2015/02/20

العباءة السوداء في الإسلام

 الدنيا نلقاها كما نريد أن نراها. من يبحث عن السعادة في هذه الدنيا فعليه العمل على تحقيقها، ومن يرضى بما يقذف إليه فإنّه يفقد الكثير من مباهج هذه الحياة.
قد يختلف الناس على تاريخ العباءة، ومن أين أتت. يعتقد البعض أن العباءة كانت قد تواجدت منذ 4000 عام في الحضارة القديمة لبلاد ما بين النهرين، والبعض الآخر يعتقد أن نشأة العباءة ترجع إلى وقت دخول الإسلام.
في تلك الأزمنة، كانت النساء ترتدين الجلباب الذي يظهر العديد من مناطق الجسد مثل الرقبة، بل وكنّ يرتدين غطاء الرأس بترك الجزء الأمامي مفتوح (بسبب شدة الحرارة في المناطق الصحراوية). أما بعد دخول الإسلام، فقد إلتزمت السيدات بإرتداء الحجاب كغطاء للرأس والرقبة وبقيّة مناطق الجسد لحمايتهن ولإظهار الإحترام والوقار.
يعتقد البعض أن فكره غطاء الرأس والجسد ارتبطت أكثر بالمستوى الإجتماعي عن كونها مرتبطة بالدين فقط، ففي وقت ما قبل ظهور الإسلام في منطقة شبه الجزيرة العربية، كانت السيدات الثريّات هن فقط من يرتدين الحجاب والغطاء، كعلامة مميزة للثراء وعدم حاجتهنّ إلى العمل. لم يتم السماح للفقيرات بإرتداء الغطاء، وكانت البدويات منهمكات في العمل في الأجواء الحارة جداً فلم يتحملن إرتداء طبقات أخرى من الملابس.
يقال بأن أوّل العباءات كانت قد ظهرت في العراق وبعد ذلك بالعديد من السنين ظهرت العبايا في مناطق أخرى مجاورة مثل سوريا وفلسطين وإيران وأخيراً في السعوديّة وبقية بلاد الخليج العربيّة.

العباءة النسائية العراقية تختلف عن باقي انواع العباءات الاخرى وخاصة المصرية والخليجية والايرانية، وهذه الانواع الثلاثة هُن اكثر العباءات انتشاراً.. فالعباءة المصرية تعرف باسم ”الملاية“ وهي في العموم قصيرة وطريقة ارتدائها تختلف عن طريقة ارتداء العراقية، إذ يتم وضعها على الكتفين لفقرها، فيظهر ساقا المرأة منها.. اما الخليجية فهناك انواع من اهمها المسماة بـ”الاسلامية“ والتي تُلبس فوق الثياب، وهي قطعة واحدة ،، اما العباءة العراقية فتكون عريضة جداً ومن قطعتين وفيها كُم طويل، كما يجب ان يكون طولها معادلاً لطول المرأة من رأسها حتى قدميها وتستخدم في الكويت والإمارات أيضاً. وكانت العباءة البيضاء معروفة لدى نساء المسلمين الاوائل، اما الالوان الغامقة منها فقد عرفت في المناطق الصحراوية.
يقول بعض شيوخ الدين: إن كثيرا من الفاضلات يعتقدن أنه يتعين على المرأة لبس الأسود من الثياب عند خروجها، وهو خطأ، ولعلهن أتين من تقليد بعض الدعاة والطلبة، وتفرع عن ذلك إقدامهن على الإنكار على آخواتهن ممن يرين جواز لبس الملوّن. فقد صح أن النساء في زمن النبي وبعد زمنه كن يلبسن الثياب الملوّنة بغير السواد. 
قال الشيخ الألباني: ( اِعلم أنه ليس من الزينة في شيء أن يكون ثوب المرأة الذي تلتحف به ملوّنا بلون غير البياض أو السواد كما تتوهّم بعض النساء الملتزمات وذلك لأمرين : 
الأول : قوله صلى الله عليه وسلم: (طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه) .
والآخر : جريان العمل من نساء الصحابة على ذلك وأسوق هنا بعض الآثار الثابتة في ذلك مما رواه الحافظ ابن أبي شيبة.
يقول الشيخ إبراهيم النخعي (أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فيراهن في اللحف الحمر) . 
ويقول ابن أبي مليكة: (رأيت على أم سلمة درعا وملحفة مصبغتين بالعصفر ). 
ويروى عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (أن عائشة كانت تلبس الثياب المعصفرة وهي محرمة) .وفي رواية عن القاسم : (أن عائشة كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر وهي محرمة ). 
ويروى عن هشام عن فاطمة بنت المنذر ( أن أسماء كانت تلبس المعصفر وهي محرمة ). 
وعن سعيد بن جبير : (أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم تطوف بالبيت وعليهنّ ثياب معصفرة ).

العباءة النسائيّة في السعوديّة
 يقول كاتب سعودي مشهور: عندما ينظر أحدنا إلى الصور القديمة للنساء في الأماكن العامة في السعودية، وخصوصا تلك التي التقطت لأسر موظفي شركة أرامكو السعودية فإنه لن يرى النساء الأجنبيات مرتديات للعباءات السوداء كما يحدث اليوم، أما إن كان عمر الصور يصل إلى 80 سنة فيمكنه أن يكتشف أن النساء السعوديات أيضاً لم يكن متلفعات بالسواد.
سوق الإبل في الإحساء في بداية الثمانينات
مؤرخون يرون أن "العباءة النسائية السوداء" جاءت إلى المملكة العربية السعودية من سوريا والعراق منذ أكثر من 80 عاما. أما قبل ذلك فقد كانت السيدات في المملكة يرتدين قطعاً ملونة من القماش تختلف في التصميم وفقا للمنطقة. وحتى قبل 40 عاما، كانت النساء الغربيات - وخاصة الأمريكيات - يُشاهدن وهن يسرن على الأقدام في شوارع الخبر ويتجولن في المحلات التجارية في القطيف والهفوف مرتديات الفساتين القصيرة التي تصل إلى حد الركبة.
سوق الهجن في الرياض في السبعينات

خلال طفرة اقتصادية كبيرة عمت المملكة ابتداء من عام 1970، تزايدت في السعودية أعداد النساء الأجنبيات من الجنسيات المختلفة "الأمريكية والأوروبية والآسيوية". ولم يكن من العادة في المجتمع السعودي آنذاك رؤية نساء أجنبيات يرتدين العباءات كنساء الخليج.
الدرعيّة في السبعينات في السعوديّة
وكتبت "حليمة مظفّر" وهي كاتبة سعوديّة تتميّز بجرأتها في جريدة "الوطن" السعوديّة عام 2011:
بعضنا يخاف على كومة حديد كالسيارة أكثر من نساء بيته اللاتي من دم ولحم!.... لماذا أقول ذلك؟.
أخبرتني زميلة أن زوجها سيشتري سيارة جديدة، وقد اقترحت عليه اللون الأسود، فقال لها "الأسود لا يصلح في ظلّ الحرارة الساخنة لشمسنا العامودية علينا، فهو لون يمتص الحرارة وقد يؤذي السيارة!". مثل هذا الكلام ليس للمرة الأولى أسمعه، كثيرون يفضلون الألوان الفاتحة لسياراتهم ويبتعدون عن الأسود، رغم أنه ملك الألوان ويضفي سحراً وجاذبية وفخامة! لكنه غير مرغوب نتيجة امتصاصه حرارة الشمس خلال الصيف الذي لا يبارحنا إلا قليلا، والآن نحنُ في عزّ الصيف، وملايين النساء والفتيات وحتى الطفلات مُلزمات بارتداء العباءات السوداء، ومن تتجرأ على اختيار لون كالرمادي أو السماوي أو البني لعباءتها حتى يُلاحقها الناصحون وكأنها ارتكبت "كبيرة"، أو تلاحقها نظرات الاستغراب أينما مشت، وقد ترميها بالشك والريبة، ولا أعلم لماذا يجب أن تكون العباءة سوداء؟! فما جاء في الدين هو أن تكون المرأة محتشمة بلباس لا يشف ولا يصف جسدها، ولم أسمع ولم أقرأ نصاً منقولاً دينياً يُوجب على المرأة ارتداء الأسود للعباءة!.

وبالأسبوع الماضي خلال مقالي ليوم الاثنين "هل يبحث السياح السعوديون عن الألوان؟! "أشرتُ إلى أننا نكاد نتشابه في حياتنا بسبب غلبة اللونين الأبيض والأسود، وسبحان الله الأبيض للرجال وهذا الأسود للنساء؟!. 
وبعيداً عن قراءة دلالات اللونين العاكسة على حياة كل منهما في المجتمع؛ أجد في ظل حرارة الصيف القاسية جداً لدينا ـ والتي تصل إلى درجة تتجاوز الخمسين أحياناً ـ أن الناس رجالاً ونساءً يحتاجون ارتداء الألوان الفاتحة التي تعكس الحرارة ولا تمتصها، فتقيهم شرها وشر الأمراض الجلدية والسرطانية التي تتسبب فيها الأشعة فوق البنفسجية للشمس، فنحن "مش ناقصات"! والعباءات السوداء التي ترتديها النساء تمتص الحرارة وبالتالي أجسادهن، وبصراحة تكفي الأمراض المنتشرة بين السعوديات كالسمنة والهشاشة والسكري ولسنا بحاجة للمزيد! وعلينا أن نتساءل لماذا نسب إصابة النساء لدينا بأمراض السرطان مرتفعة أكثر من الرجال؟! بل ولماذا تُصاب الصغيرات به بنسب مرتفعة عن قريناتهن في المجتمعات الأخرى؟ السبب معروف، الأسود الذي يرتدينه يومياً من وإلى المدارس والجامعات وتزداد خطورته على أجسادهن وعظامهن وهنّ في طور النمو خلال ارتدائهن له فترة الظهيرة! وكم أشفق على بناتنا في عزّ فترة الظهيرة ممن يسرن على أقدامهن عائدات من مدارسهن..

أخيراً الدين يُسر وليس عُسر، وأساس الحجاب هو تعامل المرأة مع مبدأ الاحتشام وليس اللون الأسود، وكم من حجاب أسود من أعلى الرأس بات فاتناً وجاذباً، وإلا لما غنّى محمد عبده "ما هقيت إن البراقع يفتنني" وكم من امرأة غير محجبة وتبدو في قمة احتشامها واحترامها، وما هذا اللون الأسود للعباءة إلا عادة وليس عبادة! وعلينا إعادة النظر، فما المشكلة لو كانت العباءة بلون رمادي أو سماوي أو بيج أو أي لون فاتح؟! إنها ألوان تحمي من حرارة الصيف القاسية، فهل تبعث على الفتنة؟! بل الأسود أكثر الألوان فتنة وإبرازاً للجمال، ولو كان متلاشياً تحت العباءة، فهل وصل حال الرجال أن تفتنهم مجرد ألوان في ظلّ تحقق الاحتشام والستر؟ إن حصل ذلك فالمرض في تربية الرجال وليس في اختيار الألوان! لأنها مجرد ألوان.

هناك تعليقان (2):

  1. nice post frnd i like artical thanks for the artical

    ردحذف
  2. Thanks owner for making this such a nice blog . .

    ردحذف

الرجاء وضع تعليقك