2011/09/05

علينا كليبيين أن نحسم أمورنا بأنفسنا

ساعة الزمن لا يمكن لها إلاّ أن تسير إلى الأمام... تلك هي سنّة الله على الأرض. إن الذين يحاولون العيش في الماضي، أو التشبّث بمعطياته إنما هم كمن يحاول أن يوقف عجلة الحياة وذلك بأن يعمل جاهدا على عكس دوران ساعة الزمن. أولئك هم من يجدّف عكس التيّار، وأولئك هم من يجب علينا الحذر من طريقة تفكيرهم إن أردنا بالفعل رسم معان مختلفة لحياتنا في ليبيا الجديدة.


 
أجرت وكالة رويترز للأنباء مقابلة صحفية مع قائد كتيبة 17 فبراير للثوّار في مدينة بنغازي "إسماعيل الصلاّبي" قال فيها بأنّه لم تعد هناك حاجة لدور "اللجنة التنفيذيّة" التي تقوم بدور الحكومة في المجلس الإنتقالي الليبي لأنّها - على لسان السيّد إسماعيل الصلاّبي – "من بقايا النظام القديم، وعلى أعضائها جميعا أن يستقيلوا بدءا برئيسها الدكتور محمود جبريل"، وقالت الوكالة على لسان الصلاّبي عن الجماعات "العلمانية" كما نعتها قائلا "إنّها تسعى لتشويه سمعة الإسلاميّين، وإثارة صراع سياسي لن يفيد سوى القذّافي"... حسب قوله.

من حق السيّد إسماعيل الصلاّبي أن يعبّر عن رأيه بالطريقة التي أراد؛ لكن على السيّد الصلاّبي أن يعرف بأنّه مجرّد فرد في هذا المجتمع الليبي الذي يزيد عدد سكّانه عن 6 ملايين نسمة؛ أكثر من ثلثهم (67%) من الشباب، وأنّه إنّما يعبّر عن نفسه فقط عندما يصدر أية تصريحات أو أراء.
إن عدد من تقل أعمارهم عن 40 سنة في ليبيا يزيد عن 4 ملايين نسمة؛ وهؤلاء هم مستقبل ليبيا، وجيلها الذي سوف يحمل مشكاة التغيير إلى الأمام بيديه لينير بها مستقبل الأجيال القادمة.

المجتمع الليبي يعتبر خليطا متجانسا من المتفتّحين - الذين ينظرون إلى الأمام وسلاحهم الوحيد هم العلم والإيمان؛ وهؤلاء بدون أدنى شك يمثّلون أكثر من 90% من المجتمع الليبي -  ومن أولئك المتشددين - الذين يصرّون على العيش في الماضي السحيق، وينظرون إلى الحياة بعيون السابقين (السلف) الذين عاشوا في عصر هو غير عصرنا، وتعلّموا علوما هي غيرعلومنا، وإستعملوا مقتنيات هي غير مقتنياتنا؛ وهؤلاء المتشددين من حسن حظّنا أنّهم يمثّلوا أقلّ من 10% من المجتمع الليبي في أحسن تقدير.

ومهما كانت نسب التمثيل في المجتمع الليبي بين المتفتّحين والمتشددين فإنّهم جميعا يمثّلون كل طوائف ومكوّنات الشعب الليبي، وعليهم أن يتعايشوا مع بعض بكل تكامل وإنسجام يفصل بينهم الإحتكام إلى القانون والإنصياع لرأي الأغلبيّة الذي يتحدد من خلال صناديق الإقتراع...... فهل يستطيع الليبيّون الإحتكام إلى صناديق الإقتراع؟.

نحن نعرف يقينا بأنّ التنظيمات الإسلاميّة لاتعترف بصناديق الإقتراع، ولا تقرّها في أدبيّاتها؛ وإنّما إحتكام هذه الجماعات يتأتي دائما من خلال "فرض الأمر الواقع" بالتي هي أحسن إن إستطاعوا إلى ذلك سبيلا، أو بإستخدام العنف من خلال فتاوي التكفير على كل من يخالفهم الرأي... وهذه بحد ذاتها تعتبر كارثة ينبذها العقل، وتنبذها مفاهيم الحياة العصريّة التي نعيشها الآن.

العلمانيّة
العلمانيّة كلمة إستخدمت في غير مواضعها من قبل "الإسلاميّين".... ولا أدري إن كان ذلك بسبب عدم فهم لمعنى هذه الكلمة لأسباب عفويّة، أو ربما يرجع ذلك بسبب الإصرار على عدم الفهم لأهداف تكمن في نواياهم المبيّتة.
"العِلمانيّة" كلمة مشتقة من "العِلم" وهي منسوبة إليه بالكامل.... ومن هنا يمكننا القول بأن من يخشى من العلم هو وحده من يحارب العلمانيّة.

لماذا يخشى "الإسلاميّون" من العلم؟. هذا سؤال يحتاج إلى الكثير من البحث؛ لكنني هنا سوف أسرد بعض الملاحظات فقط من أجل عدم الإطالة؛ غير أنّني على إستعداد تام للغوص في تفاصيل هذه القضيّة حين يأتي وقتها.

عندما كنت صغيرا في السن كان فقهاء المساجد في ذلك الوقت يخيفون الناس من العلم لأن العلماء في نظرهم هم أوّل من يشرك بالله. كان البعض يقرأ علينا قوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، ويحاولون إفهامنا بأن الله يخشى من العلماء؛ ولكن كما نعرف فإن الأمر يتعلّق بالضمّة والفتحة وأين يضعهما القارئ. يمكنك أن تقرأها "اللهُ"، وأن تقرأ بعدها "العلماءَ" وهنا يمكنك القول وبكل ثقة بأن الله هو من يخاف من العلماء وفي هذا الكثير من الخلط والخبط اللغوي.... فما بالك بموضوع التدليس على كلام الله.

إذاً... يظهر واضحا من هنا بأن العلماء هم من يخشى الله، وبأنّه كلّما إزداد الإنسان علما؛ كلّما إزدادت خشيته من ربّه.

يقول الله تعالى: (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ) أي أن الله إصطفى "طالوت" على قومه ليكون ملكا عليهم بأن زاده علما.

قال الله تعالى: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ) وفي هذه الآية نرى أن الله يحدّثنا بأن الراسخين في العلم عندما يتشابه عليهم فهم القرآن يقولون "أمّنا به" وذلك لأنّهم يعتبرون عند الله من (أُولُو الْأَلْبَابِ) وهؤلاء يحسبهم الله أكثر خشية وإيمانا بالله وبكتابه.

قال الله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) وهنا نرى أن الله يضع العلماء في مرتبة تالية مباشرة لمرتبة "الملائكة"، وهل هناك أكبر قدرا للعلماء من هذه المنزلة بإعتبارهم في نهاية المطاف مجرد بشر.

الإلتباس الثاني الذي يقع فيه "الإسلاميّون" هو خلطهم بين علوم الحياة وعلوم الدين؛ وفي رأيهم فإن كلمة عالم تعني دائما "عالم دين" وكلّما تحدّث هؤلاء "الإسلاميّون" عن العلماء أو ذكروا "عالماً" في آحاديثهم فإنّهم يعنون فقط "عالم الدين"، والعلماء عندهم هم حصريّا " علماء الدين الإسلامي" وفي هذا الكثير من المجانبة للحقيقة.

خلق الله الحياة ملوّنة ليسعد بها الإنسان، وتنشرح لها أساريره حيث يتمكّن ذلك الإنسان من رؤية والإحساس بجمال خلق الله على الأرض التي يعيش عليها ويقتات من رزقها.
عندما يطلّ علينا فصل الربيع تزدان الطبيعة من حولنا بما يبعث المسرّة في نفوسنا، فيبعد عنّا شبح العبوس. يأتي الشتاء بعد الخريف وقد تحوّلت الدنيا إلى داكنة الألوان في معظم ربوعها نظرا لتساقط أزهار الربيع في الصيف، وتساقط أوراق الشجر في الخريف مما يؤدّي إلى إنحسار الأطياف، وشيوع الألوان الداكنة في الطبيعة من حولنا. يصاب الكثير من الناس بالكآبة الفصليّة في بداية ومنتصف فصل الشتاء بسبب البرد، وشيوع ألوان العبوس الداكنة على كل شئ حولهم.

يرى أغلب شيوخ ( علماء) الدين الحياة بلونين فقط هما (الأبيض و الأسود) فالأبيض عندهم يعني رضاء الله (الجنة)، والأسود عندهم يعني غضب الله (جهنّم وبئس المصير). يصاب أغلب شيوخ الدين بعمى ألوان مصطنع؛ وبذا نجدهم يسرعون إلى تكفير الناس بمجرّد إختلافهم معهم، والذي يكفّرونه وللأسف يبيحون هدر دمه بدون محاكمة. ألسنا نراهم يقتلون الناس وهم خارجون من المساجد في الجزائر، وفي المغرب، وفي مصر، وفي العراق، وفي الباكستان، وفي أفغانستان، وفي كشمير، وغيرها من بقاع العالم لمجرّد إختلافهم معهم في المذهب أو التفسير؟.
ألم يقتل هؤلاء المتشددون الأسلاميّون العلماء والمفكّرين، ورجال العلوم الحياتيّة، وأصحاب الأعمال الناجحين في نيويورك، وفي لندن، وفي إستانبول، وفي مدريد، وفي باريس، وغيرها من بلاد العالم المتقدّمة علميّا وحضاريّا؟. فعلوا كل ذلك وأكثر لأنّهم وللأسف يعيشون في عالمهم الضيّق، ولأنّهم يرون الدنيا بلونين فقط.

هل يسمح شيوخ (علماء) الدين بمزج الألوان في الحياة الدنيا ( موسيقى، رسومات، تصوير، إبداع، غناء، شعر، فلسفة، باليه، رقص، وغيرها)؟.
لا..... إنّهم لايسمحون بذلك لأن الحياة عندهم غير ملوّنة. هؤلاء الناس لايحبّون الألوان الزاهية، ولا يقرّون في أدبياتهم الضحك والإستبشار. إنّهم يفضّلون العبوس والحزن على إعتبار أن "الضحك ينسي المؤمن خضوعه لله"...... إنّهم يحرمون أطفالهم من مشاهدة التلفزيون، ومن اللعب على الحاسوب، ومن الإحتفال بأعياد ميلادهم، وحتى من تعليق صورهم في غرف نومهم؟. هل يحب هؤلاء المتزمّتون الحياة، وهل يفهمون معاني السعادة الدنيويّة؟. هؤلاء وللأسف يعتبرون أن سعادتهم مؤجّلة إلى يوم القيامة حيث يحلمون بجنّة الفردوس بحورياتها، وأنهار خمرها، وديمومتها. 

كيف نشأ فن العمارة في البناء، وكيف تغيّر شكل وإنسيابية السيارات والطائرات وحتى الدراجات في حياتنا عبر العصور؟. كيف تغيّر شكل المدن، وكيف تطوّرت وسائل الإتصالات، وكيف تغيّر شكل وتصميم الهواتف النقالة التي يتباهى بإستخدام أحدثها وأكثرها جمالا هؤلاء "الشيوخ"؟. ألم يحدث كل ذلك وغيره كنتيجة مباشرة لتطوّر فن الرسم والتصوير والإبداع الفنّي في حياة البشر؟. ألم يحدث كل ذلك كنتيجة لتمازج ألوان الطبيعة بفضل "إستخدام" العقل الإنسانيّ المبدع الذي يمنعه هؤلاء الشيوخ من الإبداع؟.

لنعود إلى كتاب الله نبحث فيه عن تعريف "العالم" عند ربنا: (لَّـٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ) هنا نلاحظ أن الله ميّز بين الراسخين في العلم والمؤمنين. يقول الله كذلك في شأن التفريق بين العالم والمتديّن: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ) وفي هذا نلاحظ أن الله يتحدّى أهل الكتاب بأهل العلم، ويرفع أهل العلم منزلة. وقال الله أيضا مفاضلا بين العلم والإيمان: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ ) بمعنى أنّه لو أن المرء أعطي العلم، وأعطي الإيمان فإنّه بذلك يصل إلى مراتب قريبة من ربّه؛ لأنّه بهما سوف يكون أقدر على تدبّر خلق الله والإحساس بوجوده. قال الله تعالى: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) وهو هنا يتحدّث إلى أولئك القادرين على التفكير والتدبّر، وقال أيضا: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) أي أن العلماء يرون كلام الله ويحسّون بقيمته وعلوّه.

البدعة
يحارب شيوخ الدين "علماء المسلمين" البدعة، ويقولون إن البادع والمبتدع في النّار. لا أدري بأي سند حكموا، وعلى أي علم إستندوا؛ لكنني على يقين بأنّ هؤلاء الناس لم يتمكّنوا من معرفة المعنى الحقيقي للبدعة. أليست هي البدعة مما أخذ من الإبداع؛ كما هي العلمانية مما أخذ من العلم؟. هل لكم أن تعطوني مصدرا آخر للبدعة غير الإبداع؟ هل يعاب على الإنسان في أن يبدع؟.

لقد إنتقلت الحياة من مستوى الإنسان الأول ( البدائي) إلى مستوى الإنسان المعاصر (المتحضّر) عبر تجارب إنسانيّة متواصلة تعلّم المرء خلالها كيف يبني على أفكار من سبقوه لينتقل إلى الأمام خطوة خطوة حتى وصلت الحياة على ما هي عليه اليوم.
كيف إستطاع الإنسان إن ينتقل إلى الأمام؟.
حبا الله الإنسان بملكة التفكير وذلك بأن زوّده بدماغ متطوّر فاق في تركيبته ووظيفته بقيّة مخلوقاته الأخرى. قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )، وقال أيضا: (قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ )، ومن هنا فكان لزاما على هذا المخلوق المتميّز بأن يفكّر، ويتأمّل، ويتدبّر، ثم بعد ذلك يخلق، ويبدع من أجل الإنتقال إلى الأمام (التقدّم).

لم يبخل الإنسان بعقله، ولا بعلمه، ولا بخياله على غيره من بني جنسه عبر العصور. نظر حوله فرأى عجائب خلق الله فأستوحى منها الفكرة وإذا به يطوّرها، وراقب مخلوقات الله الأخرى وهي تشقى من أجل رزقها فتعلّم منها وطوّر صنعها، وإستخدم الإنسان خياله وعمق تفكيره فإرتقى بحياته ليبتعد بها كثيرا عن حياة بقيّة مخلوقات الله؛ لأن هذا الإنسان عاد إلى نفسه ينظر فيها فأبصر عجائب الله في شكله وتركيبته...... إنتقل الإنسان إلى الأمام لأنه لم يتشبّث بالماضي، ولم يكرّره أو يتوقّف عنده.

عندما كنت طفلا صغيرا كنت إستمع كثيرا إلى هديل الحمام، وإرتسمت تلك النغمة في مخيلتي، وعندما كبرت إستمعت إلى هديل الحمام من جديد فلم ألحظ إي إختلاف على الإطلاق. نعم...لقد ظلّت الحمامة كما كانت؛ لم تتغيّر في شئ عبر العصور ذلك لأنّ مقدرتها الذهنيّة تحفظ بالتكرار؛ لكنّها غير قادرة على التخيّل والإبداع.

كيف كان يتكلّم الإنسان القديم، وكيف كان يتصرّف منذ زمن طويل، وكيف هو يتكلّم الآن، ويكتب، ويتحادث، ويتعامل مع الآخرين؟. كيف يتعامل إنسان اليوم مع الآلة، ومع التقنية، ومع الميكرسوفت؟. كيف تمكّن إنسان اليوم من النفاذ في في أقطار السموات والأرض، وكيف تمكّن من وضع قدميه على أسطح الكواكب الأخرى، وكيف إستطاع أن يتحكّم في الأشياء عن بعد ملايين الكيلومترت بكلّ دقّة، وبكلّ ثقة؟.

هل هذا الإنسان عندما أبدع أغضب الله؛ أم أنّه نال بذلك رضاء الله ومباركته له....؟. بالطبع لا.... فربّنا طلب منّا بأن نفكّر، وأن نبدع، وأن نستخدم عقولنا. يقول الله تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا)، ويقول أيضا: (كَذَ‌ٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )، ويقول أيضا: (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) صدق الله العظيم.

من هنا والكثير غيره فإنّني أدعوا جميع أهلنا في ليبيا بأن ينظروا إلى الأمام، وأن يتسلّحوا بالعلم والمعرفة من أجل اللحاق بالآخرين؛ بل والتفكير في تقدّم مسيرة سبر أغوار المستقبل.

علينا أيها الأحبّة يا أبناء وبنات ليبيا أن نتسلّح بالعلم والإيمان، وأن نحرّر أنفسنا من التشبّث بالماضي؛ فليس منّا من بيده إرجاع ساعة الزمن إلى الوراء، وليس بيننا من يرغب في أن يعيش حبيس ذلك الماضي السحيق لأنّ ذلك الماضي كان ينتمي إلى غيرنا من البشر؛ فنحن – كغيرنا من بقية البشر – نحلم بالغد، ونسعى جاهدين لبلوغه؛ فبهذا نحسّ  بأنّنا إنّما ننفّذ ما أمرنا الله به.

ما الذي سوف نكتسبه من إتبّاعنا لهذه التنظيمات السلفيّة؟
حسب علمي فإنّه توجد في ليبيا تنظيمات صغيرة من حيث عدد المنتمين إليها، وهذه التنظيمات في مجملها تعتبر تنظيمات دينيّة متشددة تحاول إقناعنا بالعودة إلى الوراء للعيش مثل أسلافنا الأوّلين الذين عاشوا في عهد الرسول عليه السلام منذ أكثر من 1400 سنة.

التنظيمات الإسلاميّة الموجوده في ليبيا تشمل: تنظيم الإخوان المسلمون، تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة، تنظيم حزب التحرير الإسلامي، تنظيم حزب العودة، وبعض من السلفيين والوهابيين الذين يتبعون مذهب وتفكير المتشددين في السعوديّة.

عدد المنتمين إلى هذه التنظيمات الدينيّة المتشددة في بلادنا قد لايتجاوز بضعة مئات تعدّ على الأصابع، وإحتمال زيادة عدد المنتمين إليها مرشّح للتناقص أكثر منه للزيادة؛ ذلك لأن الناس عندما تضيق بهم السبل، وعندما يفرض عليهم الجور والطغيان يلجأون إلى الله باحثين عن ملجأ يحميهم؛ ويجد أتباع تلك التنظيمات الدينيّة فرصتهم في مثل هذه الظروف الصعبه من أجل التأثير على عقول الغلابة فيتحصّلوا بذلك على بعض الأتباع؛ لكن بلادنا الآن بدأت تتحرّر، وشعبنا بالتأكيد بدأ يحلم الآن بحياة مستقبليّة كلّها تفاؤل، وأمل، وإستبشار؛ فلا أظن - والحالة هذه - بأن أحد من الليبيين سوف يلتجئ بعد اليوم للإحتماء بتلك التنظيمات الإسلاميّة المتشددة؛ خاصة وأن مثل هذه التنظيمات لاتحترم حريّة الإنسان، ولا تسمح له بالتفكير أو الإختيار بعيدا عن أبجدياتها وهوامشها، وتقف في وجه أي إبداع وتقدّم، وهي كلّها في حقيقتها تحارب الحريّة، وتحارب الديموقراطية، ولا تؤمن بالإنتخابات، ولا تعترف بالتناوب على السلطة من خلال صناديق الإقتراع. هذه التنظيمات الدينية تؤمن بنظريّة "وليّ الأمر" الذي تتوجّب طاعته العمياء، وتمنع محاسبته ( فالحاكم عندهم يحكم بالتفويض الإلهي... أي أنّه يحكّم فقط ضميره وقياساته !)، وكذلك يمنع إنتقاده، أو الكشف عن مساوئه؛ فالحاكم عند أغلبهم يعتبر "منزّهاً"، وعند الأكثر تشدّدا "معصوماّ" عن الخطأ.

هذه العقلية لايمكن أن يستوعبها جيل اليوم الذي يتعامل مع وسائط ثقافيّة مختلفة تماما عمّا كان يحدث في الماضي القريب ( 10-20  سنة)...... جيل اليوم يتعامل مع الإنترنت، وسائط التواصل الإجتماعي، الهواتف النقّالة، ويتعامل بثقافة "الرسائل النصيّة" التي بواسطتها يتحصّل الشاب على المعلومة التي يريدها بما في ذلك المعلومة الدينية؛ مما همّش – وبكل قوة – دور "الشيخ"، أو "الفقيه"، أو ما يسمّى ب"عالم الدين"، أو "المفتي".

جيل اليوم لم يعد في حاجة إلى فتوى من هنا أو من هناك من شخص في أغلب الأحيان يقلّ مستواه الذهني، والمعلوماتي عن شاب يصغره بأكثر من 4 عقود من الزمان..... جيل اليوم يبحث عن المعلومة من مصادر مختلفة ثم يقوم بتمحيصها، وتحليلها، وبعد ذلك يخرج بنتيجة تكون من نتاج فكره فيقتنع بها بدل أن تملى عليه بصغة الأمر الملزم.
كذلك فإن جيل اليوم يعيش حياة متنوّعه يعتبر الدين جزءا منها، وليس كلّ فيها كما كان الحال في فترة ما قبل السبعينات. حياة اليوم تشتمل على العلم، والإقتصاد، والفضاء، والسياسة، والإستراتيجية في التفكير والتنظير، وفي علوم الإجتماع التي كانت مهملة في ثقافة الأجيال السابقة. إذا لم نتمكّن من تحويل الدين إلى وعاء كبير يتسع لكل هذه العلوم فإننا سوف نحكم عليه بالإنقراض.

مشكلة رجل الدين في عالمنا الإسلامي أنّه لم يتمكّن من مواكبة العصر، ولم يجهّز نفسه لمتطلّبات هذا الزمن؛ وبذلك ظلّ يراوح في مكانه بل إننا نجد الكثيرون يجدون ظالّتهم المنشودة في ثقافة الماضي السحيق لأنّهم بذلك فقط يستطيعون التميّزعلى غيرهم ولو كان ذلك على مفهوم أن "أهل مكّة أدرى بشعابها". هؤلاء "السلفيّون" قد يتمكّنوا من إقناع "المغفّلين" بفكرهم وتفكيرهم؛ غير أن بضاعتهم سرعان ما تفقد صلاحيتها لأنّها وبكل بساطة لم يعد بإمكانها المنافسة في ما هو معروض في عالم اليوم مما يؤدّي إلى تسرّب مفهوم لدى أجيال اليوم والغد مفاده أن عهد "فقهاء الدين"، و "علماء الدين"، و "شيوخ الدين" هو في طريقه إلى الإنقراض السريع جداّ؛ غير أن أمثال أولئك الناس لايستسلمون بكل بساطة ذلك لأنّهم لا يستطيعون التخلّي عن "هيبتهم"، عن "قدسيّتهم" وعن "عالمهم المخملي المهيب" في المجتمع.... أو كما يتصوّرون. هؤلاء الناس – مثلهم في ذلك مثل طغاة السياسة – يعيشون في عالم "وهمي" من صنعهم يرتكز أساسا على التخيّل والتصوّر البعيد عن الواقع؛ وعندما يكتشفون بأن الزمن كان قد سبقهم لايستطيعون هظم ذلك أو إستيعابه لأنّهم لو تنازلوا عن عالمهم "الخياليّ هذا" فإنّهم سوف يفقدون كل شئ... وهذا يعتبر من أصعب الأشياء بالنسبة لهم.
إذاً... والحالة هذه، وإعتمادا على خاصيّة التفكير وإستعمال العقل مع بعض من الواقعيّة (البراغماتيّة... التي يعتبرها هؤلاء من باب المحرّمات مثلها مثل العلمانيّة، والإبداع، والديموقراطيّة، والإنتخابات) فإنّه يتوجّب على كل أهلنا في ليبيا – بما في ذلك أتباع الجماعة الليبية المقاتلة من أمثال السيّد عبد الحكيم بلحاج، والسيّد إسماعيل الصلاّبي، والدكتور على الصلاّبي، وغيرهم كثيرون – أن يعيشوا الواقع، وأن يفكّروا بعقولهم، وأن يتخلّوا عن قناعاتهم القديمة التي عفى عليها الزمن،وأن ينظمّوا إلى بقيّة أبناء الشعب الليبي ليكوّنوا معا أسرة ليبيّة واحده تؤمن بحريّة الإختيار، وحريّة التفكير، ومبدأ التناوب على السلطة، مع إسقاط نظريّة "ولي الأمر"، و "راعي الأمة"، و "خادم الحرمين"، وغيرها من التسميات التي عفى عليها الزمن لأنّها لم تتمكّن من تطوير نفسها، أو تحديث أدبيّاتها. على هؤلاء وأمثالهم أن يعترفوا في داخل أنفسهم بأن عهد "الخلافة الإسلاميّة" كان قد ولّى وإنهزم، وعلى أنّه سوف لن يعود أبدا فالتاريخ قد تتشابه أحداثه لكنّها لن تتكرر أبدا حتى وإن حاولنا. قطار الحياة يسير في إتّجاه واحد، وساعة الزمن لايمكنها إلاّ أن تدور إلى الأمام؛ وعلينا أن نعيش الواقع، ونصبح جزءا منه إن نحن أردنا الإنسجام مع الآخرين.

نحن كلّنا مسلمون في ليبيا، وإيماننا وسطي متفتّح على العالم من حولنا؛ ما الذي يدفعنا إلى الإنغلاق على أنفسنا، والسعي نحو التكلّس والإنزواء؟. علينا أن نحافظ على معتقدنا النقي البسيط، وعلينا أن نحافظ على تجانسنا الفريد من نوعه، وعلينا أن نستمر في إحترامنا للمرأة في بلادنا ، وتقديرنا لدورها بإعتبارها تمثّل نصف المجتمع على عكس ما يحدث في السعوديّة ، وأفغانستان، وحتى في أجزاء كبيرة من العراق حيث تحرم المرأة من أغلب حقوقها بما في ذلك الأساسيّة منها مثل قيادة السيّارة. علينا أيضا أن نرى الأنثى في ليبيانا من خلال إنسانيّتها، ومن خلال قدراتها وتفكيرها لا من خلال تصوّرنا لها. علينا أن نتوقّف عن التفكير للمرأة بالنيابة عنها بحجّة "القوامة" فتلك لها مواضعها، وتلك لها حيثيّاتها التي وردت في كتاب الله.
علينا أن نرى المرأة بمنظار مختلف تماما عن ذلك الذي يراها من خلاله رجل الدين "المتزمّت" على أساس أنّها "فتنة تمشي على الأرض"، أو كما يقول بعضهم " شيطان في هيئة أنثى"، أو أنّها "مصدرالفتنة"  في الحياة الدنيا.

على الرجال في بلادنا أن يبدأوا بإصلاح ذوات بينهم بدل لوم المرأة على محاولات "إغوائهم" بهدف جرّهم إلى المعصية، وعلى الرجل في ليبيا الجديدة أن يعامل أخته المرأة على أنّها "إنسان مثله" لها مشاعرها، ولها كرامتها، ولها آحاسيسها، ولها أيضاّ قدرتها الذهنيّة التي قد تتفوّق على نظيرها الرجل. على الرجال في بلادي أن لايحسّوا بالدونيّة حين تتفوق على بعضهم المرأة في شأن معيّن من شئون الحياة.... ولما لا إذا كانت قناعتنا بأنّ المراة مثلها مثل الرجل لها عقل تفكّر به، ولها إرادة تدفعها إلى الفعل والتغيير. علينا أن نتخلّص من تلك المفاهيم التي ظللنا نكرّرها عبر العصور والتي تقول بأنّ "المرأة ناقصة عقل ودين". هل برهن أحدنا على صدقيّة هذه الفرضيّة؟.
هناك الكثير من الأدبيّات التي نسجها الرجل، ورسم معالمها على قياسه حين كان يصول ويجول في ميدان الحياة لوحده بينما كانت المرأة "مغيّبة" عن عمد - خوفاّ من تفوّقها في معظم الأحيان - بحجّة أن "هذا شغل رجال !"، وهذه الأدبيّات هي بدورها تحوّلت إلى "تاريخ" غير مأسوف عليه .
على الرجال في بلادنا أن يعيشوا الواقع، وأن يتنازلوا عن "مكابرتهم" المصطنعة، وأن يشعر الرجل بآحاسيس المرأة على أنّها إنسانة مثله حين يحاول "الفطحل" عندنا إنطلاقا من إيحاء غرائزه الحيوانيّة بأن يفسّركلام الله حسب هواه بحيث يعمل جاهدا مستغلاّ "علومه الفقهيّة" في تطويع الحكمة الربّانيّة - التي أوجدها الله فقط لحل مشاكل آنيّة إستثنائيّة - لإشباع غرائزه الحيوانيّة مثل قوله تعالى: ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) بحيث تغافل شيوخ الدين الشطر الأوّل من الآية فأخذ الرجل منهم يجمع من النساء ما طاب له بهدف التلذّذ وإشباع الغرائز. هل فكّر "المشرّع الّلاهوتي" في تلك المرأة التي هجرها لواحدة أخرى في نصف عمرها ... هل فكّر في آحاسيسها، وفي كبريائها، وفي كرامتها؟.
هناك الكثير من آيات الله وضعت للناس لتبيّن لهم أن الدين يسر وليس بعسر فإستغلّوها في غير مواضعها مستعينين في ذلك بخاصيّة التطويع اللغوي لمعاني الكلمات بما يخدم الغرض... مثل قوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، وكذلك  قوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)، وغيرها من الآيات القرآنيّة التي فسّرها "الشيوخ" حسب أهوائهم مستعينين في ذلك بأقوال السابقين، وآحاديث نسبت إلى النبي عليه السلام؛ وحين لم يجدوا نصّاً يساعدهم على بلوغ مبتغاهم إلتجأوا إلى "بدعة" الإجماع..... إجماع الأمّة!.

  وختاماً... علينا كليبيين أن نقدّر علم، وذكاء، وخبرة، وكفاءة الدكتور "محمود جبريل" لأنّه وبكل صدق يعتبر من أجود ما أنتجت بلادنا من الرجال المخلصين، والواقعيين، والعمليّين.
هذا الإنسان الليبي علينا أن نحترمه، وأن نكبره، وأن نقف معه ندعمه ونستفيد من علومه وخبرته من أجل ليبيا، ومن أجل أنفسنا؛ لا أن نحاربه، ونقف في وجهه بحجج واهية وهامشيّة.

الكلام الذي قاله السيّد إسماعيل الصلاّبي في حق الدكتور محمود جبريل - إن كان حقيقة - يعتبر مردودا عليه بالكامل؛ وإذا كان السيّد إسماعيل الصلاّبي مصرّا على ما قاله فإنني أدعوه لأن يستمع إلى أراء الليبيين في الدكتور محمود جبريل من خلال صناديق الإقتراع الحرّة فتلك الوسيلة هي وحدها التي سوف نحتكم إليها كليبيين منذ الآن فصاعدا؛ أمّا تلك الأيّام الخوالي التي كان القرار فيها يفرض علينا بعيدا عن صناديق الإقتراع فقد ولّت... وسوف لن تعود بإذن الله.
إذا كان السيّد إسماعيل الصلاّبي يتحجّج على الدكتور محمود جبريل بأنّه كان قد خدم مع الطاغية القذّافي؛ فإنني أدعو السيّد إسماعيل الصلاّبي أن يحدّثنا عن الصلاّبي الآخر الذي أظن بأنّه من أقربائه وهو الدكتور علي الصلاّبي. هل تحدّثنا سيدي العزيز عن علاقات الدكتور علي الصلاّبي بسيف القذّافي وأيّام "ليبيا الغد"، وتلك "المراجعات" التي فرضها على الجماعة الليبية المقاتلة من أجل التقرّب إلى سيف الطاغية القذّافي والحظي بشئ من جاهه وسلطانه المصطنع؟.

علينا أن نسمّي الأشياء بمسيّاتها، وعلينا أن نعي بأن كل الليبيين هم أبناء وبنات ليبيا، وكل من كان قد عمل مع القذّافي ما هو إلاّ أحد أبناء هذا البلد، ولا يجوز مطلقا "إجتثاثه" لذلك السبب وحده. إن كل من تحوم حوله الشبهات مهما كانت صغيرة يجب محاكمته بخصوصها ولنحتكم جميعنا لسلطان القضاء كي نحلّ مشاكلنا بدل الحكم على الناس بالمزاج وحسب الأهواء.

على السيّد إسماعيل الصلاّبي أن يدرك بأنّ أكثر من 90% من الليبيين القادرين كانوا قد تعاملوا مع القذّافي بشكل أو بآخر خلال فترة إستمرّت لأكثر من أربعة عقود من الزمان.... فمن هو ذلك الذي تريد أن تجتثّه يا سيّد إسماعيل الصلاّبي، وهل تعلّمت شيئا يذكر من دروس العراق؛ باب "إجتثاث البعث"؟.

ملاحظة مهمّة: الكلام المذكور أعلاه لا يعني شيوخ بلادي ودعاتها الأعزّاء الذين نجلّهم ونحترمهم لأنّهم منّا، ولأنهم وسطيّون مثلنا، ولأنّهم لا يدعون إلى التشدّد والمغالاة في الدّين. كل ما ذكر أعلاه يعني بالتحديد أولئك المتشدّدين الذين يسيئون إلى الإسلام بقصد أو بغير قصد نتيجة لنهجهم المتشدّد، وسلوكهم المتعنّت، وكذلك مظاهرهم المقرفة في اللباس وترك اللحي الشاعثة. هذه المارسات، والمظاهر الغريبة تسئ إلى الإسلام بشكل كبير، وتعطي الإنطباع بأن الإسلام هو دين تخلّف غير مهيأ للتعايش مع العصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك