2025/04/26

العالم من حولنا فاتنا فهل نستفيق من سباتنا؟

إن نحن لم نستفق لأنفسنا فإن غيرنا سوف لن يحفل بنا. علينا بأن ننظر حولنا، وأن نتدبّر أمورنا، وأن نخرج عن صمتنا.... حتى نسمع غيرنا، ونفرض عليه إحترامن
إستمعت بالأمس إلى خبر يقول بأن شرطة المطار في مانشستر في بريطانيا كانت قد أوقفت شخصين نيجيريين(رجل وإمرأة) ومعهما طفلة صغيرة عمرها ثلاثة سنوات بغرض التحقيق. فقد لاحظ رجال أمن المطار بأن العلاقة بين الطفلة والشخصين لم تظهر لهما وكأنّها علاقة بين أبوين وإبنتهما؛ فإستدعيا "الزوجين" للتحقيق. تبيّن فيما بعد بأن المرأة هي نيجيريّة تحمل جواز سفر بريطاني بسبب أنّها كانت قد ولدت في بريطانيا من أبوين مهاجرين من نيجيريا، وأن الرجل الذي كان معها بحجة أنّه زوجها لم يكن في الحقيقة زوجاً لها، وعلى أن الطفلة لم تكن طفلتهما؛ بل كانت بالتبنّي. المهم أن الثلاثة كانوا يحملون أيضاً جوازات سفر نيجيريّة، وأن "الأم" كانت تحمل جواز سفر بريطاني كذلك، وعلى أن "الأسرة" جاءت لبريطانيا بغرص التوطين مستندين على جنسيّة "الأم" التي تسمح لها بإحضار زوجها وأطفالها منه للعيش معها في بريطانيا والتجنّس كذلك.
في الأسبوع الماضي كنت أستمع إلى راديو 4 التابع للبي بي سي وأنا في سيّارتي فإذا بأغنية لفنّان نيجيري شهير تقول: "آسف نيجيريا... آسف أفريقيا"، ومن هناك وهنا تولّدت في مخيلتي فكرة كتابة هذا المقال المتواضع.
قلت في نفسي... نحن في أفريقيا مع أنّنا في الواقع وفي الجوهر وفي الآساس لسنا آفارقة. نحن في أصولنا من المهاجرين من منطقة الشام؛ وقد أقول من "المهجّرين" من منطقة الهلال الخصيب بعد أن جاء أتباع الدولة العبّاسيّة مهاجمين أتباع الدولة الأمويّة ممّا دفع بالأمويين للهروب منهم تجاه أفريقيا، وكان أن إستقرّوا في شمال أفريقيا.. وليبيا كانت من بين تلك البلاد التي أًصبحت بعد ذلك تعرف بالبلاد العربيّة، وكما نعرف فإن العبّاسيين لم يكتفوا بهزيمة الأمويين في منطقة الشام؛ بل إنّهم لحقوا بهم في مصر وليبيا وتونس... ومن بعدها المغرب. حينها لم يجد الأمويون بدّاً من عبور البحر الأبيض المتوسّط باحثين عن ملجأ لهم من العباسيين، ومن هناك كانت قصّة الأندلس.
أعود للموضوع... نحن في أفريقيا، وأجدادنا في الجزيرة العربيّة وفي منطقة الشام نمتلك عقولاً مثل غيرنا من البشر، وأنعم الله علينا بخيرات طبيعيّة كثيرة، وحبانا الله سكّان منطقة المتوسّط بعقول نيّرة وأفق متّسعة؛ لكنّنا لم نتمكّن من إستثمار مواردنا الطبيعيّة وإمكانيّاتنا العقلانية بهدف خدمة مجتمعاتنا، ووجدنا لأسباب كثيرة بأن الطريق الأسلم والآمن والأكثر عطاء هو أنّنا نهاجر إلى بلاد العلم والمعرفة والتقدّم والإزدهار؛ حيث يمكننا هناك العيش بآمان وبسلام وبكامل الحريّة... فلماذا لم توفّر لنا بلداننا تلك الأوساط المسالمة، وتلك البيئات الحاضنة، وذلك الإهتمام بقدراتنا الذهنيّة والمهنيّة بهدف إستثمار كل ذلك في بلداننا وبين أهلنا... ولصالح أهلنا؟.
علينا أن نفكّر في هذا الشأن، وعلينا بأن نتعلّم من تجارب الماضي، وعلينا بأن نستفيد من أوروبا، ومن شمال أمريكا حيث تمكّنت تلك البلاد من بناء التحضّر لشعوبها، وأصبحت بالفعل تقود بلاد العالم من حولها.
هل بوسعنا نحن سكّان شمال أفريقيا أن نبني أنفسنا، وأن نبني بلداننا، وأن نتقدّم مثل غيرنا؟. إن كان ذلك بإمكاننا كعرب وكمسلمين في شمال القارّة؛ فماذا عن أولئك الآخرين في وسط وجنوب نفس القارّة؟. إنّهم بشراً مثلنا، ولهم بكل تأكيد عقولاً يفكّرون بها... فلماذا لم تمكّنهم بلدانهم من إستثمار نتاج عقولهم في بلدانهم؟. إن من يستمع إلى أغنية "آسف نيجيريا، آسف أفريقيا" قد يجد نموذجاً حقيقيّاً وغير مبالغٍ فيه لواقعنا نحن شعوب العالم الثالث... أو كما يسمّوننا. يومكم سعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك