2019/04/20

السعوديّة تنفض عنها غبار الوهابيّة

 حينما يفتح الإنسان عينيه ويبصر كل ما يدور حواليه فإنّه بذلك فقط يعيش واقعه ويؤثّر ويتأثّر بيه. الحياة لا يمكنها إلّا وأن تسير إلى الأمام، والماضي يظل ماضياً حتى وإن حاولنا إعادة إنتاجه، أو إعادة إخراجه، أو التكرار من التنويه عليه.
أصبح من الواضح الآن في المملكة العربيّة السعوديّة أنّها بالفعل بدأت تخرج من جلابيب شيوخ الوهابيّة وتتمرّد على أفكارهم الغبيّة والمتخلّفة والتي تقاوم أي تغيير وأي تحديث وأي نظرة عقلانيّة إلى الأمام.
شيوخ الوهابيّة يعيشون في عالمهم الواهم وهم يظنّون أنّهم بأفكارهم المتكلّسة إنّما هم يخدمون الإسلام ويحافظون على نقاء الدين. الذي نتج عن كل تلك الأفكار والعقليات التي تقاوم التغيير أن الحياة بأفكار الوهابيين أصبحت مستحيلة في عالم اليوم الذي تجاوز عالم السلفيّة المتخلّفة بأكثر من 1300 سنة.
يأمر الوهابيّون بالتلفّظ عند عمل أيّ شئ كأن تقول بإسم الله علانيّة قبل الشروع في عمل أي شئ مهما كان صغيراً، ويقولون بأنّه يفترض عليك دائماً وأبداً البدء باليمين من حيث إستعمال الأيادي في التعاملات اليوميّة أو الأرجل في المشي. كما أنّهم من باب "المجاهرة بالدين" يفرضون عليك ترك اللحية بدون حلاقة، وإرتداء تلك التلابيب الطويلة للرجال والنساء، وتجنّب لبس ألأحذية (الكنادر) ولبس بديلاً عنها الشباشب والبلغ. هم يعتبرون ذلك من أسس الإسلام ومن لا يفعلها يعتبر عندهم خارجاً عن تعاليم الإسلام ومخالفاً للسنّة النبويّة وتلك ترقى عندهم إلى درجة الكفر. هم بكل تأكيد لا يشرحون لك كيف تركب سيّارة مقودها على اليمين برجلك اليمنى. إن كان أحدهم يستطيع أن يفعل ذلك فليقابلني كي أقتنع بطريقة تفكيره !!.
لابدّ هنا من التنويه على أن الوهابيّة هي إمتداد لسلفيّة إبن تيميّة والتي هي بدزرها تعتبر إمتداداً للحنبليّة، ومن هذه الفئة خرجت علينا كل الجماعات الإرهابيّة بدءاً بالطالبان ثم القاعدة ثم داعش، ومعها بالطبع الجماعات الأخرى مثل الشباب الصومالي، وبوكو حرام، حركة التوحيد والجهاد، وجبهة النصرة، وجماعة أنصار الشريعة وغيرها من بقية التنظيمات المتشددة والتي بكل تأكيد يعتبر تنظيم الإخوان المسلمون من بينها مع بعض الإختلاف في الوسيلة.
المهم في الأمر أن ذلك ليس هو الموضوع التي وددت الحديث عنه اليوم. أنا رغبت أن أبيّن بأن الأسرة الحاكمة في السعوديّة بعد حصولها على الدعم الكامل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأت الآن تحقق الإنتصار تلو الآخر على الوهابيين برغم ذلك الحلف التاريخي بين الجانبين عند تأسيس مملكة أل سعود في عام 1932. ظلّ آل سعود خائفين ومهادنين للجماعات الوهابيّة إلى أن تحصّلت أسرة أل سعود على وعود قويّة من السيّد ترامب أثناء زيارته للسعودية في العام قبل الماضي صحبة زوجته ميلانيا وإبنته إيفانكا مع زوجها جاريد كوشنر، وكان ثمن وعد ترامب بحماية أل سعود من غضب الوهابيين صفقات تجاريّة بلغت قيمتها 380 مليار دولار بشرط أن تنسلخ السعوديّة من تسلّط الوهابيين وتخرج عن نفوذهم المسيطر على كل مناحي الحياة في تلك المملكة التي كانت تعرف بمملكة الصمت.
الملك سلمان أصدر هذا اليوم الثلاثاء 19 مارس 2019 مرسوماً ملكيّاً بتخصيص 86 مليار ريال سعودي(36 مليار دولار) لإقامة 4 مشروعات نوعية كبرى في مدينة الرياض، تشمل: "مشروع حديقة الملك سلمان" و"مشروع الرياض الخضراء" و"مشروع المسار الرياضي" و"مشروع الرياض آرت".
وتهدف هذه المشاريع الضخمة إلى مضاعفة نصيب الفرد من المساحة الخضراء في الرياض 16 ضعفاً، عبر إنشاء أكبر حدائق المدن في العالم، وزراعة أكثر من 7.5 مليون شجرة في كافة أنحاء مدينة الرياض، إلى جانب تعزيز الجوانب الثقافية والفنية عبر إنشاء مجموعة من المتاحف والمسارح والمعارض وصالات السينما وأكاديميات الفنون، وتحويل مدينة الرياض إلى معرض مفتوح زاخر بالأعمال الإبداعية من خلال تنفيذ 1000 معلم وعمل فني من إبداعات فنانين محليين وعالميين، وتشجيع السكان على ممارسة الرياضات المختلفة واتـباع أنماط صحية في الحياة ،عبر إنشاء مسار رياضي يربط شرق المدينة بغربها بطول 135 كيلومترا، يشتمل على مسارات مخصصة للدراجات الهوائية للهواة والمحترفين، وأخرى للخيول، بالإضافة إلى مسارات للمشاة، ومراكز رياضية وثقافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك