2016/10/26

بنغازي تتحرّر وتتحسّس طريقها نحو العصرنة والتحضّر


إن المراقب عن قرب لبنغازي وما يجري فيها يكتشف وبكل بساطة بأن هذه المدينة العصيّة بقيت كما كانت عصيّة وبأنّها لم تخضع يوماً لأي مغتصب ولم تصبح لأي طاغٍ مطيّة.
بنغازي لمن لم يصله الخبر بعد يقيناً كانت قد تحرّرت من تجّار الدين والمهترئين والظلاميين وتجّار الثوريّة والسرّاق والطمّاعين. بنغازي يا من مازلتم تغطّون في سباتكم هي ليست بنغازي التي تظنّونها وليست بنغازي التي تحلمون بها. بنغازي هي مدينة أهلها، وهي منارة العاشقين لها، وهي منوال للحالمين باللحاق بها. بنغازي هي بالفعل تحرّرت وتنوّرت وتنعنشت وأشرقت شمسها وبزغت... فهلا فتحتم عيونكم لتروا جمالها وتبصروا وتحسّوا بالسعادة وهي تتمدّد في أوصالها. 

بنغازي بعد أن أحسّت بحرّيتها بدأت تتحسّس طريقها نحو الغد.... وغد بنغازي هو ليس أمس تجّار الدين والمشعوذين. غد بنغازي هو الغد الحقيقي والمستقبل الراقي والأمل المتجدّد والإصرار الباقي. غد بنغازي يا من تعيشون بأبجديات الماضي هو العيش بأحلام المستقبل وبآمال القادم والمقبل... غد بنغازي هو غد ليبيا، وهو غدكم يا بنات ويا أبناء ليبيا. غد بنغازي هو غدكم يا من تحلمون بالمستقبل فأفتحوا عيونكم لتروه وأطلقوا العنان لأحلامكم كي تبصروه، فهو أقرب إليكم من أي قريب تتصوّروه. غد بنغازي هو غدنا جميعاً، فلنحتضن هذا الغد ولندخله بطوع إراداتنا... ولندخله بقلوبنا وأحاسيسنا وذواتنا.

بنغازي سوف تكون المنارة التي تضئ الطريق أمامنا لنبني ليبيا... كل ليبيا على أسس العلم والمعرفة، وعلى هدى العقول المبدعة والتي تعتبر في الأحلام مرهفة ومسرفة.
فلنفرح جميعاً مع بنغازي ولنحلم مع أهالي بنغازي ولنمنّي أنفسنا بما حقّقه جيشنا الوطني لبنغازي، حتى نتمكّن جميعاً من بناء ليبيا التي نحلم بها والتي نريدها ونتمّناها. إنّها ليبيا العصريّة والمتمدّنة وليست ليبيا التي يتصوّرها ويحلم بها من كان في قندهار أو خرج من بين السجون ومن وراء الشبردق والأسوار.

بنغازي تحرّرت ونظّفت شوارعها وتجمّلت. بنغازي نشرت شرطتها في ميادينها وأزقّتها، ووزّعت شهائد التخرّج على طالباتها وطلبتها، وفتحت مدارسها، وطلبت من مفكّريها ومن عقولها الشابّة والناضجة والخبيرة المساهمة في تطوير وإعادة بناء معالمها، والمضي بها سريعاً لقفل الطريق على من كان يغتال خيرة شبابها ومن خيار أهلها يحرمها.


بنغازي تحرّرت وهي في طريقها نحو البناء والإعمار ولكن ويحنا على طرابلس,,,, ويحنا على العاصمة التي أصبحت مدينة مظلمة وقاتمة بسبب تلك القوى الظالمة والغاشمة التي سيطرت عليها في ليلة مشئومة وفاحمة. ويحي على طرابلس التي تحوّلت إلى وكر لكل متشرّد ومتفرّد ومعقّد ومتبلّد.

بنغازي سعت لكل رجال الأعمال وأصحاب الأموال كي يستثمروا فيها ويبنوها، بينما سلب أهل الجشع والطمع خيرات طرابلس وسرقوا أموالها ليبنوا بها أمجاداً لهم فتحوّلت عاصمتنا إلى خراب بعد أن كانت عروسة جميلة تسحر الألباب وتستحوذ على الإعجاب.

جيشنا الوطني حرّر بنغازي وسلّمها للعقلاء من أهلها كي يبنوها، بينما إستولى الظلاميّون على طرابلس وسلّموها لمليشيات هوجاء لا تفهم في الإعمار ولا في البناء فخرّبوا ما وجدوه مبنيّاً على ترابها وشوّهوا كل ما كان جميلاً وأنيقاً مرسوماً على أعتابها.

بنغازي سلّمت شهائد التخرّج لأبنائها وبناتها، بينما إجتهد خريجوا قندهار في كل وسيلة عن طريقها قهروا المرأة وغلّفوها بتلابيب كان ولا يزال يلبسها اليهود الذين إحتفظوا بها وحافظوا عليها منذ أن عاش أجدادهم في أرض كنعان لأكثر من 4000 سنة مضت.
وبينما تجتهد بنغازي لنفض غبار الماضي عنها كي تتمكّن من التعامل بأبجديات العصر نجد طرابلس وقد فرض على أهلها العيش بثقافة وحضارة قندهار بسبب عقليّة وتفكير من يتحكّم في طرابلس الآن من أمثال خالد الشريف وسامي الساعدي وعبد الحكيم بلحاج والصادق الغرياني ومحمّد صوان وعلى الصلاّبي وغيرهم كثيرون.
وبينما تتحرّر بنغازي من ثقافة التغليف والغمّان لتبصر النور الذي به تتحسّس طريقها نحو الإعمار والبناء والتشييد، نجد طرابلس تقع فريسة لسياسة التعمية والتغليف والفصل بين الذكور والإناث في حين تهمل هذه العقليات التي تستولي على طرابلس الآن وتسيطر على كل شئ فيها... تهمل هذه العقليّات كل أبجديات الزمن الذي نعيش فيه من تعليم وثقافة وبناء وتحضّر بما يعني ذلك من توفيرللخدمات العصرية المتحضّرة التي يحتاجها المواطن الليبي وهو يحلم بغد أفضل وبمستقبل أكثر آماناً له ولمن يأتي من بعده.
الجماعات التي تسيطر الآن على طرابلس العاصمة هي جماعات زمنية متخلّفة تعيش بثقافة الماضي ولا تقدر أن تبرحها بسبب إنغلاق قادتها الفكري وبسبب الثقافة الموروثة والتي لا تسمح بالتجديد وتمنع الإجتهاد وتتنكّر للإنفتاح على الغير وتحرّم الإبداع وتعتبر الإستماع إلى الموسيقى نوعاً من الشرك بالله. هذا الجماعات التي تتحكّم في العاصمة الآن هي كلّها تتشرّب من الفكر الحنبلي ثم الوهابي ثم الطالباني الذي أنتج لنا تنظيم القاعدة ومن بعده داعش مروراً بجبهة النصرة وأنصار الشريعة وبوكو حرام وغيرها من الجماعات الجهادية المتخلّفة في الفكر وفي الثقافة وفي كم التحضّر والإنفتاح على العالم المعاصر.
أنا أكثر ما أخشاه هو أن تنشأ في بلادنا ثقافتين متناقضتين ومتباعدتين واحدة في شرق البلاد والأخرى في غربها مما سوف يؤدّي بكل تأكيد إلى تقسيم ليبيا العزيزة إلى دولتين متناحرتين لا تسمح إحداهما للأخرى بالعيش في سلام. علينا بأن نكون جدّيين في تناول مثل هذه المخاوف وعلينا بأن نرى الأشياء كما هي وبألّا نطمر عيوننا في الرمال حتى لا نرى ونعي ما يدور حولنا في داخل بلادنا فنستفيق بعد فوات الآوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك