2019/10/01

الدولة المدنية تعني التنوّع والتعدّديّة

الدولة المدنيّة تعني التعايش الآمن في أحضان الدولة العصريّة، والدولة العصريّة تعني الخضوع الطوعي لنظم وقوانين وضوابط الدولة الحضريّة. 
بدأنا هذه الأيّام كثيراً ما نسمع عن "الدولة المدنيّة" ونظيرها "حكم العسكر"، وتحوّلت بالفعل عبارة "الدولة المدنيّة" إلى مثل جلباب ولحية الشيخ... يريهما للناس فيوهمهم بأنّه من رجال الله، لكنّه في حقيقته ليس أكثر من "متظاهر" بالإيمان، و"متستّر" بثياب التقوى.
"الدولة المدنيّة" تعني في جوهرها العصرنة والحداثة والعيش بمعطيات هذا الزمن الذي نعيشه الآن. "الدولة المدنيّة" ليست شعاراً نرفعه ولا هي أسمالاً تستّر بها المرأة لدرء نظرات الطامعين، وإنّما هي أكثر من ذلك بكثير. "الدولة المدنية" هي قناعة وممارسة وتطبيق... إنّها ثقافة لا يعي مقاصدها غير فقيه فيها أو عاشق لها.
"الدولة المدنيّة" لمن يتشدّق بترديدها ولا يحمل مفاهيمها إنّما هي تعني "التعايش" الآمن في أحضان الدولة العصريّة. والدولة العصريّة لمن لم يستوعبها بعد تعني "التشارك" على أسس "الإحترام المتبادل"، وتعني "الخضوع" الطوعي لنظم وقوانين وضوابط الدولة العصريّة. "الدولة المدنيّة" تعني التحضّر والتمدّن والإرتقاء وهي ليست نقيض "الحكم العسكري". إنّها تعني كثيراً وكثيراً أكثر وأعمق من ذلك التفكير السطحي والبسيط.
"الدولة المدنيّة" تعني "نظام الحكم" العصري والمتحضّر والمتمدّن الذي ترتفع فيه قيمة الإنسان إلى مستواها الذي خلقه الله بها. "الدولة المدنيّة" تعني إحترام أدميّة وكينونة ورفاهية وإستقلاليّة كل من يعيش بداخلها من البشر ويحمل سمة الإنتماء إليها. "الدولة المدنية" تعني أننا كلّنا متساوون في خضوعنا لقوانينها التي نحن من يصيغها في مجمع يحترمه كل أهلها يسمّونه "الدستور".
"الدولة المدنيّة" في العصر الذي نعيشه الآن ترتكز على ستّة أسس لابد من توفّرها حتى يستطيع أهلها بها المحافظة عليها وتمكينها والعبور بها إلى الأمام:
1- السلطة التشريعيّة (مجلس النوّاب) الذي ينتخبه الشعب.
2- السلط التنفيذية(الحكومة) التي يسيّرها أوفر أبناء وبنات البلد خلقاً وعلماً وثقافة.
3- السلطة القضائيّة التي لا ينتمي إليها إلّا من يعدل فيها.
4- الجيش الوطني الذي لا إنتماء له لغير الدولة ولا ولاء له لغير الشعب.
5- الشرطة المنضبطة التي هي أيضاً لا تنتمي لغير الدولة ولا تخدم غير الشعب.
6- الإعلام الحر(صحافة وإذاعة وشبكات تواصل) الذي لا تسكته ولا تتحكّم فيه السلطة.
تلك هي أسس الدولة المدنيّة لمن يتشدّقون بها ولا يحملون أسسها في أعماق تفكيرهم، وتلك الدولة المدنيّة هي التي لا تسمح لغير العاملين في مؤسّساتها بفرض أفكارهم وممارساتهم على شعبها.
الدولة المدنيّة هي التي يعرف شعبها من هم في الحكم ويؤمن بأن كل من في الحكم هم تحت طائلة المساءلة ولا موظف فيها فوق سلطة القانون مهما كبر منصبه، بما في ذلك رئيس الدولة نفسه.
الدولة المدنيّة هي التي لا تسمح إطلاقاً لغير المنتمين لمؤسّساتها للعبث بحياة الناس فيها. الدولة المدنيّة هي التي لا وجود لسلطات خفيّة فيها غير تلك التي يعرفها الشعب لأنّه هو من ينتخبها وهو من يحاسبها وهو من يقدر على تغييرها. الدولة المدنية هي تلك التي لا سلطان لرجال الدين وقادة المليشيات فيها، وهي التي يتحوّل فيها "المفتي" إلى ناصح للحاكمين فيها، ولا مكان للفتاوي فيها أكثر من كونها تدخل في باب "الإستشارة" القابلة للقبول والرفض من قبل مؤسّسات الدولة المذكورة أعلاه.
"الدولة المدنية" هي التي لا تقبل بوجود "الدولة العميقة" في أحضانها أو أطرافها أو أركانها.... فهل هذا هو ما نطمح إلى تحقيقه في ليبيا بلدنا؟. تصبحون على خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك