2011/08/07

المستسلمون

الجماعه الليبيه المقاتله ـ أو كما كانت تسمّى ـ يبدو أن أعضاءها كان قد جرفهم التيار، وتاهوا في عالم الوهم والخيال الذي رسمه لهم أولئك الظلاميون الذين لم يروا من الإسلام غير العقاب، وعذاب السعير.

أولئك أصحاب اللحي الشاعثه، والأسمال المبتذله، والعقول المتحجّره هم من رأى الإسلام كلّه على أنّه مجرّد عذابات وألام، وهم من إبتدع عذاب القبر، ووصفوا لنا بالتفاصيل كيف يأتي "ناكر ونكير" الى الميّت بعد دفنه ليسألوه عن من هو ربّه، ومن هوّ رسوله، وماذا كان يعمل في الدنيا "الزائلة" قبل وفاته، وكيف كان عاقّا لوالديه؛ وفي كل مرّة يجيب ذلك "المسكين" بما توفّر لديه - حسب وصفهم - حتى يضربه ملكا الموت ضربة تغيصه الى سابع أرض.. وهكذا يستمر مسلسل العذاب في القبر الى يوم القيامه.

هؤلاء "الدّجالون" بإسم الله هم من أوقع الشباب الليبي في المهالك، وهم من غرس في عقولهم تلك "الجنونيّات" في التفكير، وذلك "الإستغراب" في التصرّف. أولئك الذين تم إطلاق سراحهم من سجون القذافي أخيرا كانوا وللخيبه طلبه في الجامعه، أو من خريجيها، أو من حملة الشهادات العليا وكأنّي بهم يحملون أسفارا غير قابله للصرف في بيئتهم، وعلى تراب بلادهم.

نعم إن ممارسات الطاغية معمر القذافي، وظلمه لليبيين الأبرياء هي بدون شك ما كان قد دفع أولئك الشباب الى "الإستغراب" في بلادهم، وإلى "الشذوذ" في تفكيرهم؛ ذلك بأنهم كانوا كمن يهرب من دخان النار الى لظاها، ومن "الغول" إلى "سلاّل العقول" كما يقول المثل الليبي.

أنا - وبكل صدق - لا أشمت في هؤلاء، ولا أسخر منهم ـ حاشى لله ـ وإنّما أرأف لحالهم، وأحسّ ببعض من معاناتهم؛ فوالله إن حالهم يرثى له، وإن نفسيّاتهم تعاني من صراع كبير وأكبر من قدراتهم على تحمّله مهما كان جلدهم وصبرهم؛ ومهما كانت قوة إيمانهم.. لكنها هي سنة الله، وقد تكون صدمة هُدف منها إيقاضهم من ذلك التيه الذي كانوا يعمهون تائهين في عالمهم المتأزّم.
إن أشد عذابا وإيلاما على هؤلاء الشباب هو إعتذارهم للظالم الذي أجرم في حق كل الليبيين ـ وهم يعرفون ذلك يقينا ـ، وكذلك دعوتهم لليبيين بإطاعته وهم يعرفون بأنه لم ولن يعرف حدود الله، ولم ولن يخاف عذاب الآخرة إن كان أصلا في قراراة نفسه يؤمن بشئ إسمه الآخرة.
أما فيما يتعلّق بالجماعات "الإسلاميه" الأخرى من أمثال تنظيم القاعده، والطالبان، وتنظيم الإخوان المسلمون، وجماعة حزب العوده، وحزب التحرير، وغيرها من التسميات فما هي إلا أسماء لتنظيمات ظلامية تعتبر في مجملها تكفيريه، ورافضة لكل ما هو جديد ومتجدد.

أقول لكل المنتمين لهذه التنظيمات التي تتوشّح بثوب الإسلام والعفه.. أقول بأننا كمسلمين لسنا في حاجة الى أي من هذه التنظيمات؛ كما أننا لسنا في حاجه الى تلك التقسيمات "التفريقيه" من أمثال السنّه، والشيعه، والزيديه، والأباضية، والوهابيه، وما إليها من التسميات التي كانت السبب المباشر في كل ما لحق بالمسلمين من دمار منذ وفاة الرسول عليه السلام وحتى يومنا هذا...... فإن كان "الشيعه" هم أوّل من أحدث شروخا بين المسلمين وتركوا جروحا وقروحا بينهم لم تندمل إلى يومنا هذا؛ بل إنها تزيد من إيلامنا كل يوم ( راجع أحداث البحرين الأخيرة).... وسوف لن تندمل طالما أن هؤلاء ما زالوا يعتقدون بما يعتقدونه بعيدا عن دين الله الحق، وبعيدا عن تعاليم الإسلام التي تدعو الى عبادة الله بالتي هي أحسن، وبعيدا عن البغض والكراهية اللتان لم يعرف أولئك الظلاميون غيرهما... إن كل ما تبع ذلك التشيّع الحاقد الذي بدأ بعيد وفاة الرسول عليه السلام من أحزاب، وشيع، وملل ، وتنظيمات كيديه هو ما جعل دين الله السمح يعيش اليوم غريبا ومنبوذا بين شعوب الأرض؛ ومن كان منكم لم يتنبّه بعد لوقع الكارثه ولمردودات أفعال تنظيم القاعده المخالفه لروح الدين الإسلامي، والبعيدة عن تعاليمه السمحاء... فما عليه إلا قراءة الأخبار عن ردّات الفعل الشعبيه العنيفه في أغلب دول العالم المحيطه بنا ضد مجرد التفكير في بناء مسجد جديد، أو إقامة مدرسة إسلاميه، أو حتى تجديد أو صيانة مئذنة بدءا من هولندا وإلى الدنمارك، وفرنسا، وألمانيا، وسويسرا، وأخيرا خبرا قرأته من وارسو عاصمة بولندا يقول بأن سكان وارسو كانوا قد إعترضوا وبكل قوة على مشروع بناء مسجد جديد هناك. هذا ما تمكّنتم من تحقيقه يا أيها البلهاء "المتشددون"، وتلك هي الخدمه الجليله التي قدمتموها للإسلام. لقد أنزل الله الإسلام لاسنيّا ولا شيعيّا ولا زيديّا، ولا وهابيّا، ولا أباضيّا؛ وإنّما إسلاما واحدا لاخلاف فيه، ولا غبار عليه؛ لكنّ أمثالكم من قبل هم من قسّم الإسلام الى شيع ،وأحزاب، وتنظيمات "تكفيرية"... وأمثالكم هم من إبتدع الشيعه والسنه وما إليها من تقزيم وتشرذم لأمة الإسلام التي أرادها الله بأن تكون أمّة واحده لا شرقيه ولا غربيه، ولا سنيّه، ولا شيعيّه؛ بل أمة مسلمه تؤمن بالله وبكتابه.

إن من يتحدّث عن الديانات الثلاث (اليهوديّه والمسيحيّه والإسلام) إنّما هو من لايعرف شيئا عن الإسلام الحقيقي حسب وجهة نظري. إن الدّين عند الله هو "الإسلام" ولا وجود لدين غيره. نعم توجد كتب سماويه، ونعم يوجد أنبياء ورسل؛ ولكن لا توجد ديانات سماوية بل دين واحد هو الإسلام. فالإسلام هو دين إبراهيم، ودين موسى، ودين عيسى، ودين محمد... ولكم في أيات القرآن الكريم الصريحه خير مثال على ما أقول.

إذاً.. نحن لسنا في حاجة الى هذه الأحزاب والتنظيمات التي تسمّي نفسها بالإسلاميه والتي يعتبر هدفها الأساسي هو السيطرة على الحكم والتحكم في حياة البشر وفق المنظور الضيّق، والمفهوم السطحي للإسلام. هؤلاء هم في واقع الأمر من يسئ الى الإسلام لأنهم بكل بساطة إنّما هم يتكلمون بإسم الإسلام، ويدّعون بأنّهم إنّما هم بتلك الأعمال الإرهابيه يدافعون عن الإسلام، وعلى أنّهم هم وحدهم من يناط بهم صون الإسلام والحفاظ عليه.
هؤلاء لايمثّلون غيرهم من المسلمين في أي شئ، وعليهم التوقف عن الحديث بإسمنا لأنهم لايمثّلوننا حتى وإن إدّعوا ذلك بإسم الله؛ لأنهم ـ وهذه حقيقة ـ غير مُفوّضين من قبل أحد من المسلمين.... فهم ـ مثلهم في ذلك كمثل حكام العرب وطغاتهم ـ ليسوا منتخبين من جموع المسلمين، وهم في حقيقة الأمر لايؤمنون بالأسس الديموقراطيه المتعارف عليها أصلا... وكثير منهم يعتبر الديموقراطيه بدعه والبدعة عندهم حرام.

عندما يخنع الرجال، ويتحوّلوا الى بطانة فاسده للحاكم؛ وعندما يقول أحد "الرجال" وأمام الملأ أجمع، ومن على شاشات التلفزه: يا ليتني كنت جوادا يركبني العقيد، وعندما يتحوّل الرجال في ليبيا الى "لقّاقه"، ومطبّلين، وتنابله، ومداهنين للحاكم ولأولاده، وعندما يخرج أعضاء "الجماعه الليبيه المقاتله" من سجنهم وهم يباركون ما فعله ومازال يفعله الطاغية "معمر القذافي" بهم وبإخوانهم من الليبييّن والليبيّات.... عندها يتوجّب على النساء في ليبيا أن يقمن بدورهنّ حتى لايحدث فراغا في بلادنا؛ ذلك لأن أمثال هؤلاء الرجال رضوا بالذلّ والمهانه في سبيل الخروج من السجن والحفاظ على حياتهم التي سوف لن تكون أكثر من حياة "كلاب ضالّه" في عقل الديكتاتور المجرم "معمر القذافي" مهما إستكانوا له، ومهما ركعوا أمامه؛ فهذا الديكتاتور وكما خبرناه إنما هو إنسان حاقد على كل الليبيين ولا يهمه إلا نفسه وأبنائه؛ ولكم في تعامله مع سويسرا بذلك الشكل، وبتلك العنجهية المثال الساطع لذلك.

إن العالم من حولنا قد تغيّر، وإن الوقت لا ينتظر؛ فعلينا أن ننهض من سباتنا، وعلينا أن ننظر إلى الأمام؛ فالماضي كان قد مضى وولّى ولم يبقى لنا منه سوى كتاب الله الذي أراده ربنا بأن يكون صالحا لكلّ زمان ومكان لأننا لم نتمكّن من تأويل معانيه، وسوف لن نتمكّن من ذلك إلى أن تقوم الساعة لأن الله أراده كذلك حتى يفسّره كل قوم حسب معرفتهم ومقدار إدراكهم وفق الزمن الذي يعيشون فيه.... ومن هنا فإن فهمنا للقرآن يتغيّر مع الزمن؛ لكن المعنى الحقيقي لكلام الله لايعلم تأويله إلاّ هو جلّ وعلى.

{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} سورة آل عمران؛ الأية 7.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك