2015/01/24

إستماتة الإخوان في البحث عن قميص عثمان

يتميّز الإخوان المسلمون بميزة قد يندر وجود مثلها عند غيرهم. الإخوان تجدهم دائماً يبحثون عن "كبش فداء".. عن "حصان طروادة"... عن "قميص عثمان". الإخوان لا يستطيعون العيش بدون "فزّاعة" وأعتقد بأنّ الفزّاعة هي مكوّن أساسي في طريقة تفكيرهم.
البحث عن فزّاعة هو أساس جوهري لفكرة تنظيمهم، وربّما يمكن إحتسابها بمثابة "القاعدة" التي بني عليها هذا التنظيم من حيث النشوء، أو أنّها ربّما يمكن إحتسابها كحصيلة لسنوات "الإحباط" المتكرّرة التي يجنيها الإخوان في كل مرّة يحاولون فيها المسك بتلابيب "السلطة" والتي هي غايتهم النهائيّة وهدفهم الجوهري الذي من خلاله يظنّون بأنّهم يستطيعون نشر أفكارهم بين الناس أو عن طريقها يتمكّنون من إقناع الغير بفلسفة تنظيمهم وهي - بدون مبالغة - تعتبر صورة نمطية للماسونية اليهوديّة.
إخوان ليبيا هم على وجه الخصوص من أعني بهذا الكلام، وإخوان ليبيا هم من يهمّني فقط من تنظيم الإخوان العالمي، فبقية الإخوان أينما كانوا وفي أي بقعة أقاموا فهم لا يهمّونني في شئ لأنّهم سوف لن يؤثّروا في حياتي سلباً أو إيجاباً.
كانت أوّل فزّاعة خرج بها إخوان ليبيا على الشعب الليبي وبدون مقدّمات هي فزّاعة "محمود جبريل" وكلّنا يعرف كيف خرج الدكتور علي الصلاّبي على المحطّات الفضائيّة وهو يحاول إقناع الليبيّين والليبيّات بأنّ محمود جبريل هو "الشيطان" الذي يريد الإستيلاء على الحكم في ليبيا. وبالفعل صدّق الكثير من الليبيّين والليبيّات بما فيهم الكثير من المحسوبين على الطبقات المثقّفة من المجتمع الليبي بأّنّ الدكتور محمود جبريل هو "العدو" المشترك للشعب الليبي، وعلى أنّه هو "سبب البلاء" في ليبيا ومعول هدم "لثورة 17 فبراير".
واصل الإخوان حملتهم الشعواء على الدكتور محمود جبريل وإستمروا في تلك الحملة بدون كلل... وفوق ذلك بدون خجل، إلى أن تمكّنوا من إبعاد الدكتور محمود جبريل كليّة من على مسرح الأحداث السياسيّة والإجتماعيّة في ليبيا. حاول الإخوان وضع الدكتور محمود جبريل في القبر وهو مازال على قيد الحياة ووجدوا من يصدٌقهم ويتبنّى وجهة نظرهم.
بعد القضاء على الدكتور محمود جبريل ودفنه حيّاً، خسر الإخوان فزّاعة كبيرة بدون أن يحقّقوا هدفهم "النبيل" في الإستيلاء على الحكم في ليبيا.
أخذ الإخوان يبحثون من جديد عن فزّاعة جديدة، وظنّوا بأنّهم وجدوا ضالّتهم "الأزلام" وإستغلّوا تلك الفزّاعة في الهجوم على بني وليد وبالفعل تمكّنوا من بني وليد لكنّ تلك الفزّاعة لم توصلهم إلى مبتغاهم. إنتصروا على بني وليد ودخلوا الإنتخابات فخسروا الكثير مما كانوا يملكون بدل نيل المزيد وأحسّوا بمرارة الإنكسار لكنّهم "الإخوان" لا ييأسوا إطلاقاً.
بعد بني وليد بدأ لإخوان من جديد في البحث الجدّي عن فزّاعة جديدة، وفي ذلك الخضم قام الجيش المصري بإبعاد إخوان مصر عن السلطة بعد أن غنموها لمدة 12 شهراً متواصلة، وكانت تلك بمثابة المسمار الذي دقّ في نعش إخوان ليبيا برغم تفنّنهم في إخفاء معالم القلق أمام الناس.
بعد هزيمة الإخوان في مصر ثم الأردن ثم المغرب ثم تونس، كان يتوجّب على إخوان ليبيا غرس أقدامهم في الأرض وتثبيتها بأقوى أنواع الخرسانة المسلّحة، فليبيا هي الأمل الأخير لكل إخوان العالم كي يبقوا على قيد الحياة كتنظيم سياسي مخضرم ومتلوّن ومتكيّف لما توفّره ليبيا لهم من بيئة حاضنة وحامية وواعدة بسبب الفراغ الأمني والسياسي والخدماتي في هذا البلد.
بعد خسارتهم الكبرى في مصر، خسر إخوان ليبيا في إنتخابات لجنة صياغة الدستور وبعدها في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة وتلك الخسارة كانت مفاجئة لهم بشكل كبير ذلك لأنّهم يتعمّدون تجاهل نبض الشارع مع أنّهم يسمعون ذلك بكل وضوح ويفهمون جيداً ماذا يكمن وراءه.
بعد خساراتهم الإنتخابية تلك، لم يبق أمام الإخوان من بدائل غير الشروع في البحث من جديد عن "قميص عثمان" وبالفعل وجدوا ظالّتهم هذه المرّة في اللواء خليفة حفتر.
خلق الإخوان عن عمد من اللواء حفتر بعبعاً مخيفاً ورسموا له صورة "شبحية" مزعجة جداً ونفخوا فيها من سمومهم حتى أقنعوا الكثيرين من أبناء وبنات الشعب الليبي بوجهة نظرهم وتمكّنوا من التسرّب إلى عقول المتعلّمين والمهنيّّين والكثير من الآكاديميّين ومن المتعاطين بالسياسة والممارسين لها كذلك.  
تنظيم الإخوان بإعتبار أنّه تنظيماً ماسونياً بإمتياز فإنّ من بين أفكار الماسونية أنّك لا تتكاسل ولا تمل ويجب بأن تكون لك خطة "ب" وخطّة "ج" وخطّة "د" قبل أن تأخذ لك قسطاً من الراحة. ذلك تحديداً ما عمله تنظيم إخوان ليبيا، فبعد العثور على "بعبع" جديد وهو اللواء خليفة حفتر، تم القذف بالبعبع القديم وهو الدكتور محمود جبريل فقد إنتهت صلاحياته بعد تغييبه عن الواقع  بما مكّن من دفنه حيّاً، بعد ذلك خلقوا من "طبرق" بعبعاً صغيراً ليستظل وراءه خيال اللواء حفتر الضخم. طبرق كانت "قميص عثمان" الآخر الذي أظهره الإخوان ليحاربوا به مجلس النوّاب لأنّهم لم يتمكّنوا من إمتلاك ما يكفي لتدجينه ثم ترويضه ثم السيطره عليه.
بعد تضخيم البعبع وإخراجه للناس في جنح الظلام كي يخيفهم ويدفعهم إلى التصديق بوجوده، نفذ الإخوان كعادتهم من بين أقطار الغفلة والجهل وغياب الحيلة عن الناس في ليبيا وذلك بإنشاء قوّة هجوم كبيرة أسموها "فجر ليبيا" إستطاعت في غمامة الخوف والترقب من أن تعبر خلف الغبار لتدخل الساحة بمباركة الكثير من الغافلين والمغفّلين على حد سواء، وبمجرّد أن إرتسمت صور بشعة في أذهان الناس عن "فجر ليبيا" بسبب ممارسات المنتمين إليها وهم ليسوا كلّهم من الإخوان، ولا يؤمن أغلبهم بالعقلية الماسونية في التفكير.... بمجرّد إهتزاز الصورة وتثلّم أطرافها خرج علينا الإخوان بإخراج جديد... بصورة مختلفة إلى حد ما لكنّها تخدم ذات الأهداف وهي عملية "الشروق". 
من سوء حظ الإخوان، لم تفلح الشروق في تحقيق أي مكاسب على الأرض بل ربما كانت وبالاً على من فكر فيها... فماذا تبقّى للإخوان؟.

لو أن اللواء خليفة حفتر غاب عن الواجهة مثل ما فعل الدكتور محمود جبريل، أو أنّه قتل أو أسّر أو أنّه تعرّض لأي نوع من أنواع التغييب، هل سوف يقتنع الإخوان بعدها بفكرة وجود جيش وطني أو مجلس نواب منتخب أو الإقتناع بفكرة "تقاسم السلطة" من خلال صناديق الإقتراع؟.
"لا"... لآ اعتقد إطلاقاً بأن تنظيم الإخوان سوف ينتهي من البحث عن "قميص عثمان" ولو أنّه تحصّل على كل التنازلات التي يبحث عنها. تنظيم الإخوان سوف يواصل عملية البحث عن قميص عثمان حتى وإن عثر عليه لأن القميص ليس هو "الغاية" وإنّما القميص هو عبارة عن وسيلة للوصول إلى الهدف الأسمى وهو "الإستيلاء" على السلطة وتحصين ذلك من خلال إلغاء مبدأ "التناوب على السلطة" وإحلال ذلك بآلية "المبايعة" التي يجب أن تحل مكان صناديق الإقتراع، وإذا تمكّن الإخوان من تحقيق ذلك فإنّهم عندها فقط قد يقلعون عن مساعي البحث عن "قميص عثمان".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك