2014/03/19

شكراً أمريكا... لقد وقفت في وجه القراصنة

بلد بلا شـعـب يحميها أو يغـار عليها هي لقمة صائغة لكل طامع فيها وخرابة لكل من يرغـب فـي أن يعشعش على أراضيها  

بدون كلام وبدون تصريحات إعلام إنتظرت المدمّرة الأمريكيّة "روزفلت" في عرض البحر بكل تأنّ وتروٍّ وبكل ثقة سفينة القراصنة المسمّاة ظلماً "مورننج غلوري" وهي تمر بكل خلسة وبكل تخفٍّ عساها أن تتمكّن من إتمام عمليّة السرقة لتوصيل النفط المنهوب إلى السماسرة الذين ينتظرون في مكان ما قد نجهله لكنّنا نستطيع أن نرسم ملامح السرّاق بدون عناء. 

إنتظرت العملاقة روزفلت مثل الأسد الذي يرى الطريدة أمام عينيه وهو يعرف بأنّها سوف لن تفلت من وقع مخالبه حينما يقرّر مطاردتها والمسك بها. إنتظرت روزفلت حتى حانت اللحظة المقرّرة وليست المطلوبة فإتجهت صوبها وأرسلت طائرات لتحوم حولها فتشعرها بأنّها سوف لن تفلت وبأنّها هذه المرّة سوف لن تستفيد من "رداءة الأحوال الجويّة" لتتمكّن من الفرار. 

حامت المقاتلات الأمريكيّة حول الناقلة الهاربة المرتعبة فزادت من إرتعابها وسرعان ما أنزلت على سطحها جنوداً يعرفون بالضبط ماذا عليهم أن يفعلوا. نزل جنود البحرية الأمريكيّه على سطح الناقلة السارقة ودخلوا حجرة القيادة فأبعدوا القبطان الذي كان يحلم بالمجد وإستلموا منه عجلة القيادة ليشعروه بأن مصيرة أصبح محتوماً، وسرعان ما أخذت الناقلة المارقة تنصاع لجبروت القوّة آخذة طريقها للعودة بالنفط الليبي إلى أهله بعد أن حاول القراصنة من "أبناء البلد" إفتكاكه من بين فكوك الفقراء والمعوزين في بلد تراخت زترهّلت وبدأ حكّامها يرون خيراتها تنهب من أمام أعينهم وفي وضح النهار بدون أن يحرّكوا ساكناً خوفاً ووجلاً من ناحية وخيانة وعهراً من ناحية  أخرى. 

أعيد النفط الليبي إلى أهله المحتاجين إليه، وحرم القراصنة من حلم طالما تغنّوا به وطالما بنوا عليه أمجاداً وأمالاً وقصوراً من رمال من السهل أن تذرفها الرياح وتذهب بها بعيداً قبل أن ترتفع لتعطي الأمل لمن يراقبها بأن قصوره قد تصبح شاهقة في لمح البصر.
عادت "مورننج غلوري" تجر أذيال الهزيمة وهي صاغرة ووضيعه للتنازل عنوة عن كل ما حملته على متنها من سرقات فتعيدها رغماً عنها إلى من يمتلكها لا إلى من حمّلها على متنها. 

عادت الناقلة الهاربة إلى الأرض التي حاولت الهروب منها ولكن في هذه المرّة إلى وجهة أخرى بعيدة كل البعد عن موطن القراصنة في شرق البلاد الذين كانوا يحلمون بمجد وبجاه وبسلطان فبخّرت أحلامهم وأبانت لهم بأن العالم من حولهم قد يغفر وقد ينتظر لكنّه أبداً لا يرحم حين يقرّر إعادة الحق لأهله.

بعد مغادرة "مروننج غلوري" المياه الإقليميّة الليبيّة ودخلت عرض البحر شعر قبطانها ومن يحرصه بأنّهم على بعد فراسخ من عرض الذهب الأسود لمبادلته بذهب أصفر، وشعر من كان في وداعها بأن يوم تنصيبه أميراً على برقة أصبح قاب قوسين أو أدنى، لكن الرياح لا تأتي دوماً بما تشتهي السفن.

حلم الجضران ببرقة إمارة مستقلّة ذات سيادة، وحلم من كان معه بأنّهم من سوف يكون على رأس تلك الإمارة، وبدأوا بالفعل يتبجّحون بأنّهم سوف يستقبلون عشرات الناقلات لتصدير النفط الليبي من موانئهم التي أصبحوا يملكونها وتقع تحت سيطرتهم فيشتروا بالأموال الطائلة أسلحة يحمون بها إمارتهم الوليدة، ويشتروا بنفس الأموال الطائلة ولاء أهل الشرق الذين هم أنفسهم بدأوا يحلمون ببرقة المستقلة عن الدولة الليبيّة ليتمتّعوا فيها بخيرات كثيرة وأموال وفيرة كان يغتصبها منهم الغرابة بدون أي وجه حق.

بدأنا نرى وللأسف قبل تحرّك العملاقة روزفلت تجاه الناقلة المتخرمدة الكثير من أهل بنغازي وقد نسوا حبّهم لليبيا وتنازلوا عن ولاءهم للوطن الأم ليعلنوا مناصرتهم لرئيس عصابة القراصنة جضران وخادمة البرعصي وإنضمامهم لإمارة برقة التي بدأت تلوح بالنسبة لهم في الأفق القريب جداً.

لقد تبخّرت أحلامكم يا أيّها الإنفصاليّون، وحان لكم بأن تعرفوا بأن العالم من حولكم هو يراقبكم ولن يتسامح مع عبثكم ببلد مازالت تلملم جراحها بعد طول معاناة مع الماضي القريب وكثرة شقاء مع عصابات الحاضر المريب والغريب.

ليبيا سوف تبقى وحدة وطنيّة وسوف تحتضن كل أبنائها وبناتها المخلصين، وسوف يتحدّد على ترابها يوماً ينال فيه المارقون عقابهم، وليعلموا بأنّه سوف لن يكون في هذا البلد رحمة بالقراصنة أو بالسارقين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك