2023/01/02

لو أنني كنت مترشّحاً لرئاسة ليبيا

 إن بناء الدولة العصريّة ليس مستحيلاً، وتحقيق النجاحات المتكرّرة ليس متعسّراً. كما أنّ نشر العدل والمساواة في الوطن ليس خيالاً، ونظافة اليد والنزاهة وعدم التعدّي على أموال الدولة وممتلكاتها - التي هي أموال وممتلكات الناس من أهلها - هي من أسس ديننا الذي نؤمن به ونقول بأنّنا نسير على هداه وتعاليمه. إن كل إنسان صادق ومخلص ونظيف بوسعه أن يحقّق النماء والرخاء والإزدهار لبلده إن هو فقط صدق مع نفسه وأخلص في تصرّفاته، وأحسّ بمصائب الغلابة من بني وبنات بلده.

لو أنّني فكّرت في الترشّح لرئاسة ليبيا لكنت قلت لكل الفاسدين من أهلنا، والذين لايرون غير منافعهم ولا يحفلون بغير مصالحهم... لكنت قلتها لهم جميعاً وبكل جهارة ووضوح وبدون تردّد أو خوف؛ حتى وإن وجد من قد يهددني بالقتل أو الإغتيال: يا أيّها السرّاق، يا أيّها الفاسدون، يا من لا تهمّكم غير أنفسكم، يا ذوي الأفق الضيّقة والنفوس المريضة... اقول لكم إن من تسرقونهم هم أهلكم، ومن تدمّرونها هي بلدكم وعنوانكم ومأوى أطفالكم.

أقول هذا الكلام اليوم؛ لأنّني علمت أخيراً بأن حقراء من البرلمان وأعضاء في حكومة السرّاق، وخبثاء من المجلس الرئاسي، وأنذال من المجلس الأعلى للدولة يسعون الآن وقبل فوات الآوان لتعيين أنفسهم "سفراء" للشعب الليبي في الخارج !!. حقراء وسرّاق ومنافقين يتحوّلون إلى "سفراء" وملحقين يمثّلوننا لدى بقية بلاد العالم.... هل توجد مهزلة وحقارة ودناءة أكثر من هذه؟.

أقول لو أنّني كنت مترشّحاً لرئاسة ليبيا لكنت أقسمت من واقع ضميري، ومن إيحاء قلبي ويدي على المصحف وأمام كل أبناء وبنات الشعب الليبي على أنّني سوف لن أنهي فترة رئاستي قبل عمل الآتي:
  1.  محاكمة كل من سرق وإرتشى وتآمر على الشعب الليبي، ولو قضيت كل فترة رئاستي في محاكمة السرّاق والمرتشين.
  2. لقمت بقفل جميع السفارات والقنصليات والملحقيات الليبية في الخارج، ولأعدت كل الموظّفين الليبيين والليبيات بدون إستثناء - ويشمل ذلك ممثلي ليبيا في المنظّمات الدولية - ولكنت أبقيت مكاتبنا وسفاراتنا في الخارج مقفلة بالكامل لمدة 4 آسابيع تتم خلالها إعادة هيكلة وتحديد كل تلك المرافق، ومن بعدها تعيين من يقدر ومن يستحق في الوظيفة المناسبة مع المحاسبة والمتابعة والغربلة، وكذلك التركيز على تقليل الممثليات الليبية في الخارج لأقل عدد يمكننا به خدمة مصالح بلادنا في الخارج.
  3. لقمت بالتحقيق الدقيق والمحاكمات العلنيّة لكل من مثّل ليبيا في الخارج منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا، مع معاقبة كل من يثبت عليه أي جرم من خلال المحاكم.
  4. لقمت بتعيين من أعرف بأن يده نظيفة وضميره نقيّاً تجاه أموال ومدخّرات الشعب الليبي، ولحاكمت كل من تظهر الشبهات عليه من خلال وسائل الإعلام، أو أجهزة الرقابة، أو أجهزة المتابعة التي سوف أنشئها في كل مكان في ليبيا.
  5. لكنت عملت من نفسي المثال النقي (القدوة) لكل موظّف ليبي في داخل الوطن وخارجه من خلال النقاء والنزاهة والشفافية في كل شئ أعمله ولو كان ذلك صغيراً.
  6. لكنت تركت وسائل الإعلام بجميع أنواعها في أن تنتقد كما شاءت، وأن أشجعها - بل أدفعها - لإنتقادي أنا شخصيّاً كمثال صارخ وواضح لكل البلد.
  7. لكنت وضعت هدفاً سامياً ونبيلاً لأن تكون ليبيا في قائمة بلاد العالم في الشفافية والمحاسبة وإنحسار الفساد، ولكنت تركت وظيفتي لأيدي أمينة من بعدي أعدّهم وأجهّزهم خلال فترة رئاستي للدولة الليبية؛ ويكون كل ذلك من خلال صناديق الإقتراع الحرّة.
  8. لكنت توعّدت أمام الشعب الليبي وبكل ثقة بأنّني سوف أنهي سنوات حكمي تاركاً خلفي بلداً كل موظّفيه - من أعلى سلطة في الدولة إلى أدناها - قمّة في العفّة والنزاهة والإخلاص في العمل.
  9. لكنت ألغيت دار الإفتاء، وأنهيت تدخّل رجال الدين في شئون الدولة إلّا من خلال تكوين "مجلساً إستشاريّاً" يكون كل أعضائه من خيرة رجال ليبيا في كل "التخصّصات الحياتيّة" بما فيهم بالطبع خيرة رجال الدين ليكونوا كلّهم بمثابة "دار الإفتاء" ويعرفوا يقينيّاً بأن مهامهم لا تتعدّى "الإستشارة والنصيحة" ولا تلزم الدولة قانونياً في أي شئ.
  10. لكنت نقلت الهيئة العامة للأوقاف بموظّفيها وممتلكاتها ومدخّراتها لوزارة المالية من حيث المتابعة والمحاسبة والمسئولية على أن تصرف أموال الأوقاف بأذونات موثّقة في مجالاتها الإنسانية المعروفة.
  11. لكنت قضيت بالكامل وفي فترة رئاستي على كل أشكال المركزية، ولكنت شملت كل شبر من الأرض الليبية بالعدالة في الإنفاق والإنماء والخدمات. لكنت جعلت من "المحافظات" بمثابة حكومات محلّية لها صلاحيات مرافق الحكومة في مواقعها من حيث الميزانية والتخطيط ومشاريع الإنماء في داخل كل محافظة ببلدياتها التابعة لها.
  12. لكنت شكّلت هيئة مهنية مقتدرة تكون مهمّتها التعرّف على كل مصادر الدخل في الدولة الليبية، والعمل على إستثمار كل إمكانيات بلادنا الطبيعية من أجل ضمان تنوّع مصادر الدخل وإحداث الرفاه المستديم والآمن في بلادنا.
  13. لقمت بسن برنامج إلزامي في كل مرافق الدولة Appraisal تكون مهمّته تثمين وإعادة تأهيل كل موظّف في الدولة الليبية سنوياً، وتدريب كل من يخفق في أداء عمله وفق أحدث الأسس بحيث تتم عملية التحقق من الأهلية لكل موظّف في الدولة الليبية Revalidation كل 4 سنوات بدون توقّف أو إنقطاع.
  14. لكنت سنّيت برنامجاً متكاملاً في كل مرافق الدولة يرتكز على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب مع التركيز على إمكانية الإستفادة القصوى من كل العقول والخبرات الليبية؛ بما يشمل ذلك تشجيع العقول الليبية المهاجرة للعودة إلى ليبيا والإستفادة القصوى منها في داخل البلاد مع توفير لهم كل ما يستحقّونه من تقدير وإحترام في داخل بلدهم.
  15. لكنت زرعت بين الناس ثقافة الأخوّة والتآلف والتحابب والتعاون والتواصل من خلال برامج توعوية وتثقيفية تختار لها أفضل العقول الليبية النيّرة من رجال ونساء بحيث يعاد بناء الثقافة المجتمعية على أساس الإحترام المتبادل والثقة بالنفس والعمل الجماعي من أجل الوطن. هذه البرامج التوعويّة سوف تشمل بكل تأكيد الرفع من قيمة المرأة في بلادي والإستفادة القصوى من ذكائها وحسن إدارتها للأمور؛ بحيث لا يسمح إطلاقاً بإهانة المرأة أو التقليل من شأنها وقدراتها في ليبيا من أي طرف ومن أية جهة مهما كانت المسمّيات، ومهما كانت المبرّرات.
تلك هي نقاطي ال15 التي سوف ألزم نفسي بها وألتزم بالعمل على تطبيقها خلال فترة حكمي كرئيس للبلاد؛ على أن أقبل بالخضوع للمحاكمة العلنية إن فشلت في تحقيقها، وأتحمّل المسئولية القانونيّة على ذلك.
بالطبع أنا لست مترشّحاً لرئاسة ليبيا، وسوف لن أرشّح نفسي بكل يقين حتى ولو كنت معروفاً في كل ليبيا. السبب في عدم ترشّحي هو أنّني أرى بأن العقول والخبرات (التكنوقراط) الليبية يجب الإستفادة من قدراتها الذهنية والتقنية في مجالاتها - وليس لتحكم أو تتحكّم - من أجل الرفع من قدرات بلادنا الريعيّة والإنمائية والتصنيعية حتى تصبح ليبيا بالفعل قمر أفريقيا المشرقة، ونجمة المتوسّط اللامعة، ومن بين بلاد العالم المتقدّمة في كل شئ بدءاً بالقيم الإنسانية أسوة بدول أسكندينافيا، سويسرا، أيسلندا، واليابان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك