2011/06/02

رثاء قبل الميعاد

نشرت في ليبيا وطننا يوم 01 سبتمبر 1999 )

ما أحببنا الموت
لكنك أظلمت
أجرمت في حق أهلنا
قتلت
أعلنت عداءك لنا
حاربتنا
أكلت مالنا
بطرت
قل لنا بربك يا أيها العقيد
ماذا كنت تظن بنا نفعل
تضربنا على أعقابنا
تشرّد أهلنا وأحبابنا
وعندما نسكت لك
تتعالى....  و تزيد
تهين أكرامنا
تدنّس شرف أطهارنا
وعندما نستكين لك
تعربد.... و تبيد
لكننا بعد كل هذا الزمان
وبعد كل هذا الطغيان
لم نعد نعرف بعد
لم نعد نفهم...
ماذا تريد.....
يا سيادة "الأخ" العقيد
 *   *   *   *   *   *
تصفعنا على هذا الخد
تريدنا أن نعطيك الآخر
تنزع من بيننا الود
بتعذيبنا تتشفّى
بشقائنا تتنعّم
بتشريدنا يا قليل الأصل
تنتشئ وبغرور تتفاخر
تريدنا عن نظرك نتوارى
نبتعد عنك.. نريحك
تريدنا... كالسكارى
تريدنا من بلدنا نهاجر
تريد أن تسكت أصواتنا
أيها الداعر الفاجر
نحن نعرف مراميك
نعرف أهدافك
نعرف المريضه أفكارك
نعرف "الطفوليه" رغباتك
لكننا مع ذلك هاجرنا
قررنا تركك تتنعم فيها
أنت وأولادك وحوارييك
تركناها لك وسافرنا
 تركناها لك يا سيادة العقيد
تركنا لك البلد... تغرّبنا
ولكن.... يا أيها الواطئ
 بربك من هو المستفيد ؟
  *   *   *   *   *   *
إنك تفرح اليوم بإنتصاراتك
تتفخّر بأمجادك
تتمختر كالتيس
 بنياشينك وصولجاناتك
ولكن مع من يا سيادة العقيد ؟
يفرح الناس مع أحبابهم
وأنت...
تفرح مع أحبابك
مع مريديك
مع المنافقين أترابك
مع المتسلّقين أذنابك
مع الطامعين في أموالك
إنك تفرح مع الحقراء
مع المترفين
مع المغترّين أمثالك
ولكن... ماذا عنّا
عنا... نحن الشعب
يا من "ثرت من أجلنا" ؟
هل ترانا من بين أحبابك ؟
هل تحس بأننا سوف نفرح معك ؟
هل يعني هذا اليوم لنا أي شئ ؟
إسأل نفسك يا سيادة العقيد
وهل يفرح من ذاق السقم ؟
هل يفرح من عانى الألم؟
هل يفرح... المفجوع ؟
هل ينسى شعبنا الظّيم ؟
*   *   *   *   *   *
لقد إنتفضت يا سيادة العقيد
 في آواخر الخريف
فاجأتنا يا سيادة العقيد
 فقد كنا....
  نتمتّع بأيام الصيف
وحين في ذاك الفجر
الحالم الهادئ المستكين
تسرّبت كلماتك الى  أذاننا
دغدغت وعودك مشاعرنا
رسمنا حينها كالأطفال
لوحة مستبشره عن الغد
حلمنا وقتها بالإنعتاق
منّينا أنفسنا بالهناء
غمرنا الأمل حين ..
دوّت كلماتك عبر الأثير
حين سمعناك تقول:
لا مغبون ولا معبود
 لا مظلوم ولا موؤود
لا سيد ولا مسؤود
فقلنا في أنفسنا...
أسرّ بها بعضنا لبعضنا
قلنا في أعماقنا....
الحمد لك يارب الفضل
باركتنا يا واهب النعمه
رحمتنا.... أرحتنا
وصلّينا بالشكر لك
عن فضائلك
عن مكارمك
عن رفقك بنا
عن كل نعائمك
*   *   *   *   *   *  
عرفناك حينها نحيفا
ظننا بأنك عطوفا
تخيلناك إنسانا نظيفا
توخّينا فيك أخاً عفيفاً
فأيّدناك....
خرجنا بعفويه نهتف بإسمك
ناصرناك.......
إحتظنّا معك "ثورتك"
هتفنا لك
قبل أن نعرفك
فتحنا لك قلوبنا فدخلتها
أحببناك فرفعنا صورتك
وسمّيناك من حينها "أخاً"
أصبحت بمثابة إبننا
وتلك كانت خطيئتنا
لكنها لم تكن آخر خطايانا
تلك كانت مصيبتنا
لكن مالحق بها كان أطنانا
فقد أبانت لنا الأيام
بأننا تسرّعنا
بأننا كنّا نحلم
بأننا...
بسذاجة تفاعلنا
فما كنا حينها نعرف
 بأننا ... تغافلنا
فقد ...
 كنا أسرى لعواطفنا
كنّا عبيدا لمشاعرنا
فلم نستفسر عنك
لم نسأل من كان يخبرك
وتلك أيضا كانت خطيئتنا
وما أكثر خطايانا
لكنها وشهادة لله
كانت بدايات محنتنا
كانت من أسباب نكستنا
تلك ربما كانت...
 هفوة... من هفواتنا
بعض... من سذاجاتنا
لكننا ربما كنا.....
شعبا طيّبا
تربّينا على الطاعة
تلك كانت نشأتنا
هكذا هي طبائعنا
لم نتعلم المكر
لم نعرف الخداع
لم نجرّب النفاق
ذلك هو نحن ....
لكننا ولعمري...
 لم نعد كذلك
*   *   *   *   *   *   
نحن الآن خبرناك
على حقيقتك عرفناك
لم تعد بالنسبه لنا...
ذلك الأمل الوسيع
لم تعد بالنسبه لنا....
ذلك الأخ الوديع
فقد تغوّلت علينا
إستعديتنا بعد أن....
ضحكت على مآقينا
سرقت أموالنا....
 أفقرتنا
دمرت مستقبلنا...
حطّمتنا
ـ حطّم الله عمرك ـ
وتركتنا هكذا
نعاني الألم
نصارع السقم
نتجرّع الأسى
لكننا ـ وللحسره ـ
نعاني لوحدنا
نبكي بقايا عمرنا
ونندب حظنا
نتأسّف على ماضينا
نحنّ الى ذلك العهد
الذي تخلى عنا... وتركنا
 مطيّة سهلة لأمثالك
لكننا..
من لوعة حاضرنا
عدنا الى أمسنا
نحنّ اليه
نمنّي أنفسنا بعودته
مع يقيننا
بأنّه كان من خذلنا
بأنّه كان من أهملنا
كان ذلك العهد وحده
سببا... فيما لحق بنا
 *   *   *   *   *   *
ليس هذا هو وقت الندم
ليس لنا أن نشتكي الألم
فليس والله لنا من يسمعنا
وليس لنا من يحس معنا
وما لنا إلا أن نثور
إلاّ أن نقول... "لا"
"لا" للطاغية
"لا" للطغيان
"لا" للإستعباد
"لا" للظلم والجور
"لا" للعهر والفجور
 *   *   *   *   *   *
قد نمشي فوق القبور
قبور موتانا
مدافن قتلانا
ولكن... لا لنبكيها
ولا... لنتحسّرعليها
وإنما.... لنرثيها
لنترحّم علي ساكنيها
 لنعد سكانها بالثأر
وفوق كل ذلك...
نقرّ بأننا.....
سوف ننتزع حقّها
وسوف بإذن الله
بأرواحنا نفديها
*   *   *   *   *   *
اليوم بالنسبه لهم... هو
يوم الإنتصار "العظيم"
ولكن على من ؟
على هذا الشعب
على إرادته...
على معنوياته...
على إستلاب ثرواته
عل سحل أبنائه
على إغتصاب بناته
اليوم بالنسبه لهم...هو
يوم "الفاتح" العظيم
يوم الرفاه والنعيم
يوم الطغيان المستديم
يوم أصبحت فيه ليبيا
إقطاعية للعقيد اللئيم
 *   *   *   *   *   *     
اليوم بالنسبه لنا
هو يوم الحداد
هو يوم الحزن
هو يوم السواد
اليوم بالنسبه لنا
هو موعد مع الطغاة
هو بحث عن النجاة
هو تمرد على الظلم
هو تذكرة للبقاء
اليوم بالنسبه لنا
وخزة قوية في ذاكرتنا
هزة عنيفة في مشاعرنا
إيقاظا للنائم من أحاسيسنا
تنبيها للغافل من أهلنا
وعهدا بأن...
لن يتكرر علينا مثله
لا في حاضرنا..
ولا في غدنا...
فسوف بإذن الله يكون
النصر هو موعدنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك