2011/09/29

الولاء يجب أن يكون لليبيا

يبلغ عدد سكّان ليبيا 6,546,000 نسمة حسب تعداد عام 2010 (تقريبي)؛ منهم حوالي 460,000 من البربر في أحسن التقديرات.
يتكلّم سكّان ليبيا العربيّة، لكن منهم حوالي 5% من السكّان من يتكلّم مع ذلك بغير العربيّة ( بربريّة، تارغية، ولغة التبو).
يدين أغلب سكّان ليبيا (97.5%) بالإسلام منهم أكثر من 95% من السنة؛ أما الباقين فيتبع أغلبهم المذهب الأباضي الذي تعود جذوره إلى الخوارج، ويوجد في ليبيا القليل من الشيعة.
إن البربر أو الأمازيغ اسم يطلق على أقدم السكان المعروفين عند بداية الأزمنة التاريخية في الشمال الأفريقي. هناك من يقول بأن الأصل هو الأمازيغ ثم أطلق عيهم "البربر" في عهد الرومان حين قاوم الأمازيغ الإحتلال الروماني، ولم يتعاونوا معه بتلك الشدة التي دفعت الرومان إلى نعتهم بالبربر أي "الأحرار المعتزّين بأنفسهم".
هناك أقوال أخرى تشير إلى أن الأصل هو "البربر"، وأن "امازيغ" أو "امازيغن" ماهي إلا مجموعة  بربريّة كانت تقيم في طنجة في المغرب؛ ومن ثم فإن كلمة "امازيغ" ربما أعتبرت تعميم إسم مجموعة من البشر (لحمة) كانت تقيم في مكان محدد، ولها عاداتها ولغتها أيضا التي كانت تشترك في الكثير مع لغات البربر المختلفة. البربر كانت ربّما تعبّر عن مجتمعات من البشر كانت تقيم في المنطقة من سيوة في مصر وإلى طنجة في المغرب؛ بل إن هناك من قال بأن البربر يقيومن على منطقة تصل إلى جزر الكناري في شرق المحيط الأطلسي.
هناك أيضا من يقول بأن شعب الأمازيغ (البربر) كان قد تألف من عناصر غير متجانسة انضمّ بعضها إلى بعض في أزمنة تاريخيّة مختلفة، وتفاوتت درجة تمازجها حسب الزمكن والمكان؛ لكن يبدو أنّه من الصعب تحديد الفرع الذي ينتسبون إليه، ومن أين أتوا ولا يمكن تقرير شيء مؤكد فيما يتعلق بالأصول الأجناسية واللسانية للأمازيغ. فأغلب الأراء تفيد بأن الإنسان الأمازيغي لم يهاجر إلى شمال أفريقيا من منطقة ما ولكنه وجد فيها منذ البداية؛  ويميل اتجاه آخر إلى القول باقتران ظهور اللغة الأمازيغية مع ظهور الإنسان القفصي (نسبة إلى قفصة بتونس) في الفترة بين عامي 9000 و6000 قبل الميلاد .
 

يعرف البربر في ليبيا بالزواريّة والجباليّة حسب آماكن تواجدهم، لكن كلمة الأمازيغ لم تكن شائعة في ليبيا حتى منتصف التسعينات حين كان نظام الطاغية معمّر القذّافي يحارب البربر، ويعتبرهم عرباً ( بر- بر حسب رأيه هم العرب الذين أتو إلى ليبيا من الشرق عبر البر... وهذه بالطبع واحده من هلوسات الطاغية القذافي، وتندرج في قائمة الأسماء التي كان يعتبرها عربية الأصل مثل شكسبير= الشيخ زبير وأمثالها).

محاربة الطاغية القذافي لإخوتنا البربر، ومنعهم من إطلاق أسماء بربرية على أطفالهم أشعرتهم بالغبن، ودفعتهم إلى الإحساس بأنهم أقليّة مضطهدة في بلدهم مما شجّع الناشطين منهم على الخروج من المحيط الليبي ( كوطن) إلى المحيط البربري كإنتماء عرقي؛ وبذلك إتجّه إخوتنا البربر غربا إلى المغرب على وجه الخصوص، ومن هناك إنتقلت كلمة "آمازيغ" إلى ليبيا، وبدأ الإخوة البربر في ليبيا يفضّلون التكنّي ب"الآمازيغ" بدل البربر.
من الناحية الإجتماعية.. تعايش العرب والبربر معا كأسرة واحدة جمعهم الوطن، وجمعتهم العادات والتقاليد التي كانت متشابهة إلى أبعد الحدود، وجمعهم بالتأكيد الإسلام. تعلّم بربر ليبيا اللغة العربية ليس فقط لأنها كانت مفروضة عليهم، وليس لأنّها كانت اللغة الرسمية في الدولة الليبية؛ ولكن لأنها لغة الأغلبية من ناحية، ولأنها لغة القرآن ، ولغة الصلاة والعبادة بالطبع.

كما أفرز الإخوة البربر أبطالا في عهد الإسلام من أمثال عقبة بن نافع، طارق بن زياد، إبن خلدون، إبن بطوطة، عبّاس بن فرناس، يحيى بن كثير، وغيرهم الكثير.

إذا من هنا نرى واضحا بأن بربر ليبيا أو ما يفضّلون حديثا نعتهم به "أمازيغ ليبيا" ما هم إلا جزء من الشعب الليبي، وقد تعايش العرب والبربر في ليبيا في أخوّة ووئام برغم محاولات الطاغية القذافي طمس هوّيتهم،وفرض العربية عليهم بالقوة والترهيب.

حين قامت ثورة 17 فبراير المجيدة تنادى سكّان الجبل الغربي ( جبل نفوسة) عربا وأمازيغ وكوّنوا معا جبهة موحّده ضد كتائب القذّافي برز فيها على وجه الخصوص ثوّار الزنتان، وكذلك ثار سكّان زوارة ضد الطاغية القذّافي وكانت زوارة من أوائل المدن التي تحررت قبل أن تقوم كتائب القذّافي بإعادة السيطرة عليها كما حدث في مدينة الزاوية.

أذكر أننا كنّا طلبة في الجامعة مختلطين عربا وزوارية وجبالية وكنّا نتسامر مع بعض، وكنّا نخرج ل"الزرادي" مع بعض بدون فروق ولا حساسيات حيث كان يجمعنا الوطن كليبيين حين كان إنتماء إخوتنا البربر بالكامل إلى ليبيا قبل أن يخرج علينا بعض المنادين بالأمازيغية من بين أولئك الذين كانوا يقيمون في خارج البلاد، والذين تمكّنوا من حضور بعض الملتقيات للأمازيغ في المغرب، وفي العديد من الدول الأوروبية.

حين خرج إخوتنا الأمازيغ في مسيرة كبرى في مدينة طرابلس في آواخر الإسبوع الماضي كان على ما أظن ولاءهم للأمازيغية أكثر منه لليبيا، وربما برهنوا على ذلك في كلماتهم من فوق المنصّة، وفي شعاراتهم، وفي الأعلام التي رفعوها، وكذلك في مطالبهم التي إشتملت على إعتبار لغتهم كلغة رسمية في الدستور الليبي الجديد، وقد وقفوا قليلا قبيل المطالبة بدولة مستقلة للأمازيغ.


مسيرة طرابلس الحاشدة.... إبحث عن علم ليبيا من بين الأعلام المرفوعة.

وهمسة في أذان إخوتنا البربر (الأمازيغ) ....... من بين مجمل سكّان ليبيا الستة ملايين ونصف؛ يوجد أقل من نصف مليون ليبي يظن بأنّهم ينتمون إلى البربر (الأمازيغ)، وهؤلاء كلّهم يتكلّمون العربية، ويدين أكثر من 95% منهم بالإسلام.... لماذا يا إخوتي تحاولون الخروج من محيطكم، والإنسلاخ عن أهلكم لتعلنوا إنتماءكم لغرباء عنكم يقيمون خارج حدود بلادكم، ويتكلّمون لغات (لهجات) ربما لايفهمها أغلبكم؟. لماذا تترفّعون عن إخوتكم، وأهلكم في ليبيا جريا وراء سراب ربما لايؤمن به أغلبكم؟.

ألسنا كلّنا ابناء وبنات ليبيا؛ يجمعنا وطن واحد نعيش كلّنا تحت سقفه، وننعم جميعا - بدون تمييز- بخيراته، ونتمتع فيه بالإخوّة الليبية التي لاتعرف عربي أو أمازيغي..... فكلّنا إخوة ليبيّون وحسبنا شرفا هذا الإنتماء؟. سوف يبقى العربي والأمازيغي إخوة متحابّين ومتعاونين، وسوف بإذن الله لن يفرقهم دعاة النعرات والعرقيّة خاصة إذا إحترم كل ليبي وليبيه جاره في السكن، وزميله في العمل، ورفيقه في الدرسة والجامعة بغض النظر عن عرقه، ودينه، أو خلفيته الثقافيّة. إن عالم اليوم لم يعد فيه مكانا للقبيله، أو اللحمة، أو النعرات العرقية؛ لأن الذي يجمع بين الناس في عالم الكمبيوتر، والإنترنت، والموبايل، والأقمار الصناعية هو العلم والبحث عن سبل التقدّم إلى الأمام، والإرتفاع بمستوى المعيشة مع الحرية والكرامة والإحترام المتبادل.

دعونا نتحدّث عن المنطق... كم يوجد مليونا في فرنسا من العرب، والمسلمين. على سمحت فرنسا لهم بمادة تعترف بلغتهم أو دينهم في دستورها؟.

كم يوجد مليونا من المسلمين والعرب في أمريكا؟. هل سمحت أمريكا لهم بمادة في دستورها تعترف بلغتهم أو دينهم، أو حتى هوّيتهم؟.

في الواقع.... دعونا نتحدّث عن الإسبانيين - أو الذين ينحدرون من أصول إسبانية، ويتكلمون اللغة الإسبانية - هل إعترفت بثقافتهم أو لغتهم أمريكا وأفردت لهم مادة واحده في دستورها؟.

لنكن أقرب للواقع بأن ننظر إلى سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر... هل يوجد في دستور أمريكا ما يعتبر لغتهم، أو ثقافتهم بكافية ليتم تبويبها كمادة من مواد الدستور؟.

لماذا نحن في ليبيا نصرّ على أن يشتمل دستور ليبيا الجديد على مواد خصوصية للغة والعرق "الأمازيغي"؟. لماذ لا نتحدّث عن "الحرية".. حرية التعبّد، حرية الثقافة، حرية التحدّث بأي لغة في نطاق نص صريح في دستور بلادنا يقول بأن اللغة الرسمية في ليبيا هي اللغة العربية، والدين الرسمي لليبيا هو الإسلام؛ مع إحترام خصوصيات المجتمع الليبي وتنوعاته العرقية والثقافية؟.

إذا كنا بالفعل نؤمن ونحس، ونعترف بأننا ليبيون وولاءنا هو لليبيا فقط؛ فعلينا أن نستظل جميعا تحت مظلّة الأغلبية، ومع الإحتفاظ بحقّنا للتحدّث، والتغنّي، والتسمّي بلغتنا الأمازيغية كإختيار يدلّ على الحرية في بلادنا، وإحترام هذا البلد - مع كل شعبه - للتعددية وحرية الإختيار. أظن بأنه يتوجّب علينا كمثقفين عرب وأمازيغ بأن نفكّر من خلال ليبيا، ومن أجل وحدة بلادنا فالذي يغرّب عن وطنه تختلط عليه الأوراق، وقد يجد صعوبة في فرزها من جديد. ليبيا هي بلدكم، وكل أهلها هم إخوتكم، وكل الأمن والأمان الذي تبحثون عنه متوفّر في ليبيا الحيبية بعربها وأمازيغها، وتوارغها، وتبوها، وبقية أقلياتها العرقية و الدينية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك