2025/06/14

نتن ياهوه الخسّيس أهدته إيران نصراً رخيص

حينما نستخدم عقولنا وبجد نفكّر؛ نستطيع أن نميّز بين النقي والمتعكّر. علينا دوماً بأن نسأل: لماذا، وكيف، ومتى... حتى نتعرّف على معالم طريقنا كما يتوجّب. 

مازلت إلى هذه اللحظة لم أتمكّن من فهم ما كان ألمّ بإيران في الليلة ما قبل الماضية. ضربة قويّة ومدمّرة وقاصمة... وبالفعل كانت ضربة فتّاكة.
نحن نعرف بأن العلاقات بين إيران ودولة الصهاينة لم تكن جيّدة في أيّ وقت، وربّما منذ سقوط نظام الشاه التابع للغرب والمدعوم من الغرب.
كانت علاقات إيران قد بلغت أسوأ حالاتها منذ عمليّة حماس في 7 أكتوبر عام 2023م، وبقيت في حالة ترقّب وإستنفار منذ ذلك اليوم وحتى اليوم.
كانت دولة الصهاينة قد ضربت إيران يوم 26 أكتوبر 2024م، وردت عليها إيران بإطلاق بعض الصواريخ... وإنتهى كل شئ حينها برغم كل التهديدات الإيرانية العنيفة.
لم تقدم إيران من حينها على مهاجمة الصهاينة، وبقيت هكذا صامتة وساكته وبعيدة عن الأوضاع بعد أن فقدت "حزب الله" في لبنان، وأنصارها في سوريا. تنازلت إيران بكل بساطة عن سوريا، وقد نعذر تنازلها عن "حزب الله" بإعتبار أن الوضع في لبنان يعتبر معقّداً بعض الشئ في هذا الإطار.

وعودة إلى الموضوع.... ضربت دولة الصهاينة إيران في العمق، وبقسوة كبيرة. إستخدمت دولة الصهاينة كل ما توفّر لديها من علوم تقنية ومخابراتيّة لإلحاق أكبر هزيمة لإيران بضربة واحدة. كان ما حدث في إيران صباح الجمعة شبيهاً وإلى حد كبير لما حدث لحزب الله يوم 28 سبتمبر 2024م؛ حينما تمكّنت دولة الصهاينة بعمليّة واحدة من قتل "السيّد حسن نصرالله" والكثير من قادة المواجهة في الحزب بضربة مفاجئة واحدة، ومن حينها لم يتمكّن حزب الله اللبناني من إعادة أنفاسه، وبالفعل تمكّن الصهاينة من قفل جبهة "حزب الله" نهائيّاً... وربما إلى الأبد.
إيران لم تتعلّم الدرس، ولم تنتبه لقدرات دولة الصهاينة المخابراتيّة والتكنولجيّة، ومن أكبر المرجّح بأن إيران كان قد تم خداعها بتلك "الوثائق السريّة" التي أعلنت عنها منذ يومين، وكانت إيران قد نشرت واحدة منها تبرهن على أن أحد أفراد لجنة التقصّي التابعة للطاقة الذريّة كان يتعامل مباشرة مع دولة الصهاينة. نشرت إيران تلك الوثيقة من التباهي والترفّع وهي حينها لم تكن تعرف بأن كل شئ كان مفبركاً، ومحبوكاً ومبرمجاً، وعلى أن تلك الوثائق التي تحصّلت عليها إيران كانت في واقع الأمر فخّاً صهيونيّاً لإيران حبكه رجال المخابرات الصهيونيّة بكل ذكاء وبكل عناية حتى تمكّنوا من تمريره على أجهزة المخابرات الإيرانيّة بدون أن تنتبه تلك المخابرات إلى ما وراء الحدث حينها.
المهم... أن دولة الصهاينة تمكّنت بذكائها وخبرتها من الوصول إلى كل أعضاء الصف الأمامي في الجيش الإيراني، وفي جهاز المخابرات، والأهم في البرنامج النووي الإيراني. بعد التعرّف عليهم جميعاً قامت بقتلهم بضربة واحدة بشكل - بالفعل - يجعل كل عاقل يتوقّف ويقكّر ويسأل بكل براءة: كيف تمكّنت دولة الصهاينة من الضحك على قادة إيران بتلك السهولة وبذلك النجاح الكبير.... الكبير جداً ؟.
أعتقد من ناحيتي أن الإجابة واضحة، وأن التفسير لا يحتاج إلى الكثير من التخمين: دولة الصهاينة هي - قبلنا أم تنكّرنا - دولة ديموقراطيّة، ويحكمها بالفعل خيارها، ويخطط لها متعلّموها. في المقابل نجد في الجانب الآخر "إيران" حيث الوضع يختلف تماماً. فإيران يحكمها ويسيطر عليها "المرشد الأعلى" منذ عام 1976م بعيد ثورة "ألخميني" وإنشاء نظام "المرشد الأعلى".
بكل تأكيد فإن "المرشد الأعلى" هو الفاتق الناطق في إيران، وهو صاحب كل السلطات العليا في البلد، وهو غير منتخب من الشعب، ومع ذلك فإن كل البقية في سلطة إيران هم أتباع مطيعين له بدون حق الإعتراض أو الإنتقاد أو الإختلاف.
نحن هنا نتحدّث عن الصراع بين الديموقراطيّة الحقيقيّة وبين الحكم الفردي بغض النظر عن تلك الإنتخابات الصوريّة، وبغض النظر عن وجود رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء وربما برلمان يقال بأنّه منتخب. وهنا أستطيع أن أقولها وبكل قوّة بأن ما حدث صباح الجمعة 13 يونيو 2025م بين دولة الصهاينة وإيران كان بالفعل وبالعقل وبالمنطق يعبّر عن إنتصار "العلمانيّة" على "السلطة الدينيّة".... ليلتكم سعيدة.

2025/04/26

العالم من حولنا فاتنا فهل نستفيق من سباتنا؟

إن نحن لم نستفق لأنفسنا فإن غيرنا سوف لن يحفل بنا. علينا بأن ننظر حولنا، وأن نتدبّر أمورنا، وأن نخرج عن صمتنا.... حتى نسمع غيرنا، ونفرض عليه إحترامن
إستمعت بالأمس إلى خبر يقول بأن شرطة المطار في مانشستر في بريطانيا كانت قد أوقفت شخصين نيجيريين(رجل وإمرأة) ومعهما طفلة صغيرة عمرها ثلاثة سنوات بغرض التحقيق. فقد لاحظ رجال أمن المطار بأن العلاقة بين الطفلة والشخصين لم تظهر لهما وكأنّها علاقة بين أبوين وإبنتهما؛ فإستدعيا "الزوجين" للتحقيق. تبيّن فيما بعد بأن المرأة هي نيجيريّة تحمل جواز سفر بريطاني بسبب أنّها كانت قد ولدت في بريطانيا من أبوين مهاجرين من نيجيريا، وأن الرجل الذي كان معها بحجة أنّه زوجها لم يكن في الحقيقة زوجاً لها، وعلى أن الطفلة لم تكن طفلتهما؛ بل كانت بالتبنّي. المهم أن الثلاثة كانوا يحملون أيضاً جوازات سفر نيجيريّة، وأن "الأم" كانت تحمل جواز سفر بريطاني كذلك، وعلى أن "الأسرة" جاءت لبريطانيا بغرص التوطين مستندين على جنسيّة "الأم" التي تسمح لها بإحضار زوجها وأطفالها منه للعيش معها في بريطانيا والتجنّس كذلك.
في الأسبوع الماضي كنت أستمع إلى راديو 4 التابع للبي بي سي وأنا في سيّارتي فإذا بأغنية لفنّان نيجيري شهير تقول: "آسف نيجيريا... آسف أفريقيا"، ومن هناك وهنا تولّدت في مخيلتي فكرة كتابة هذا المقال المتواضع.
قلت في نفسي... نحن في أفريقيا مع أنّنا في الواقع وفي الجوهر وفي الآساس لسنا آفارقة. نحن في أصولنا من المهاجرين من منطقة الشام؛ وقد أقول من "المهجّرين" من منطقة الهلال الخصيب بعد أن جاء أتباع الدولة العبّاسيّة مهاجمين أتباع الدولة الأمويّة ممّا دفع بالأمويين للهروب منهم تجاه أفريقيا، وكان أن إستقرّوا في شمال أفريقيا.. وليبيا كانت من بين تلك البلاد التي أًصبحت بعد ذلك تعرف بالبلاد العربيّة، وكما نعرف فإن العبّاسيين لم يكتفوا بهزيمة الأمويين في منطقة الشام؛ بل إنّهم لحقوا بهم في مصر وليبيا وتونس... ومن بعدها المغرب. حينها لم يجد الأمويون بدّاً من عبور البحر الأبيض المتوسّط باحثين عن ملجأ لهم من العباسيين، ومن هناك كانت قصّة الأندلس.
أعود للموضوع... نحن في أفريقيا، وأجدادنا في الجزيرة العربيّة وفي منطقة الشام نمتلك عقولاً مثل غيرنا من البشر، وأنعم الله علينا بخيرات طبيعيّة كثيرة، وحبانا الله سكّان منطقة المتوسّط بعقول نيّرة وأفق متّسعة؛ لكنّنا لم نتمكّن من إستثمار مواردنا الطبيعيّة وإمكانيّاتنا العقلانية بهدف خدمة مجتمعاتنا، ووجدنا لأسباب كثيرة بأن الطريق الأسلم والآمن والأكثر عطاء هو أنّنا نهاجر إلى بلاد العلم والمعرفة والتقدّم والإزدهار؛ حيث يمكننا هناك العيش بآمان وبسلام وبكامل الحريّة... فلماذا لم توفّر لنا بلداننا تلك الأوساط المسالمة، وتلك البيئات الحاضنة، وذلك الإهتمام بقدراتنا الذهنيّة والمهنيّة بهدف إستثمار كل ذلك في بلداننا وبين أهلنا... ولصالح أهلنا؟.
علينا أن نفكّر في هذا الشأن، وعلينا بأن نتعلّم من تجارب الماضي، وعلينا بأن نستفيد من أوروبا، ومن شمال أمريكا حيث تمكّنت تلك البلاد من بناء التحضّر لشعوبها، وأصبحت بالفعل تقود بلاد العالم من حولها.
هل بوسعنا نحن سكّان شمال أفريقيا أن نبني أنفسنا، وأن نبني بلداننا، وأن نتقدّم مثل غيرنا؟. إن كان ذلك بإمكاننا كعرب وكمسلمين في شمال القارّة؛ فماذا عن أولئك الآخرين في وسط وجنوب نفس القارّة؟. إنّهم بشراً مثلنا، ولهم بكل تأكيد عقولاً يفكّرون بها... فلماذا لم تمكّنهم بلدانهم من إستثمار نتاج عقولهم في بلدانهم؟. إن من يستمع إلى أغنية "آسف نيجيريا، آسف أفريقيا" قد يجد نموذجاً حقيقيّاً وغير مبالغٍ فيه لواقعنا نحن شعوب العالم الثالث... أو كما يسمّوننا. يومكم سعيد.