيفا في 2011 بعدما ثبت أنه ساعد بن همام لتقديم رشاوى إلى المسؤولين الكاريبيين لكرة القدم في مقابل دعمهم في مسعاه لإطاحة سيب بلاتر من رئاسة أقوى منظمة رياضية في العالم، إلا أن الصحيفة أكدت أن لديها الأدلة التي تبين أن أكثر من 1.6 مليون دولار دفعها القطري إلى وارنر، بما في ذلك 420 ألف دولار في فترة ما قبل التصويت.
وستضع المزاعم الجديدة هذه الفيفا تحت ضغط كبير لإعادة عملية التصويت على مونديال 2022 التي كانت قد تزامنت مع التصويت لبطولة عام 2018، والتي شوهد اقصاء انكلترا من الجولة الأولى بعد حصولها على صوتين فقط.
وتم على نطاق واسع إدانة قرار منح قطر استضافة البطولة، خصوصًا بسبب المخاوف الصحية للاعبين للعب تحت درجات حرارة عالية جدًا في الصيف، الأمر الذي اضطر بلاتر إلى القول في مايو الماضي إنه كان من الخطأ اختيار البلد الخليجي بسبب المناخ.
ومنذ فترة طويلة يجري كبير محققي الفيفا مايكل غارسيا تحقيقات مستمرة في مزاعم الفساد والمخالفات خلال قرار التصويت على مونديال 2022. ومن المقرر أن يجتمع مع كبار المسؤولين في اللجنة المنظمة لقطر 2022 في سلطنة عمان غدًا الإثنين.
ولكن من المحتمل أن يتم تأجيل هذا الاجتماع على ضوء ما كشفته "صنداي تايمز" التي أثارت أسئلة جديدة مهمة حول العلاقة بين محمد بن همام وحملة قطر الناجحة لإستضافة نهائيات كأس العالم.
يذكر أن الضغوط تزايدت على قطر عقب تقارير صحفية كشف أن العشرات من عمال البناء توفوا، وأن العمال لا يحصلون على ما يكفي من الطعام والمياه.
وتتعرض قطر لانتقادات من قبل منظمات حقوقية بخصوص ظروف عمل وإقامة العمال الوافدين الذي سيشاركون في المشاريع الضخمة، استعدادًا لاستضافة مونديال 2022.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك