2018/02/03

إن كان هذا صحيحاً فلا لوم على داعش وتوابعها

 ليس كل ما نقرأه نصدّقه ، وليس كل ما يقال لنا يلزمنا في شئ. علينا أن نستخدم حدسنا وتفكيرنا ومعارفنا(علومنا) حتى لا يضحك علينا من يظن بأنّه قد يستغلّ غفلتنا. 

يقول الكثير من شيوخ الدين بأن الرسول كان قد قال في حديث له: "لقد جئتكم بالذبح"، وإذا كان هذا الكلام حقّاً فلماذا نلوم المجرمين الذين يسفكون دماء المسلمين ويذبحون البشر كالخرفان لمجرّد أنّهم نعتوهم بالكفر أو إحتسبوهم من الصليبيّين أو من المشركين؟.
أنا شخصيّاً لا يمكنني إطلاقاً أن أصدّق بأن نبيّ الرحمة من الممكن أن يقول مثل هذا الحديث، لأنّه بذلك قد يسنّ لعادة ذبح البشر مثل الخرفان لمجرّد أن الذي يذبحهم قد يختلف معهم أو يظنّ بأنّهم من "الكفّار". إن توارد مثل هذا الحديث بين المسلمين ليبرهن حسب وجهة نظري على أنّ كل ما ينسب إلى النبي من آحاديث هو كلاماً ملفّقاً وصل إلينا من مجموعة من الدجّالين والكذابين أو المرابين الذين نسبوا كلاماً إلى النبي وما كان عليه السلام بقائله.
كيف يصدّق عاقل بأن يتفوّه النبي عليه السلام بمثل هكذا كلام وهو من أرسله الله ليكون رحمة للعالمين، وهو من نزل عليه الوحي ويعرف يقيناً بأن الله أنزل عليه آية من القرآن تقول: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}. قال الله تعالى: من قتل نفساً - ولم يقل من قتل مسلماً - وفي هذا دلالة على انّ النفس البشريّة تعني كثيراً عند الله بغض النظر عن كونها مسلمة أو غير مسلمة.

دليلهم على أن النبي عليه السلام كان قد قال في حديث له "لقد جئتكم بالذبح" يرجع إلى هذا الحديث:
منقول: ((قال يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال : وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه عروة ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قلت له : ما أكثر ما رأيت قريشاً أصابت من رسول الله فيما كانت تظهر من عداوته ؟ قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفَّه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صرنا منه على أمر عظيم ، أو كما قالوا . قال : فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفاً بالبيت ، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول ، قال : فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى ، ثم مر بهم الثالثة ، فغمزوه بمثلها ، فقال : تسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح ؛ فأخذت القوم كلمته حتى ما فيهم رجل إلا كأن على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وطأة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول ؛ حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، فوالله ما كنت جهولاً . فانصرف صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه ، فبينما هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فأحاطوا به يقولون له : أنت الذي تقول كذا وكذا - لِما كان يبلغهم عنه من عيب آلهتهم ودينهم – قال : فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم أنا الذي أقول ذلك)).... إنتهى النقل.
أنظروا إلى الرواة: قال يعقوب... من هو يعقوب هذا؟. عن أبيه: ومن هو أبوه؟. وأنظروا كيف حدّث هذا ذاك الذي حدّثه ذاك عن هذا... ويستمر مسلسل الكذب على الرسول بين الرواة الذين لايمكن الوثوق بأحد منهم. تلك هي الأحاديث المرواة عن الرسول... كلّها كذب وتأليفات فصّلت حسب تفكير ومطامع الذين نقلوها إلينا. فالمعروف أن آحاديث الرسول لم يكتبها أحد في عهد الرسول ولا في عهد الخلفاء الراشدين، وكانت أوّل محاولة لتجميع تلك "الأحاديث" قد حدثت بعد مرور أكثر 192 سنة على وفاة الرسول عليه السلام؛ كانت قد حدثت خلالها حروباً مدمّرة منها بطبيعة الحال ما أطلق عليه حرب "الفتنة الكبرى" وهي حرباً هوجاء لم تترك شيئاً وراءها، ونظراً لشراسة تلك الحرب وقسوتها على البشر، فقد هاجر الناس إلى الحبشة وبلاد فارس واليمن والشام تاركين ورائهم كل ما يملكون... فكيف تم تجميع تلك الآحاديث بعد كل ذلك الوقت وبعد كل ذلك الدمار؟.
تعتبر الآحاديث المنسوبة إلى الرسول محمّد عليه السلام عند الكثير من شيوخ الدين هي أساس التشريع، ووجد الكثيرون منهم في الآحاديث المرواة ما لم يجدوه في القرآن حتّى أنّي ببعضهم "نادراً" ما يرجعون إلى القرآن بل نجدهم يعتمدون إعتماداً شبه كليّاً على هذه "الآحاديث" ممّا ساهم في نقل إسلاماً مشوّهاً إلينا هو ليس بذلك الإسلام الذي أرسله الله إلى البشر، وبذلك إختلفنا وتقاتلنا وتصارعنا وبقينا أمّة مشتتة وضعيفه... بل إنّنا أصبحنا أضحوكة أمام بقية شعوب الآرض بسبب الكثير من التفاهات التي نقرأها في الآحاديث المنسوبة إلى النبي عليه السلام وما كان رسول الله قد قالها.
ألم يحن الوقت للعودة إلى دين الله النقي كما أنزله الله في قرآنه ونبذ أي شئ لم يذكر في القرآن، وإعتبار تفسير شيوخ الدين ومن يسمّون الفقهاء في الدين الإسلامي "العلماء" مجرّد "إجتهاد" ولا يحمل صفة الإلزام على الإطلاق. إننا لو فعلنا ذلك لأصبح بإمكاننا العودة إلى أصول الدين الحقيقيّة كما أنزلها الله بعيداً كل تلك "الإجتهادات" التي أضيفت إلى الإسلام فأفسدته وجعلت منه دين كراهية ومدعاة للتفريق بين بني البشر بدل أن يكون دين محبّة وتفاهم وصفاء وتقريب الشقة بين البشر كما أراده الله.
لقد أنزل الله الدين متكاملاً في القرآن، وختم الله الدين بختام الوحي في آخر سورة نزلت على النبي: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا}، وكذلك قوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ}. أليس في هذا دليلاً على أنّ الدين كان قد أكمله الله في القرآن، وبذلك فما هي حاجتنا إلى آحاديث نعرف بأنّها ملفّقة ومنسوبة إلى الرسول ظلماً وبهتانا بغرض بث الفرقة بين المسلمين وإستمرار العداوات بينهم كما يحدث اليوم في العالم الإسلامي، وكما نشاهده هذه الأيّام بين السعودية وإيران بينما تضحك علينا بقية شعوب العالم؟. هي مجرّد وجهة نظر قد تنفع من يبحث عن الصلاح بين المسلمين ويسعى إلى نصرة دين الله، لكنّني أراها مدعاة للتفكير والتدبّر وإعادة النظر حتى ربّما نقدر بذلك على تضميد جراحنا وقد نتعلّم من أخطائنا... فعسانا أن نلحق بمن سبقونا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك