2021/03/01

السحر وتأثيره على البشر (الحلقة الثانية)

كل من يبحث عن حقيقة وجود الله من عدمها يتوجّب عليه بأن ينظر في داخله ليرى الله متجسّداً في كل وظيفة من وظائف جسمه بدل أن يبحث شارداً في عوالم شاسعة بعيده عنه ليس من السهل عليه الإحاطة بها.
 
قبل الحديث عن السحر من حيث الكنه، والتأثير، وشخصية المتأثّر، والنفسيّة التي يؤثّر فيها السحر، وبدعة الرقية وتأثيرها النفسي Placebo على المتلقّي، وعقلية وتفكير من يسمّون أنفسهم ب"الرقاة"... وبقيّة المواضيع "الرماديّة" المتعلّقة بكل ذلك... قبل الخوض في ذلك اليم العميق من التراكمات الإجتهاديّة والتي حوّلها البعض إلى أسس إعتقاديّة لا يستقيم الدين بدونها... قبل الخوض في تلك "المياه الراكده" أريد أن أؤكّد لكل من يتابعني ومن سوف يواصل الرحلة معي بأنّني أعي ما أقول وأعرف ما أتحدّث عنه، وأنا على ثقة كاملة بأن كل ما سوف أكتبه لكم سوف يكون مبنيّاً على قواعد وأسس علميّة، وسوف لن يكون مجرّد أراء.
البداية بكل تأكيد سوف تكون على أسس علمية، ومن أجل العبور بكم إلى الأمام إسمحوا لي بأن أدعوكم جميعاً لترافقوني في رحلة إلى أعماق مخ الإنسان، وأعدكم بأنّني سوف أجتهد بقدر ما إستطعت أن أجعل الرحلة ممتعة وأن أوظّب محتوياتها بحيث تصل متيسّرة الفهم لكل من يقرأها. فالقصد هنا بكل تأكيد هو نشر المعلومة الصحيحة، والتي على ضوئها أو أضوائها سوف يكون نقاش المستقبل عن السحر والجن والشيطان والعين والفال وتفسير الأحلام، وبقيّة الإعتقادات المترسّخة في أذهان مواطنينا بسبب إصرار البعض على جعلها من "ثوابت الإيمان" أو ربّما من بديهيات الإعتقاد.
فكل من يبحث عن حقيقة وجود الله من عدمها يتوجّب عليه بأن ينظر في داخله ليرى الله متجسّداً في كل وظيفة من وظائف جسمه بدل أن يبحث شارداً في عوالم شاسعة بعيده عنه ليس من السهل عليه الإحاطة بها.
دماغ الإنسان:
يبلغ وزن دماغ الإنسان عند الولادة 400 جرام، وأسرع نمو للمخ يحدث في الرحم في الأشهر الأربعة الأولى من الحمل، ويستمرّ في النمو التدريجي بعد ذلك وحتى الولادة. الدماغ يزداد في الوزن بشكل سريع جدّاً حتّى يصل إلى حجمه الطبيعي قي عمر 3 - 4 سنوات حيث يصل وزنه في المتوسّط إلى 1200 جرام وهو قريب من الوزن الطبيعي للدماغ في سن النضوج.
يستمر الدماغ في النمو في الحجم والوظيفة بعد ذلك وحتى عمر ال18 عاماً حيث يصل وزنه حينها في الذكر حوالي 1360 جراماً، وفي الأنثى 1275 جراماً. لا يوجد برهاناً علميّاً حتّى هذه اللحظة يبيّن وجود علاقة وطيدة بين حجم الدماغ ونسبة الذكاء.... بمعنى أن وزن الدماغ ومعدّل الذكاء يعتبران عاملين مستقلّين عن بعضهما البعض.
يبدأ دماغ الإنسان في الإنكماش في الحجم عند عمر ال50 سنة، وفي عمر 75 سنة يفقد دماغ الإنسان ما يقارب من 25% من حجمه، ولكن ليس بالضرورة أن يرتبط هذا النقص في حجم الدماغ بإنحدار في مستوى الذكاء أو التفكير.
يحتاج دماغ الإنسان الطبيعي في عمر النضوج في الظروف العاديّة (الإستراحة) إلى الإمدادات التالية في كل 24 ساعة:
  1. كميّة من الدم قدرها 1000 لتراً.
  2. كميّة من الأكسجين مقدارها 71 لتراً، يستخدم منها 4% فقط في الظروف العاديّة (الإستراحة).
  3. كميّة من سكّر العنب (الجلوكوز) مقدارها 100 جراماً، يستخدم منها فقط 10% في وقت الإرتياح.
  4. ينتج دماغ الإنسان في حالة الإرتياح 71 لتراً من ثاني أكسيد الكربون، و7% من كل اللكتات (اللبنات) التي ينتجها الجسم.
  5. يستخدم الإنسان الطبيعي في الظروف العاديّة حوالي 14% فقط من قدراته المخيّة. أكبر مقدرة مخيّة مستخدمة للإنسان قدّرت ب 17% من المقدرة الذهنيّة (الإفتراضيّة) الكلّية، وفي حالة الناس الكسالى وقليلي الذكاء فإنّهم يستخدمون حوالي 10% فقط من قدراتهم الذهنيّة الكليّة فقط.
تصوّروا كم من القدرات المخيّة للإنسان التي ما زالت غير مستخدمة في الوقت الحاضر، وكم منها يحفظ للطوارئ في حالات الضرورة، وماذا يحدث للإنسان لو انّه تمكّن من إستخدام 1% إضافيّة من قدراته المخيّة الإفتراضيّة؟. ماذا لو أنّ الإنسان تمكّن من إستخدام كل قدراته الذهنيّة في ممارساته اليوميّة.... إنّه بلا محالة سوف يكون خارقاً للعادة وقد يصاب بالجنون من كثرة المعلومات التي قد تدور بخلده في تلك الأثناء.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، وقال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، وقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا } ... صدق الله العظيم.
الحلقة القادمة سوف تتناول الجهاز العصبي (التركيب) ونوعية الوظيفة لكل كل جزء من مخّ الإنسان، ومن بعدها "المخ والعقل"، ثم "الإختلالات المخيّة"، ثم "حالات مرضيّة" سوف تبيّن لكم يقيناً بأن كل ما تنسبونه للسحر هو ليس أكثر من إختلالات عقليّة ناتجة عن مسببات نعرفها ونعرف كيف نعالجها بدون الحاجة إلى تحويل المريض إلى شيخ (فقي) يقرأ عليه"الرقية الشرعيّة" من أجل إخراج الجن من جسمه.
أعدكم بأنّني سوف أعرض عليكم قصصاً حقيقيّة من مرضاي الذين أعالجهم، وكيف أن بعضهم يرى قططاً صغيرة "تحبش" من أمام عينيه، وكيف أن الأخرى كان ترى زوجها المتوفّي يأتيها في المساء ويتحدّث معها، بل هي تتحدّث معه وإبنتها تتفرّج عليها. سوف أحكي لكم كيف يرى المريض الجن وهو يأتيه في منتصف الليل وهو في نومة عميقة، وكيف يرعبه حتى يستفيق من نومه وحلقه جافّاً من الرعب, وكيف هي تلك التي ترى "البرق" يبزغ أمام عينيها حتى يفقدها بصرها لعدة دقائق فإذا بها تبصر من جديد، وسوف أحكي لكم عن ذلك الذي يذهب إلى المول ليسرق أشياء هو ليس في حاجة إليها وحينما يتم توقيفه يقسم بأغلظ الإيمان بأنّه لم يكن يقصد أن يسرق شيئاً في حياته.. وهو محق. وسوف أحكي لكم عن ذلك الذي يلاحق النساء مع أنّه لايمتلك المقدرة على فعل أيّ شئ فقط لأنّه تحت تأثير بعض العقاقير. سوف أحكي لكم كيف أنّنا نعيد كل أولئك إلى طبيعتهم بمجرّد إجراء تعديلات مدروسة ومحبوكة على جرع ونوعيات أدويتهم. سوف أحكي لكم عن تفسيرات أحلامكم في الليل وحتى المزعج منها... كل ذلك سوف يأتي تتابعاً في الحلقات التي سوف يتم نشرها كلّها هنا. بعد ذلك فسزف نجلس معاً ونتحدث عن الجن والشيطان والسحر والرقية وبقيّة الأمور التي تشغل بال الكثيرين.
هذه الحلقات سوف تطول وتتمدد بقدر إهتمامكم بنهل المعرفة ورغبتكم في فهم الكثير من "الطلاسم" التي تسمعون عنها أو تشاهدونها أوربّما يعاني بعضكم من تأثيراتها.
أنا أعدكم بأنني سوف أكون صادقاً معكم، وسوف أستند إلى ما توفّر من براهين أينما أعثر عليها؛ كما أنّني سوف أتفاعل مع كل تعليقاتكم بعقل مفتوح وبقلب عطوف بشرط أن يلتزم كل منّا بأداب الحوار وأن نبتعد كلّنا عن "النعت" و"السب" و"التكفير" لنترك الحكم لله الذي يعرف ما بداخل كل منّا. تصبحون على خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك