2018/02/15

يا حسرتنا على دولتنا أغلب دول أفريقيا سبقتنا

عندما يعرف الإنسان قيمته يثور من أجل حرّيته، وحينما يفتح عينيه على العالم من حوله يرى الدنيا على طبيعتها.... فيحلم، ويحلم، ثم يندفع بدون خوف ولا تردّد لتحقيق أحلامه. 

لم تشفع له وطنيّته ونضاله ضد الإستعمار، فحينما أفسد ثار الشعب عليه وأزاحه عن الكرسي
بعد زيمبابوي تأتي جنوب أفريقيا.... شعوب أفريقيا تستفيق وتخلع عنها جلابيب الخوف وتخرج من القماقم التي كانت قد حبست بداخلها.
تحجّج الكثير من حكّام أفريقيا بأنّهم كانوا قد قادوا النضال في بلدانهم ضد المستعمر وبأن إستقلال بلدانهم لم يكن ليتأتّى لولا تضحياتهم ولا حنكتهم ولولا مقارعتهم للمستعمر وعدم السكوت عليه. 
زيبقى نيلسون مانديلا الإنسان الفريد في أفريقيا
تذكر لنا كتب التاريخ المناضل كواني نيكروما(غانا)، والمناضل باتريس لوممبا(الكونغو)، والمناضل أحمد سيكوتوري(غينيا)، والمناضل توماس سينكارا(بوركينا فاسو)، والمناضل لوبولد سيكار سينجور(السنغال)، وتذكر لنا كذلك المناضل الحبيب أبورقيبة(تونس)، والمناضل روبرت موغابي(زيمبابوي)، وبكل تأكيد المناضل الكبير نيسلون مانديلّا(جنوب أفريقيا). كل أولئك المناضلين حكموا بلدانهم بعد الإستقلال وبقى أغلبهم في الحكم إلى أن ثار الشعب عليهم وأبعدهم بعدما أفسدوا وطغوا بإسم النضال وبإسم الوطنيّة وتحت مضلّة "الأحقّية". قد يستثنى من ذلك باتريس لوممبا ونيلسون مانديلّا الّذان بدأ بطلان في عيون شعبيهما وإنتهيا بطلان في عيون العالم من حولهما.
كانت شعوب أفريقيا متحمّسة وفرحة بالإستقلال فإحتضنت مناضليها وجعلت منهم حكّاماً مبجّلين مما شجعهم على الطغيان وحوّلهم إلى طغاة على شعوبهم، وهذا في نهاية المطاف دفع شعوبهم لآن تلفضهم وتثور عليهم بشكل كاد أن يبعد عنهم أقنعة الوطنيّة. لعل المثال الساطع في هذا الإطار هو روبرت موغابي الذي تمّت إزاحته عن الكرسي الذي كاد أن يلتصق به وكان قد تجاوز التسعين من عمره.
المهم في الأمر أن شعوب أفريقيا إستفاقت أخيراً ونظرت حولها فرأت حكّام العالم يتغيّرون بآساليب ديموقراطية وبوسائل سلميّة وعلى أسس تنافسيّة. فبعد ما حدث في زيمبابوي من إجبار روبرت موغابي على الإستقالة بعد فترة حكم إستمرّت لأكثر من 37 سنة - وهي من أطول فترات حكم لأي رئيس في العالم - ممّا دفع جموع الشعب الزيمبابوي للخروج العفوي والفوري عليه في نوفمبر من العام الماضي، وكان خروج الناس في مظاهر إحتفاليّة شملت كل المدن الزيمبابوية ومنها العاصمة هراري وهم فرحين بنهاية عصر لم يكن ديمقراطيًا كما كانوا يتوهّمون أو كما كان يقال لهم للتغرير بهم. 
جاكوب زوما كان بحكم علاقته بنيلسون مانديلا.. كان يظن بأنّه أكبر من القانون
بعد ذلك بعدة أشهر فقط، لاحظنا في الليلة البارحة إجبار رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما على الإستقالة من منصبه رسميا وبشكل فوري بعد ضغوط من حزب المؤتمر الوطني الحاكم وتهديده بسحب الثقة منه. حكم زوما جمهورية جنوب أفريقيا لمدة 9 سنوات خلفاً للزعيم الوطني نيلسون مانديلّا الذي حكم البلاد لفترة إنتخابيّة واحدة وترك الحكم لغيره في حين كان بوسعه أن يبقى في الحكم مدى الحياة على سمعة تاريخه النضالي الشريف.
وتبقى جنوب أفريقيا دولة قانون برغم كل شئ
جاكوب زوما لم يكن سويّاً منذ بداية حكمه، وكانت فترات رئاسته قد شابها الكثير من الضبابيّة والفساد وغياب الشفافيّة وربّما كان من أكثرها فساداً علاقته المالية برجل أعمال من أصول هنديّة يلقّب ب"غوبتا". ففي وقت مبكّر من صباح الأمس "الأربعاء" داهمت الشرطة منزلاّ لأصدقائه المقرّبين من عائلة غوبتا الغنية بالهند، وقامت باعتقال أفراد منها.
وقد إتهمت الشرطة عائلة غوبتا بإستغلال صداقتها الوثيقة مع الرئيس لكسب نفوذ سياسى مرموق مقابل أموالاً هائلة إستلمها زوما خلال السنوات القليلة الماضية.
الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا قرّر إختيار سيريل رامافوسا زعيما جديدا له وهو من خلف زوما لشغر مكان رئيس جنوب أفريقيا وحتى الإنتخابات القادمة.
الناس التي كانت معه سرعان ما خرجت عليه حينما عرفت بفساده
هناك الكثير من البلاد الأفريقية كانت قد نفضت عنها جدار السلبيّة وخرجت لتطالب بالديموقراطية وإبعاد الحكّام الطغاة، ومن بين تلك البلدان: موريشيوس، بوتسوانا، السنغال، بنين، ناميبيا، غامبيا، غانا، الرأس الأخضر، تونس، ليسوتو، زامبيا، وجنوب أفريقيا بطبيعة الحال.
سيريل رامافوسا - رئيس جنوب أفريقيا الجديد
فأين نحن من هذا التغيير الكبير في أفريقيا، وماذا حقّقت لنا "ثورة فبراير" في هذا المجال.... أو في غيره؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك