2018/03/30

تأثير السحر نفساني والذي يظن بأنّه مسحور فهو يهرف

إنّ الذين يجهلون الأشياء هم وحدهم من يؤمن بالغيبيّات ويظن بالأغوال والأهوال ويصدّق بأنّه ممسوس أو مسكون أو يمسك بيده شيطان رجيم ليقوده إلى آماكن الضلال. إن الذي يقودك إلى آماكن الضلال هو تفكيرك وإرادتك وإختيارك، وعليك أن تواجه نفسك قبل أن تلوم الشياطين.

أعذروني في أن أقول لكم مع كامل إحترامي لكل إنسان وإحترامي لوجهة النظر المخالفة... أعذروني في أن أقول لكم وأنا على ثقة تامة ممّا أقول - وثقتي تنبعث من خلال علوم درستها وأشتغل بها - أن موضوع السحر ما هو إلّا خرافة من الخرافات. 

نعم، أنا على علم ويقين ومعرفة بأن السحر كان قد ذكر في القرآن، لكن الله قالها بكل وضوح وبكل جلاء: {{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}}... ((يخيّل)) بمعنى يتصوّر أو يظن أو يتكهّن أو يتخيّل، وذلك هو تأثير السحر على الناس. أمّا ما يسمّى بالرقية فهي لم ترد في القرآن إطلاقاً، وإذا كانت الرقية بهذه الأهمّية فكيف بالله سبحانه وتعالى يتجاوزها في كتابه الشامل الكامل؟. 

علينا بأن ننتقل إلى الأمام، وعلينا بأن ندخل العصر من خلال العقل والعلم والمعرفة وليس من خلال الخرافات التي لا تنفع لكنّها بكل تأكيد تضر... وتضر جدّاً. لا يمكن لأحد أن يسحر أحداً إلّا وأن يكون الطرف الآخر(المسحور) ضعيفاً ومشتت الفكر وقابلاً لأن يُسحرمن قبل مغفّلين وجهلة لا يفقهون كثيراً في علوم الله فما بالك بهم يفقهون علوم الحياة. من هنا يكون تأثير السحر على الضعفاء من الناس من خلال الخوف والإرتعاب ومن ثمّ  التصوّر والتوهّم والهلوسة.
 
أنا طبيب ومتخصّص في مخّ الإنسان، وأعرف الحالات التي يبدأ فيها الإنسان بالتخيّل والتصوّر والهذيان والهلوسة. أعرف أيضاً كيف يمكننا معالجة ذلك وإنقاذ المصابين من الحالة المتردّية التي يعانون منها أو يعيشون فيها. أنا أخصائي مخ وأعصاب ولايمكنني إطلاقاً الإقتناع بشئ إسمه السحر أو العين أو الكتيبة أو الأحجية... فهي كلّها لها تأثيراتها النفسانيّة والتي قد تكون هدّامة. أمّا من يقولون بأنّهم "رقاة" فمع إحترامي لهم كبشر ومع عدم إستهزائي بهم لكنني أقول لهم... إنّكم تكذبون على الناس وإنّكم تتقّولون بما لا تعرفون. 
هذا الكلام موجّه لكل القرّاء الأعزّاء وإلى كل من يظن بأن الساحر من الممكن أن يسحره أو يؤذيه أو يغيّر مجرى حياته أو أنّه ربّما يتعسه ....... وأقول لكل من يظنّون بأنّ السحر قد يكون مدفوناً في مكان مجهول في البيت أو تحت الوسادة أو في حديقة البيت...... أقول لهم: أبعدوا هذه التخيّلات من تفكيركم وسوف تنتهي لوحدها بدون الحاجة لفعل أي شئ. لا يوجد أيّ شئ مدفوناً في ثنايا البيت أو أطراف الحديقة إلّا وأن يكون ذلك من باب الخوف والتوجّس، وذلك لعمري هو ليس أكثر من توهّم.... توهّم..... توهّم. 
يا أيّها الناس: نصيحتي لمن يبحث عن النصيحة الصادقة والنصوحة.... أبعدوا الأوهام من تفكيركم وسوف ترون الحياة بمنظار مختلف. فلا وجود للسحر أو العين إلّا في خيالات بعض البشر وهم في العادة يكونون من قليلي التعليم أو من قليلي الخبرة في الحياة.
العالم والله كان قد إنتقل إلى الأمام ولم يعد هناك مكاناً للخرافات في عالم اليوم حيث أصبح من الممكن تفسير الكثير من المفاهيم التي كانت خاطئة، لأنّ الناس حينها كانوا قد عرفوها عن خطأ أو أنّهم ربّما لم يتمكّنوا من تبيان كنهها كونها صعبة الفهم لأقوام عاشوا في الزمن الغابر. 


أصحوا لأنفسكم يا أيّها الناس،  فلا وجود لشئ إسمه السحر أو العين أو أن يسكنك الجن... إنّها كلّها أوهام وخزعبلات وأحياناً يكون الإيحاء مدبّراً من قبل أولئك الذين يتعايشون على السحر أو أولئك الذين يتعايشون على فكّه من خلال ما يسمّى بالرقية الشرعيّة وهي بدورها ليست أكثر من ضحك على ذقون المغفّلين الذين يصدّقون شيوخ الدين.
 
ماذا قال الله تعالى في السحر؟.....{{قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ}}.... أنظروا وتدبّروا كلمة ((يُخَيَّلُ))... إنّها تعني التوهّم. ثمّ... أنظروا كيف وصف الله من يرتعب من تأثير السحر: {{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ}}.... إبحثوا عن كلمة ((أوجس) في القاموس وسوف تفهمون ما أعني. هناك سحرة ودجّالين بكل تأكيد، ولكن الغبي هو من يصدّقهم. ثمّ أنّه وبكل تأكيد هناك من يشاركهم في الدجل وهم شيوخ الدين الذين يكذبون على الناس ويرسّخون فكرة تأثير السحر على البشر حتى تروج التجارة وحتى تكثر المداخيل التي تأتي من جيوب البلهاء.
الكثير من شيوخ الدين الذين يعالجون السحر ب"الرقية" ويوهموا الناس بأنّ الرقية سوف تبعد عنهم كل الشرور والأمراض، إنّهم أنفسم حينما يمرضون يسرعون إلى عيادات العالم المتقدّم في غرب أوروبّا وشمال أمريكا لتلقّي العلاج الناجع هناك. إنّهم ينصحونكم ب"الرقية الشرعيّة" لعلاج كل الأمراض، وينصحونكم بالتداوي ب"بول الإبل"، ويذكرون على مسامعكم ما يسمّونه ب"الطب النبوي" وهم يعرفون بأن النبي محمد عليه السلام لم يكن طبيباً ولم يقرأ علوم أو فنون الطب، ولم ينزل عليه الطب وحياً... إنّهم ينصحونكم بالطب النبوي من التشريط والحجيمة والمغائث والكي إلى التعريك بالزيوت والبخور وما إليها من ممارسات الناس قبل ألف سنة، لكنّهم هم حينما يمرضون نجدهم يسرعون إلى أوروبا للعلاج وينسون حينها "الطب النبوي" وينسون " الرقية الشرعيّة"... وينسون "بول الإبل"  !!.
 


الدجّالون من شيوخ الدين هم من يرسّخ ثقافة تأثير السحر على الناس وعلى أنّهم هم من يبعد الجن والسحر بما يسمّى ب"الرقية". لا توجد رقية في القرآن، ولا يوجد أي تأثير لما يسمّى بالرقية إلّا في توهّم من تُقرأ عليه. نعم، قد يكون للرقية تأثير نفساني... بكل تأكيد، وأنا طبيب أعرف ذلك جيّداً، لكنّها ليست أكثر من ضحك على الذقون وتلاعب بأحاسيس ومشاعر الناس... وهي غش وكذب وبهتان ما أنزل الله فيه من سلطان.

أنا أتمنّى بأن يتخلّى كل من يعتقد بأنّه ب"الرقية" يمكنه معالجة الأمراض، وبالرقية الشرعيّة - أو الغير شرعيّة - يمكنه طرد "الجان" ومحو السحر... أقول لهم - مع إحترامي وتقديري - أنتم واهمون من خلال عدم المعرفة بالطريقة التي يفكّر بها مخّ الإنسان ومن خلال عدم معرفتكم للطبيعة النفسيّة لكل إنسان. 

الإنسان هو جسد وروح، ودماغ الإنسان هو مخّ وعقل. المخّ يقوم بالمهام والعقل يرسم الخطط ويميّز الإنسان عن بقية الحيوانات. لا سحر ولا عين ولا رقية ولا رقاة. علينا بأن نعيش العصر الذي بلغ فيه العلم وبلغت فيه المعرفة أرفع مراتبهما منذ خلق البشريّة وحتّى الآن. المستقبل سوف يحمل معه المزيد والمزيد من التقدّم العلمي والفكري والمعرفي بالنسبة للإنسان، وسوف يشهد المستقبل تغييرات جذريّة في حياة الإنسان بما في ذلك معالجة الأمراض النفسيّة.
إنّ الذين يجهلون الأشياء هم وحدهم من يؤمن بالمخفيّات المخيفات ويظن بالأغوال والأهوال ويصدّق بأنّه ممسوس أو مسكون أو يمسك بيده شيطان رجيم ويقوده إلى آماكن الضلال. إن من يقودك إلى آماكن الضلال هو تفكيرك وإرادتك وإختيارك، وعليك أن تواجه نفسك قبل أن تلوم الشياطين... وكل هذا الكلام مكتوب بكل وضوح في القرآن، فعلى من يشك فيما أقول أن يقرأ القرآن من جديد وسوف يجد ذلك بكل وضوح. فكلّما زاد الجهل كلّما عجز الإنسان عن تفسير الظواهر الطبيعيّة.... وهي بالفعل طبيعيّة ولا غرابة فيها إلّا لمن لا يعرف. لقد قال لنا القرآن بأن مريم العذراء كانت قد حملت بعيسى بدون أن يمسسها ذكر. الذين لا يعرفون العلم الحديث يعتبرون ذلك من الخوارق ومن الأشياء التي لا يجوز التحدّث بشأنها لأنّها "علم الله". العلم الحديث الآن يمكّن المرأة - وأية إمرأة - بأن تحمل بدون أن يمسسها ذكر؛ بل وعلى العكس، يمكنها أن تحمل من نفسها... نعم من نفسها ومن لحمها ودمّها. أفيقوا يا أيّها الناس فوالله سوف لن يرحمكم غيركم وسوف لن ينجدكم جهلكم..... وسوف لن يفتح الله عليكم إن أنتم مكثتم حيث أنتم.

أنا أحترم الجميع وأقدّر الجميع، ولا يوجد في داخلي كراهية لأحد. أنا بطبعي أحترم الغير وأقدّر مجهودات كل من يحاول ويجتهد، ولكن علينا بأن ننظر إلى الأمام وأن نعيد النظر في طريقة تفكيرنا من حين لآخر بدل التشبّث بعقليات الماضي التي تجاوزها الزمن. 

نصيحتي لكل الإخوة القرّاء والأخوات القارئات أن يتوقّفوا قليلاً ويبدأوا في التفكير والتدبّر. أن يقلعوا عن الإعتقاد بتأثير السحر عليهم وبأن غيرهم قد يسلّط عليهم الجان؛ فتلك هي عبارة عن أوهام.... إنّها بصدق أوهام ومفاهيم موروثة من الماضي بجهله وتخلّف الناس الذين كانوا يعيشون فيه. رجائي رجائي أن تبتعدوا عن الإعتقاد بأنّكم مسحورين أو قد تكون أصابتكم عين أو أن فولان كتب لكم كتيبة أو سخّر الجن عليكم أو أنّكم مسكونين بالجن أو أن الشياطين كانوا قد دخلوا أجوافكم وأخذوا يسيّروا لكم حيواتكم بالنيابة عنكم. إن كل تلك الإعتقادات هي خاطئة ... خاطئة.. خاطئة. 

العلم والمعرفة والطب الحديث بوسعها حل مشاكلكم وحتّى النفسية منها، لكنني أنصح الجميع بالتريّث والتفكير والثقة بالنفس. عليكم الثقة في أنفسكم وفي قدراتكم وفي إمكانياتكم التي تمتلكونها، فبداخل كل منكم قدرات كبيرة وكبيرة جداً... بل هي بصدق هائلة، وعليكم البحث عنها في دواخلكم، كما أنّه أصبح يتحتّم عليكم البحث عن الطريقة أو الطرق التي بها يمكنكم تسخير قدراتكم من أجل أنفسكم ومن أجل الخروج من الدوّامة التي تدور في عقول وإعتقادات بعضكم. 
لا يوجد رقاة ولا توجد رقية ولا حل لمشاكلكم الطبية غير بالطب والعلم والمعرفة. يومكم سعيد وطيّب وربّنا يعيننا على ما نفعل وما نصبو إليه ويحقق لنا ما نحلم به.

تأثير الشيطان عليك هو نفساني وتأثير السحر عليك هو نفساني وتأثير العين عليك هو نفساني. القوي في داخله لا يمكن أن تؤثّر فيه هذه الأشياء.... يومكم سعيد وحياتكم مليئة بالأمل إن شاء الله وربّنا يقيكم كل شرّ ويحميكم من الوقوع في براثن الوهم والتخيّل والتصوّر والشك والإرتعاب والهلع. حياتك هي ملكك، فعليك الرفق بها وعليك عدم ترك الجهلاء ليتصرّفوا لك فيها نيابة عنك وأنت تصدّق ما يقال لك لمجرّد أنّهم ألبسوه ثياب التقوى وأضافوا إليه الشرعنة الإلهيّة... أو كما يوهمونك "رقية شرعيّة" !!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك