2012/01/14

الحكم بالظاهر والتشبّث بالمظاهر


( الإسلام هو علاقة بين الإنسان وربّه، ولا تحتاج هذه العلاقة إلى شهود فربّنا هو الشاهد على أفعالنا. الإنسان الذي يتظاهر أمام الغير بالنسك هو ذلك الذي يحسّ بأنّه غير واثق من نسكه.... والأجدى به أن يكون صادقاً مع خالقة، بدل أن يستجدي الناس شهادة على حسن سيرته)

لعلّ أهمّ ما يميّز الدين الإسلامي ويجعله دين عبادة وصدق هو إشتراط أن تكون هذه العبادة ممارسة يقوم بها المخلوق أمام الخالق بدون الحاجة إلى وسائط أو شهود فالله هو الشاهد، وحسب العابد أن يكون الله شاهداً على نسكه وعباداته.
إذا كان الدين الإسلامي بهذا النقاء والإخلاص، وإذا كان المسلم الحقيقي هو من يجلس بين يدي الله ليسجد له عرفاناً بقوّته وجبروته، وإذا كان المسلم الحقيقي هو من يختلي بنفسه وبجسده ليقابل ربّه بكل جوارحه وآحاسيسه؛ فإنّ هذه العلاقة تصبح بالفعل سرمديّة كلّما إبتعدت عن أنظار الناس، وكلّما إنعزلت عن صخب الدنيا، وكلّما تركّز تفكير المؤمن على تقوية الجسور بينه وبين ربّ نعمته (الله وليس الحاكم أو ولاة النعمة من البشر !) كلّما كان التلامس بين روح الإنسان وخالقها التي هي في الأساس كانت جزءاً منه أعارها له (ولكلّ مخلوق حيّ) إلى حين... قبل أن يطلبها الرب لتعود إليه {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} صدق الله العظيم..... كلّما كان هذا التلامس حقيقيّاً، وكلّما كان صادقاً فإنّه بالضرورة يصبح مؤثّراً في حياة هذا المخلوق البسيط الذي لا يساوي مثقال ذرّة بحسابات عالم الرب الرحب رغم أنّنا كبشر نظنّ بأننا عمالقة في عالم الرحمن، ويصبح تباعاً مؤثّراً في حياة البشر.
كان نبيّ الله محمداً عليه السلام قبل نزول الوحي عليه يذهب إلى "غار حراء" ليتعبّد هناك بعيداً عن أنظار الناس حتى يخلو بعقله وتفكيره إلى الرب الذي كان يحسّ ويؤمن بوجوده حتى قبل أن يعرف عنه، أو يتعرّف عليه. كان رسول الله عليه السلام يتوارى عن أنظار الناس، ويبتعد عن صخب الحياة ليقترب أكثر من خالق كان يؤمن بوجوده في عالم لم يشاركه ذلك الشعور ولا ذلك الإعتقاد. هناك... حيث فاجأه الملاك "جبريل" على غير توقّع، وبدون إنتظار أو ترقّب. أطلّ جبريل على محمد وهو في قمّة نسكه وعمق تفرّغه لربّه ليطلب منه أن يقرأ. هكذا كانت المفاجأة، وهكذا كان جزاء الإيمان الصادق البعيد عن أنظار الناس.... إختار الله محمّدا ليكون رسوله إلى البشر، يدعوهم إلى كلمة سواء ختم بها كل الرسالات فكان رسول الله عليه أزكى السلام ختام الوصل المباشر بين الله وعباده... وأي شرف أعظم من هذا؟.
إذا كان نبيّ الإسلام بذلك النقاء، وبذلك الذوبان في عالم الرحمن فكيف بنا نحن من آمن برسالته لا نتعلّم من سيرته، ولا نقتدي بسلوكه عليه السلام؟.

قلّ الإيمان وكثر التظاهر
 
من طبع الإنسان أن يؤمن بما يراه، وبما يلمسه، وبما يشعر به؛ أما أن يكون المؤمَن به بعيداً عن أنظارنا، وبعيداً عن مداركنا الحسيّة فإنّ الإحساس بذلك القابع بعيداً عن الإنظار يعتبر بكل المعايير تحدّ لهذا الإنسان، ويعتبر إختباراً قويّاً له قد يتجاوز قدراته على تحمّل ثقله وتبعاته: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ }.
كان الإنسان أكثر قرباً من الله الذي إختار أن يؤمن به ويعبده إلى أن إستطال حبل الإيمان بالإنسان، وإلى أن بدأ الدين الحقيقي يختفي في نظر الإنسان رويدأ رويدا وراء الأفق؛ فبدأ المسلم تدريجيّاً لا يتحرّج كثيراً من فعل المعاصي، وكلّما نظر حوله وجد من يجاريه أو من يأويه أو من يبادره؛ غير دارٍ أو غير عابئ بما يفعل ظانّاً بأنّه إنما هو ربما يفعل ما يقوم بفعله من هم حوله في عالمه المحيط، وبدأ بذلك الحبل الرابط بين المسلم وربّه يطول تدريجيّاً فقلّل هذا من دفء الإيمان في قلب الإنسان الذي كان يحسّ بذلك لكنه ربما لم يتمكّن من إدراك تأثيرة وتصوّر تبعاته؛ فبدأ الإنسان يتقلّب بين المضيّ قدما أوالعودة إلى الطريق القويم.... وحين لم يوفّق في مساعي العودة إلى الإيمان الحقيقي إلتجأ هذا الإنسان إلى مساند يستند عليها ربما من باب "الكذب على النفس"، أو ربما من باب "الإحساس بالطمأنينة"، أو ربّما في بعض الحالات "من باب محاولة إرضاء الآخرين".. ومهما كانت المبرّرات فإن الإنسان يجيد القفز على الواقع، والتدليس على النفس بهدف الإحساس بالطمأنينة، وعدم الشعور بعقدة الذنب ولو كان أثر ذلك حينيّاً.
إلتجأ الإنسان المسلم قديما إلى إنتهاج آساليب أكثر إيهاماً وتدليساً مما لحقها تالياً فعمد الكثيرون إلى الهروب من النص (القرآن) إلى المروي (الآحاديث)، ثم إلى الإجماع (التفاسير) والهدف كان دائماً واحداً أوحداً... التدليس على النفس أو الكذب على الذات بهدف الإستمرار في محاولات التوفيق بين الدنيا والدين بما يوفّر للإنسان ما يكفي لإشباع شهواته.
صاغ الإنسان "المسلم" آحاديثاً ونسبها إلى الرسول، وبحث الحاكم عن بطانات متخصّصة في إيجاد الأعذار، وتعمّد البعض على الخروج عن كل هذه ولكن بعيداً عن الإنظار...، ثم آخيراً بدأ الكثير من الناس يفعلون ما يرغبون في فعله أمام الغير حين سكت الغير على إنتقاد أفعال هؤلاء... وهكذا بدأ المسلم يبتعد عن دينه تدريجيّاً لكن لم يتجرأ أحد على البوح بنيّة الإنكار أو التنكّر خوفاً من القصاص أحياناً أو من الغضب ثانية، أو من فقدان الجاه والسلطان في آحايين كثيرة.
علّم الراعي رعيّته على الخضوع، والقبول، والرضاء بالتي هي أحسن وحين لم تفلح هذه الطرائق إستخدم الراعي سلاح "التكفير" مستعيناً بحماة الدين الذين إستمالهم الحاكم فمالوا إليه، وقربّهم منه فغضوّا الطرف، ثم إذا به يغدق عليهم فتستّروا عنه وطلبوا من الرعيّة إطاعته ولو كان ذلك في معصية إقترفها تحت غطاء "أن الحاكم يحكم بأمر الله ومن ثمّ فهو لا يخطئ (معصوم)"، وبذلك – وغيره - تمادى الحاكم في مخالفة القانون الذي لا يؤمن به من حيث المبدأ لأنّه وُضِع من أجل أن يُطَبّق على الرعيّة... وعلى الرعيّة فقط.
من كثرة عدد المتملّقين حوله تحوّل الراعي إلى غول يخيف الجميع، وهو بذلك قد صنع لنفسه الكثير من الأعداء فكان لزاما عليه - من أجل البقاء - أن يحيط نفسه ببطانة من الناس يحمونه ويتستّرون على أفعاله، بل إنّه من أجل التمويه على مواطنيه بدأ يتفنّن في إختيار قائمة المحيطين به (البطانة) بحيث يكون من بينهم العلماء ( علماء الدين)، وحملة الشهائد العليا، و"المفكّرين"، و"آساتذة الجامعات"، مع عدد من "الإعلاميّين" وبذلك فهو إنّما كان يعزف نغم "التظاهر" حتى يحافظ على خداع الرعيّة والمحافظة على سكوتهم بمباركة رجاله من شلّة المحيطين به والناصحين له.
بطبيعة الحال - في بلد إسلاميّ - على الحاكم بحكم النصحية وبأثر البديهة أن يستشير رجال الدين المحيطين به عن أحسن الأشياء التي عليه أن يفعلها من أجل الحفاظ على إعجاب مواطنيه به؛ ولا يتأخّر رجال الدين في النصيحة فيشيرون عليه بأن يذهب إلى المساجد للصلاة، وأن يحافظ على حضور المناسبات الدينيّة، وأن يعمل على مسك مسبحة في يده اليمنى في جميع لقاءاته ومقابلاته مع أعيان البلاد، ومع زائرين من خارج البلاد.

 


  القذافي يصلّي

صدام حسين يصلّي
وحين أصبح النفاق سلعة العصر، وأصبحت الوجاهة تقاس بالمظاهر إلتجأ الناس إلى التظاهر حتى يحصلون على ما يشتهون، ويحققوا ما يصبون إليه معتمدين على تلك المظاهر الخدّاعة.... ذلك لأن الناس وللأسف تقيس الغير بالمظاهر.

مظاهر التظاهر

السبحة
واحده من المظاهر التي يظن من يتظاهر بها أن الناس من حوله بوسعه أن يخدعهم بها، وأن حمل سبحة في اليد والتسبيح بها أمام البيت، وفي الدكاكين، والمقاهي، وفي الأعراس، وفي السهريّات خارج البيت بإمكانها أن تعمّق الصورة بعد أن ترسمها في عقول البسطاء..... حتى أن هذه الظاهرة تحوّلت إلى تقليعة ومسلك يومي لا يمت إلى الدين بصلة. بالتأكيد من حق كل قارئ أن يقول بأن ظاهرة التسبيح بإستخدام السبحة ليست ضرورة، ولا هي من الدين في شئ؛ ومثل ذلك القول لا مرد عليه سوى أن من حق كل إنسان أن يسبّح بإسم الله بالطريقة التي تناسبه، ومطلقاً لا توجد بدعة في ذلك حتى ولو إعتبرنا أن البدعة من الإبداع.

شاكير يسبّح أمام عدسة الكاميرا... هل هي دلالة على التديّن؟.

اللحيّة
موضوع ترك اللحية أو حلاقتها أثار الكثير من الجدل بين أعداد ممن يسمّون أنفسهم علماء المسلمين. فمنهم من يحرّم تحليقها، ومنهم من يجيز ذلك:
حلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة والصريحة والأخبار ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ) وفي رواية : ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ) وفيه أحاديث أخرى بهذا المعنى ، وإعفاء اللحية تركها على حالها ، وتوفيرها إبقاءها وافرة من دون أن تحلق أو تنتف أو يقص منها شيء ، حكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنه السابق وبحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) صححه الترمذي قال في الفروع وهذه الصيغة عند أصحابنا - يعني الحنابلة - تقتضي التحريم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة ؛ لأن مشابهتهم في الظاهر سبباً لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل وفي نفس الاعتقادات ، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من تشبه بغيرنا لا تتشبّهوا باليهود ولا بالنصارى " الحديث ، وفي لفظ : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه الإمام أحمد . ورد عمر بن الخطاب شهادة من ينتف لحيته وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد : " يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال " .


أتركها هكذا... سائبة، شاعثة، غير مرتّبة فمن ذاك الذي يهتم بالذوق ؟

أتركها هكذا... سائبة، شاعثة، غير مرتّبة فمن ذاك الذي يهتم بالذوق ؟

أما حلق الشارب من عدمه فقد إختلف "أهل العلم" في هذا الشأن على قولين :

القول الأول : أن السُنّة هي الحلق بالكلية ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة . وإستدلّوا بظاهر الألفاظ النبوية الواردة في هذا الباب ، ومنها : ( أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ) البخاري ومسلم، ( أَنْهِكُوا الشَّوَاربَ ) البخاري، وفي لفظ لمسلم (جُزُّوا الشَّوَارب) .
القول الثاني : أن السُنّة قص الشارب ، وأما حلقه فمكروه : وهو مذهب المالكية والشافعية ، وشدَّد الإمام مالك رحمه الله في ذلك . وقد ورد هذا المذهب عن جماعة من السلف أيضا فروى البيهقي في "السنن الكبرى" بسنده : عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال : رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفّرونها: أبو أمامة الباهلي ، وعبد الله بن بسر ، وعتبة بن عبد السلمي ، والحجاج بن عامر الثمالي ، والمقدام بن معد يكرب الكندي ، كانوا يقصّون شواربهم مع طرف الشفة .

قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" :
" الأفضل قص الشارب كما جاءت به السنة...وأما حلقه فليس من السنة ، وقياس بعضهم مشروعية حلقه على حلق الرأس في النسك قياس في مقابلة النص ، فلا عبرة به ، ولهذا قال مالك عن الحلق : إنه بدعه ظهرت في الناس ، فلا ينبغي العدول عما جاءت به السنة ، فإن في اتباعها الهدى والصلاح والسعادة والفلاح " .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية : ورد في عدة أحاديث : (قصوا الشارب) فهل الحلق يختلف عن القص ؟ وبعض الناس يقص من أول شاربه مما يلي شفته العليا ، ويترك شعر شاربه ، تقريباً يقص نصف الشارب ، ويترك الباقي ، فهل هذا هو المعنى ؟ أو ينهك الشارب أي : يحلق جميعه؟ أرجو الإفادة عن الطريقة التي يقص الشارب بها .
فأجابت: "دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشروعية قص الشارب ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى ؛ خالفوا المشركين) متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ؛ خالفوا المجوس)، وهناك من قال (خالفوا اليهود).


بعضهم يترك شاربه، وبعضهم يحفّفها، وبعضهم يحلقها... وكل يتبع ملّته... والإسلام من فتاويهم براء.

نعم... وبناء عليه تجدنا اليوم ونحن نخالف اليهود في كل شئ يفعلونه؛ فهم يأخذون منّا الأرض ونحن نعطيها لهم، وهم يجلبون مهاجريهم إلى فلسطين ونحن نهجّر الفلسطينيّين إلى بلاد أخرى، وهم يخترعون ويصنعون ونحن نحارب الإبداع ونستورد ما يصنعون. كما أنّنا نخالف النصاري ( حسب الحديث الذي إبتدعناه وإختلفنا حتى في نصوصه) فهم بدورهم يبدعون ونحن بدورنا نقول إن البدعة حرام، وهم يخترعون ونحن ما زلنا نناقش هل من يبيع ملابس المرأة الداخلية في المحلاّت رجال أم نساء، وهل يحق للمرأة في أن تعمل في أسواق النساء لبيع ملابس المرأة الداخليّة.... هذه قضيّة ملحّة يتناقش فيها رجال الدين المرموقين في السعوديه هذه الأيّام !!.

السراويل المشمّرة والتفنّن في هندسة غطاء الرأس


 لاحظ التفنّن في هندسة غطاء الرأس
 

هناك الكثير من المسلمين من يرتدي السراويل لكنّهم يشترطون بأن تكون أحدى الرجلين أقصر من الثانية، وهذه يجب أن تكون اليمنى؛ كما أنّهم يشترطون بأن تكون السراويل مشمّرة حتى لا تعلق بها قاذورات الأرض أثناء المسير !.
كما نشاهد أيضاً في السنوات الأخيرة بأن الكثير من "علماء المسلمين" وهم يتحدّثون من خلال الفضائيّات مرتدين غطاء الرأس الذي كان قديماً عبارة عن غطاء مسدول (قطعة من القماش) يوضع على الرأس بغرض السترة والتواضع خاصة أثناء الصلاة؛ لكن الذي بدأنا نلحظه حديثاً أن ذلك الغطاء أصبح يعتبر ربما نوعاً من "الوجاهة" بحيث أن مرتديه يحافظ على ضم أطرافه الأماميّة بحيث يكون على شكل ثلاثة مثلثات مقلوبة (أهرامات) مثلث في كل طرف من جبهة الراس والثالث في الوسط (كما في الصورة العلويّة). كنت في أحد الأيّام أشاهد التلفزيون وكان المتحدّث أحد كبار الشيوخ في السعودية ، لكن الأمر الذي شد إنتباهي هو أن ذلك الشيخ كان يهتم بغطاء رأسه بشكل مبالغ فيه وهو يحرص كل الحرص على الحفاظ على تلك المثلثات بشكل أنيق وكأنّي به "ملكة جمال" تقف أمام طاقم تحكيم يراقب ملابسها وهندامها. قلت في نفسي حينها: لو أن الإسلام أصبح مثل هذا فإنني والله أشعر بالأسى على المسلمين أتباعه.

اللّطع الحمراء



اللّطع الحمراء في جبهة الرأس هي تقليعة جديدة لم نكن نراها من قبل في مقدّمة رؤوس رجال الدين، لكنّها اليوم أصبحت ظاهرة جديدة من المظاهر التي يحرص الكثير من شيوخ الدين الإسلامي على إظهارها للناس، ودافعهم لذلك حسب تفسيراتهم ينبع من فهمهم للآية:{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ }.. فنجدهم يفسّرون هذه الآية على أن كثرة السجود تترك علامات حمراء على هيئة رضوض كدليل على قوّة الإيمان عند من تظهر في جباه رؤوسهم، وكلّما كانت البقعة الحمراء أكثر حدّة وأكبر حجماً، كلّما دلّ ذلك على كثر السجود والمكوث طويلاً عند كل سجده.
لو نظرنا إلى هذه الظاهرة الجديدة وتعاملنا معها بالمنطق والمعقول لقلنا إنّها "كذبة" لا يوجد تبرير لها من عدة نواحي:
1- الظاهرة تعتبر حديثة نسبيّاً من حيث كثرة ظهورها، وتزايد عدد الناس الذين بدأوا يخرجون علينا بها؛ وهذا يتضارب مع الواقع حيث أنّنا في السنوات الأخيرة بدأنا نجد سجّادات رقيقة ناعمة ( حريرية الملمس) وسميكه أيضا مما يمنع حدوث ضغط على الأوعية الدموية في جبهة الرأس، وهذا يمنع حدوث رضوض.
2- عندما كان الناس يصلّون على الحصر، التراب، الزرائب، سجّاد الصوف الخشن لم نكن حينها نرى أناساً بتلك اللّطع.
3- يقال أنّه من بين نصائح رسول الله في الصلاة أن لايطيل الإنسان في السجود حتى لا يرهق نفسه، ومن كان يؤوم الناس في صلاة عليه أن يخفّف من الركوع والسجود لكي لايثقل على الناس... فهل يعني ظهور تلك اللّطع أن الناس في هذه الأيّام أصبحوا أكثر خشوعاً من ذي قبل؟.
4- لو فرضنا بأن أحد المصلين بقى لفترات طويلة ساجداً بهدف التقرّب لله، فإنّ الأثر الذي يتركه طول السجود سوف لايعدو كونه إحمراراً باهتاً سرعان ما ينجلي بعد إنتهاء الصلاة ومن المؤكّد بأنّه سوف لن يبقى حتى موعد الصلاة اللاحقة؛ فكيف بتلك الرضوض الكبيرة بلون أزرق محمرّ نتيجة لتسرّب كريات الدم الحمراء خارج أوعيتها مما يؤدّي إلى تكسّرها وهذا يحوّلها بفعل الأكسدة إلى مادة تسمّى الهيموسيدرين المزرق اللون.

هذا من الناحية الفسيولوجيّة؛ أما من الناحية الإيمانيّة فإن تفسير هؤلاء "الشيوخ" للآية يعتبر تفسيراً خاطئاً من حيث الأساس وذلك للأسباب التالية:
1) الآية كلّها تقول: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } بمعنى أن محمداً رسول الله عليه السلام، والذين معه هم من تراهم ركّعاً سجّداً، وهم من تظهر سيماهم في وجوههم ( وليس جباههم) من أثر السجود؛ ولم يحدّثنا الله عن طبيعة هذه السيمات... بمعنى أنها ربما لا تعدو كونها علامات الهدوء والطمأنينة تظهر على وجوههم من كثرة الإرتياح لأنّهم يحبّون الله ويحبّون أنفسهم وهم مطمئنّين على علاقتم بربّهم فتراهم سعداء ومرتاحين. لو أن الله اراد أن يحدّثنا عن علامات على جباههم لكان قال ذلك. قال الله تعالى في سياق آخر: {يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }.. وهنا نلاحظ أن الله ذكر "الجباه" بإسمها؛ فلماذا إذاً ذكر "وجوههم" بدل جباههم إن كان يعني سيماهم على جباههم؟.
2) ذكرالله "السيمات" في مواضع أخرى، وفي تلك المواضع ذكرت السيمات بدون أي علاقة لها بالسجود أو الصلاة مما يدل على أن سيمات الوجوه قد يكون لها أكثر من تفسير ومعنى. قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا } وهنا نلحظ أن السيمات تعني ملامح، ولا تعني لطعاً حمراء !.
كذلك قال الله تعالى: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} وهنا أيضاً نلاحظ بكل وضوح أن السيمات عنت علامات. وقال أيضاً: {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ }، وقال كذلك: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ }، وقال: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ } وأترك للقارئ بأن يفسّر سيماهم كما يراها ويفهمها من الآيات المذكورة.
الرواية التي سمعتها وأظنّها حقيقيّة ( حكماً بالشواهد) أن الشخص الراغب في إظهار "اللطعة" الحمراء للناس لغاية في نفسه يقوم بضرب جبهة رأسه بحجر مدبّب الرؤوس حتى يدمي جبهته ثم يأخذ ملحاً ( وهناك من يقول فلفل وبهارات أيضاً) ليحكّه عدة مرات على رضوض الجبهة، ويعيد نفس العمل متى خفّ لون اللطعه حتى تتعظّى الجلطة الدموية وتأخذ ذلك اللون القرمزي الداكن؛ وبذلك فإنّها تبقى تحت الجلد لعدة أيّام، وقد يفسّر ذلك ربما بظهور بعض الناس مثل المستشار مصطفى عبد الجليل بلطعة كبيرة وداكنة أحياناً، وخافته حتى لا تكاد تظهر للعيان في أيّام أخرى حين ربّما لا يجد المستشار لديه من الوقت ليعيد إليها إحتقانها من جديد.

المستشار مصطفى عبد الجليل واللطعة الحمراء ( خافته أعلى، وداكنة أسفل)


اللواء يوسف المنقوش رئيس الأركان العامة للجيش الليبي: لا توجد لديه لطعة قبل التعيين (يوليو 2012)، ونلاحظ وجود لطعة قويّة على جبهة رأسه بعد التعيين (ديسمبر 2012)... هل أكثر اللواء المنقوش من السجود خلال الخمس أشهر الماضية من أجل أن تفيده اللطعة في التعيين ؟. أنا شخصيّاً أرى سيمات ألطف على وجهه بدون لطعة، ولكن اللواء المنقوش أدرى بما حدث له خلال 5 أشهر.

الهندام المبهذل
هناك وبقرب محطّة تسمّى قوس الرخام  Marble Arch كنت في جولة في لندن فمررت بمنطقة تجاريّة وسياحيّة كبيرة أمام محطة الأنفاق المسماة بإسم المكان فوجدت ما يقارب من العشرين "إسلاميّاً" يوزّعون المنشورات، ويعترضون المارّة بنوع من الغجريّة والإندفاع نحوهم بشكل ينفّرهم منهم، لكنّ هؤلاء "الإسلاميّين" لم تردعهم ردود الأفعال تلك بل تجدهم يعيدون الكرّة وبنفس الإسلوب مع كل من يمر أمامهم ولا أحد ينكر عليهم مجهوداتهم؛ لكن الذي لفت إهتمامي بالفعل هو "هيئتهم".. ملابسهم الرثّة ( قمصان بيضاء طويلة وواسعه، مع سراويل مشمّرة)، لحيّهم الشاعثه الغير موظّبة، ورائحة "الكاري" التي إختلطت مع عرق إباطهم.. الصورة أتعس مما وصفت لكم، وبكل صدق أكثر تقزّزاً مما ذكرت لكنّني لم أرغب في أن أتحامل على أحد، أو أن أذمّ أحد؛ غير أن اولئك الناس بتلك الهيئات والجلابيب واللّحي وبأسالايبهم "الغجريّة" الخالية من اللطافة لا يمكنهم أن يقنعوا أحداً بأن الإسلام هو دين حضارة، ودين نظافة، ودين إنسانيّة. لا يمكنهم مطلقاً تقديم الصورة الجميلة للإسلام كما أنزله الله بدون تزيين ولا تزويق ولا إضافة ديكور. أنا أتقزّز من أمثال هؤلاء وأقولها بكل صدق مع أنني – ويشهد الله – لا أكره أحداً في حياتي، ولا أقلّل من قيمة إنسان مهما قلّ مستواه الحضاري؛ لكنّني أحسست بالتقزّز وأنا مسلم مثلهم أعرف ما هو أسواء من هذا في ممارسات "إسلاميّين آخرين" فما بالك بأولئك الذين عاشوا في بيئة مختلفة، وتربّوا على ثقافة ناعمة فيها الكثير من اللطافة والإتيكيت فإذا بهم يقفون أمام نفر من "الغجرييّن" وهم يدعونهم للإسلام في وقت أصبح فيه الإسلام وللأسف "غريباً" بكل معنى الكلمة. الإسلام ليس غريباً إن كنّا صادقين مع أنفسنا وإنما أصبح منبوذاً، مكروهاً، ويقترن إسمه بالإرهاب والقتل والدمار والتفجيرات.... ولماذا وصل الإسلام إلى هذا المستوى "الوضيع" في عقول وقلوب البشر الغير مسلمين ( ما يقارب 5 مليار من البشر)؟. هذا سؤال علينا أن نجيب عليه نحن المسلمون؛ وأنا هنا أعني: المثقفون، والمتعلّمون، والواقعيّون، وجيل اليوم الذي يتعامل مع آخر مبتكرات العصر من تقنية وعلوم إتصالات، وحواسيب، وأيبودات، ومكتبات إليكترونيّة بكاملها تستقبلها على جهاز صغير تحمله في راحة يدك. هذا هو الجيل الذي تهمّه سمعة الإسلام ليس لأن ديننا معاب، ولكن لأن أمثال أولئك الذين ذكرتهم، وأمثال أتباع "القاعدة"، وبقيّة الجماعات الإسلاميّة المتشدّدة التي لا تفقه إلاّ في شئ واحد.. كيفية الإساءة إلى الإسلام. كان هؤلاء بالفعل قد أساءوا إلى الإسلام، وما زالوا وللأسف يسيئون إلى الإسلام بأسمائنا جميعاً أتباع هذه الديانة التي هي ديانة المسيحيين، وهي ديانة اليهود، وهي في واقع الأمر ديانة الله الواحده منذ سيدنا آدم وإلى يومنا هذا.
ما ضرّ لو أنّ اولئك "الإسلاميّون" الذين كانوا ينشطون في قوس الرخام بلندن فكّروا قليلاً، ودرسوا بعضاً من طبائع البشر الذين يجوبون تلك المنطقة ذهاباً وإيّاباً - وهم في غالبهم من السوّاح الشباب والشابّات – وبعد ذلك أرسلوا إليهم شباباً مسلماً في أعمارهم وبثقافة مثل ثقافتهم، وبهندام أنيق، وبطريقة في التحدّث تتميّز بالتأدّب واللباقة، والإبتسامة، واللين، واللطافة ثم حدّثوهم عن الإسلام "الجميل" الذي يرعى الشباب ويحل مشاكل البطالة عندهم، ومشاكل الحمل الغير مرغوب فيه، ومشاكل الأمراض التناسلية السارية التي تتفشّى بشكل مخيف بين شباب أوروبا في تلك الفئة العمريّة التي أتحدّث عنها. إنّهم لو فعلوا ذلك لكانوا كسبوا الآلاف من الأتباع أو من المتعاطفين مع الإسلام على الأقل؛ لكنّنا في حاجة إلى "تنجير"، و"تهذيب"، و"تلطيف" رجال الدين عندنا ختى يتواكبوا مع العصر الذي نعيش فيه.... إنّنا في حاجة إلى أن "نتحضّر" وأقولها بكل أسف؛ لكنّها هي الحقيقة.

التحجّب
أنا سوف أتحدث عن هذا الموضوع في مقال مستقل قريباً جدّاً نظراً لحساسيته، ونظراً لتلك القدسيّة التي يصبغها "علماء الدين" على موضوع التحجّب حتى لكأنّي بالكثير من علماء السعوديّة على وجه الخصوص يجعلون منه "الركن السادس في الإسلام".
أنا لا أريد أن أتحدّث عن الوضعية الشرعية للتحجّب، ولا أود على الإطلاق تنفير أحداً منه، أو تقديم صورة سيئة عنه من حيث المبدأ ولا من حيث التطبيق؛ لكن الذي دعاني للتطرّق إلى هذا الجانب في مقال اليوم هو فقط من نافذة "المظهر والتظاهر".
علماء المسلمين يريدون من كل أنثى أن تتحجّب بدءاً ربما من عمر 4 سنوات فما فوق وحتى ما بعد سن ال80 سنة؛ لأنّهم يرون أن إيمان المرأة لا يمكنه أن يكتمل بدون إرتداء الحجاب أو النقاب أو البرقع أو أي نوع آخر من التلابيب حسب البقعة الجغرافيّة، وحسب ثقافة المنطقة وعادات أهلها.
أغلب شيوخ الدين لا يهتمّون على الإطلاق بما تفعله المرأة تحت الحجاب، ولا بخصوص قناعتها بالتحجّب من عدمها؛ وإنّما كل ما يهمّهم هو أن تتحجّب الأنثى.

هذه أنثى متحجّبة ( تفي بالغرض) لكن هل يمكن لأي مسلم حاذق أن يصدّق بأنّها تفقه ما هي المعاني الروحيّة للتحجّب؟. إنّها تفهمه على أنّه فرض، وهو مفروض عليها رغماً عن قناعتها وبذلك فهي تتحجّب حتى لا تغضب من أمرها بذلك؛ لكنّها بيّنت بكل جلاء على أنّها لا تؤمن به أكثر من كونه مظهراً أو نوعاً من الطقوس الإسلاميّة التي لا يستوي دينها بدونه، وهناك بالطبع من يكفّرها إن هي لم ترتديه، وهناك من يحذّرها بأن الله سوف يكوي كل ملليمتر من جسدها الغير مغطّى بالنار يوم القيامة. إرتدت المسكينة الحجاب بدون قناعة، وبدون رضاء لكنّها بكل تأكيد أرضت الآخرين الذين طلبوا منها أن تفعل ذلك "حفاظاً على شرف وسمعة الأسرة"!!.


وهذه مثل السابقة تماماً، لكنّها ربّما لم تكن منتبهة لما تعرّى من جسمها وهو بكل تأكيد أكثر إثارة من وجهها أو رأسها أو رقبتها التي تغطيها بقطعة قماش قالوا لها بأنّها تسمّى "حجاباً".

وهذه – مثل الكثيرات غيرها – تتحجّب نعم لكنّها تجمّلت بشكل يجعل كل العيون ترمقها وتتبعها، وربما أيضاً تطمع فيها.. ذلك لأنّها حوّلت حجابها إلى معلم جمالي يصل إلى مرتبة "الموضة" بأن إهتمت بتلك اللواحظ، وجمّلت تلك الجفون، وكيّفت تلك الرموش فتحوّلت الجميلة بفعل الحجاب إلى فاتنة تثير الفتنة التي ترتدي الحجاب من أجل قتلها كما يقول "شيوخ الدين".

كيف ستقود هذه السيّدة أو الآنسة ( لا أعرف) السيارة، وكيف لها أن تشتغل كطبيبة، وكيف لها أن تتقدّم إلى وظيفة بدون مقابلة شخصيّة؟. وكيف يمكنها الذهاب إلى محكمة للدفاع عن قضيّتها، وكيف لها أن تشتغل كمدرّسة.. وكيف، وكيف؟.
أولئك الذين يحرمون المرأة من كل شئ في حياتها خارج مسئولية الطبخ والغسيل ورعاية الأطفال يجدون لأنفسهم مبررات... نعم كيف يمكن لهذه أن تخرج للشارع لوحدها؟. كيف يمكن الإطمئنان عليها بأن تقود السيارة؟.

وفي النهاية أود أن أذكّر بأن العبادة في الإسلام هي علاقة بين الإنسان وربّه بدون الحاجة إلى وسيط أو شفيع أو شاهد.. فربّنا يعلم خفايا أنفسنا، ويعرف عمق إيماننا، ويعرف مدى الصدق في تعبدّنا.... فلماذا نتظاهر بعباداتنا أمام الآخرين؟.
قال الله تعالى:{ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ۗ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } فهل نحن في حاجة لأن نظهر إيماننا للناس، أو نشعرهم بعمقه؟. لا..... العبادة هي علاقة بين الإنسان وربّه، ولا حق لأحد في أن يعرف عنها؛ لأن الذي يجزي على حسن أدائها هو الله، والذي يجازي على التفريط فيها هو الله. قال الله تعالى مخاطباً نبيّه عليه السلام: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ }.... صدق الله العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك